تؤكد وزارة الاقتصاد والمالية على ضرورة واستعجالية إبرام عقد البرنامج الجديد بين الدولة والخطوط الملكية المغربية قبل نهاية العام الحالي، وهو العقد الذي مافتئت الناقلة الوطنية تطالب به من أجل مواجهة المنافسة ومواكبة الرؤية السياحية التي يدعو إليها المهنيون في القطاع.
يجد العقد البرنامج مبرره، حسب تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية حول المؤسسات والمقاولات العمومية العمومية، في الرغبة في توطيد ما أنجز في إطار عقد البرنامج الذي سرى بين 2011 و2016، وتعزيز تنزيل المخطط التنموي للشركة الذي يرنو إلى جعل مطار محمد الخامس للدار البيضاء قطبا، وتطوير الأسطول الجوي من أجل تمكين الناقلة الوطنية من الوسائل الكفيلة تعزيز موقعها في القارة الإفريقية وتطوير فروعها في القارات الأخرى، وذلك خدمة لقطاع السياحة الوطنية.
استعجالية العقد الجديد
يأتي تأكيد الوزارة على استعجالية إبرام العقد الجديد، في سياق ملاحظة تأثر نتائج الناقلة الوطنية بتأثيرات المنافسة وكلفة الوقود، فإذا كان رقم معاملات الشركة المتوقع سينخفض بنسبة 2,9 في المائة في العام الحالي، مقارنة بالعام الذي قبله، كي يستقر في حدود 16,29 مليار درهم، فإن الشركة تترقب تكبد خسارة في حدود 102 مليون درهم في 2019، بعد ربح في حدود 225 مليون درهم العام الماضي.
وتترقب الشركة إنجاز أداءات برسم استثمارات في حدود 3,07 مليار درهم في العام المقبل، قبل أن ترتفع إلى 3,69 مليار درهم في 2021 وتنخفض في 2022 إلى 3,3 مليار درهم، غير أن تلك الاستثمارات تبدو غير كافية بالنظر لتطلعات الناقلة الوطنية.
وتنتظر الخطوط الملكية المغربية، منذ عامين، رد الحكومة، من أجل توقيع العقد البرنامج الذي سيربط الدولة بالناقلة الوطنية، غير أنه يتجلى أن الحكومة تتجه نحو إعادة النظر في الأهداف التي حددها رئيس "لارام".
وقدمت الناقلة الوطنية مقترحات للحكومة ترمي، من ورائها، إلى نقل عدد طائراتها من 61 طائرة إلى 120 طائرة، ما سيقتضي استثمارا يتعدى 30 مليار درهم.
وتتطلع الخطوط الملكية المغربية، عبر إبرام عقد برنامج مع الحكومة، إلى ضخ أموال في الشركة يساعدها على توفير أسباب دعم تنافسيتها، في ظل صعود شركات نقل جوي منافسة مثل الإثيوبية والجزائرية والتركية.
وسبق لمدير الخطوط الملكية المغربية، عبد الحميد عدو، عند مثوله أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، قبل أشهر، أن أكد على خطر المنافسة التي تواجهها الناقلة الوطنية من شركات صاعدة، تمكنت من تعزيز أسطولها، حيث ضرب مثلا بالخطوط الجزائرية، التي تقتفي أثر الخطوط الملكية في الأسواق التي تحط بها، والخطوط الإثيوبية، التي عززت قوتها الضاربة بإضافة 65 طائرة إلى أسطولها الذي يصل حاليا إلى 110 طائرة.
مشاكل المنافسة
يستحضر مسؤولو الخطوط الملكية المغربية كثيرا نموذج الخطوط الجوية التركية، التي يرون أنها كانت في نفس مستوى الخطوط الملكية المغربية، قبل 12 عاما، غير أن أسطولها انتقل إلى 331 طائرة، وهو عدد ينتظر أن يقفز إلى 500 طائرة في 2023، وهو إنجاز تحقق بفضل الدعم الذي خصت به الدولة التركية ناقلتها الوطنية، كما يوضح الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية.
وتشير الخطوط الملكية المغربية، التي تتوفر على 61 طائرة، تواجه منافسة شديدة من تلك الشركات، موردة مثال الخطوط التركية، التي أضحت تستقطب زبناء الناقلة الوطنية، بعدما كشفت عن فتح أزيد من 20 خطا جديدا في إفريقيا والشرق الأوسط.
ويعتبر مراقبون أن جزءا كبيرا من مشاكل المنافسة، التي تشتكي منها الشركة، عائد إلى كون الحكومة لم تؤشر على خارطة الطريق، التي سلمت لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، في يناير من عام 2017، كما سلمت لخلفه سعد الدين العثماني.
ويرون أن إبرام عقد برنامج مع الناقلة المملوكة للدولة، ما سيساعد على ضخ أموال في الشركة، يساعدها على توفير أسباب دعم تنافسيتها، خاصة أن عبد الحميد عدو، الرئيس الحالي، كان عبّر عن اتجاه النية نحو مضاعفة عدد الطائرات التي تكون أسطول الناقلة.
ويشير مصدر مطلع إلى أن تركيز الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية على احتدام المنافسة، من دول مماثلة أو كانت قبل سنوات قليلة في نفس مستوى الناقلة الوطنية، يراد من ورائه إبراز أن عدم تفاعل الحكومة مع خارطة الطريق، بتبنيها كاملة أو بعد تعديلها، يساهم في التقليل من فرص تحليق الشركة عاليا في قطاع دائم التحول ولا مكان فيه للشركات التي لا تجدد أسطولها ولا تعيد النظر في جودة خدماتها.
ولم تعرف تفاصيل خارطة الطريق المقترحة من قبل الناقلة الوطنية، والتي ساهم في بلورتها مكتب استشارة دولي والمكتب الوطني المغربي للسياحة، إلا أن هدفها يتمثل في السعي نحو ملاءمة نموذجها الاقتصادي، بشكل يستوعب التحولات التي طرأت على مستوى المنافسة منذ الانخراط في سياسة الأجواء المفتوحة في 2006.
عين قطر على "لارام"
يفترض في خارطة الطريق، التي ستكون موضوع عقد برنامج، أن تحدد مستقبل الشركة على مدى خمسة أعوام المقبلة، حيث سيتوضح النموذج الاقتصادي الذي ستختاره، والذي سيرتهن للمجهود الاستثماري الذي ستقوم به الدولة من أجل مضاعفة أسطول الناقلة، في الوقت نفسه، سيتضح ما إذا كان الدولة، ستقرر فتح رأسمال الشركة، خاصة أن "القطرية" كانت عبرت عن نيتها في شراء حصة في الخطوط المغربية.
وكان الرئيس المدير العام لمجموعة الخطوط القطرية، أكبر الباكر، عبر في فترة سابقة، عن انتظار إطلاق مفاوضات، من أجل تحديد الحصة التي ستشتريها، علما أن "بلومبيرغ"، كانت نقلت عن المسؤول ذاته، قبل حوالي ثلاثة أعوام، قوله إن الهدف هو الحصول على ما بين 25 و49 في المائة من الناقلة المغربية.