أفرجت الولايات المتحدة الأمريكية، أخيرا، عن وثيقة جديدة من أرشيف علاقاتها الخارجية، عبارة عن محضر محادثة بين هنري كيسنجر، كاتب الدولة الأمريكية في الشؤون الخارجية (1973-1977)، وبيدرو كورتينا، وزير الشؤون الخارجية الإسباني خلال فترة (1974-1975)، تتعلق بهجوم مسلح فكر الملك الراحل الحسن الثاني في تنفيذه ضد إسبانيا في الصحراء، أشهرا قبل المسيرة الخضراء.
المحادثة جرت في 4 أكتوبر 1975، على الرابعة عصرا و15 دقيقة، بمقر سفارة إسبانيا بواشنطن، وتحدثا فيه الطرفان، عن ملك المغرب، الذي استفاد من صفقة سلاح أمريكة قيمتها 20 مليون دولار، ومسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى دفع الأطراف للتفاوض تفاديا للحرب، التي كانت ستشمل أيضا الجزائر، علاوة على "عصبية وانفعال الحسن الثاني"، ومسعاه إلى "حل مشكلة الصحراء بدون التعاون مع الأحزاب". "تيل كيل عربي" يقدم لكم ترجمة كاملة للوثيقة الأمريكية.
كيسنجر: لدينا معلومات تتعلق بهجوم مغربي محتمل في الصحراء، وأريد أن تعلموا أننا قمنا بحث ملك المغرب ألا يقوم بذلك، أي ألا يقوم بأي شيء غير محسوب العواقب، وقمنا بحثه على التفاوض، كما أحثكم أيضا على القيام بالمثل.
كورتينا: نحن مستعدون للقيام بذلك، وقلنا أننا سنقوم بذلك، ولكن في الوقت ذاته، من المهم إرساء شكل للاستفتاء حول تقرير المصير مع ضمانات التفاوض وإرضاء الأطراف. تقرير المصير لا يعني الاستقلال، إنما سيكون خيارا من الخيارات الممكنة ليتمتع الأمر بالمصداقية، وما سيدعى سكان المنطقة إلى القيام به هو إظهار تفضيلهم للمغرب أو موريتانيا.
كيسنجر: المشكلة أن الناس لن يعرفوا ماهو المغرب وماهي موريتانيا.
كورتينا: للأسف، لقد تعلموا بالتجربة من هي هذه البلدان، ويعرفون أنها كلها اختيارات ممكنة.
كيسنجر: نحن مسنعدون لاتستعمال تأثيرنا من أجل المفاوضات.
كورتينا: حسب المستجدات الهجوم المغربي لن يكون فقط على الصحراء، إنما حتى على الجزائر.
كيسنجر: المغاربة لن يكونوا مجانين إلى تلك الدرجة.
كورتينا: بدوري أعتقد بذلك
كيسنجر: لقد وجهت رسالة إلى الملك أطلب منه ألا يتسرع.
كورتينا: إنه أمر مهم، لأنه بحصوله على أسلحة أمريكية، لديكم قدرة تأثير لا يتوفر عليها الآخرون. المغرب لديه أيضا أسلحة من الاتحاد السوفياتي.
كيسنجر: لم نعطيه كثيرا من الأسلحة، حوالي 20 مليون دولار على ما أعتقد، نعتقد أنه قد يهزم.
كورتينا: المستقبل هو الذي سيقول ذلك. ولا أريد أن أستبق، وأتمنى ألا يحدث شيء، لأنه سيكون أمرا حزينا.
كيسنجر: نعم، سيكون الأمر مؤسفا جدا، ونحن نحاول أن نحول دون وقوع شيء.
كورتينا: المأسوف عليه هو أن الملك صار في الآونة الأخيرة عصبيا جدا، وحسب معلوماتنا، يريد أن يعالج المشكل انفراديا وبوسائله الدبلوماسية، ودون تعاون مع الأحزاب السياسية أو الجيش، ولو أنه يحاول في الوقت نفسه التحكم والتلاعب بهم، علاوة على أن وجود سكان جزائريين وموريتانيين على الأرض يعقد المشكلة.
كيسنجر: إذا تفاوض معكم، سيكون له حظ الحفاظ على المغرب.
كورتينا: لقد حاول معي بشكل قوي في غشت الماضي من أجل ألا نخبر الأمم المتحدة بخططنا لإنهاء الاستعمار، ولكن شرحت له بأن علينا القيام بذلك.