وزيرة المالية تكشف كم ضخت الحكومة من مليار درهم لأجل الحماية الاجتماعية

محمد فرنان

شدّدت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن "موضوع الاستدامة المالية سيظل مطروحا دائما، لأن مشروع الحماية الاجتماعية متجدد ولم ينطلق سوى قبل ثلاث سنوات، وأفهم أن الموضوع يطرح من زاوية الحرص على نجاح المشروع".

وأضافت، خلال ردها على مداخلات النواب في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، عشية أمس الأربعاء، أن "هذا المشروع، عند الانتهاء من بعض جوانبه، ستظهر جوانب أخرى تستوجب العمل عليها، فهو أشبه بدائرة، حيث يتم الانتقال من نقطة إلى أخرى بشكل مستمر، ولا يمكن تصور أن نقاش موضوع الاستدامة المالية سينتهي تماما، هذا ملف مفتوح دائما، وعليه عمل يومي ودائم".

وأوضحت الوزيرة أن "تنزيل المشروع يخضع للتدقيق المستمر، إذ تظهر الممارسة جوانب متعددة، وهذا ليس عيبا، بل هو نقطة قوة في أي مشروع متجدد، والأهم أنه خرج إلى حيز التنفيذ، وكم من قانون ناقشناه في مجلس النواب، وعند التطبيق تظهر أمور جديدة تستدعي إعادة الطرح، مع العلم أنه لم ينتبه إليها أي أحد منا".

وأكدت فتاح العلوي أن "الجميع منخرط في هذه العملية، والحكومة تعمل بجدية لتنزيل هذا الورش الكبير و"مشمرة على ذراعها".

توازن مالية الدولة

وأشارت إلى أنه "بالتوازي مع ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي يكتسي أهمية كبرى، هناك مشاريع مهيكلة أخرى تتطلب تعبئة تمويلات كبيرة، ووفقا للمبدأ الدستوري الذي يكرس الحرص على توازن مالية الدولة، وبما يتماشى مع توجهات السياسة الميزانياتية للحكومة، فإن استدامة المالية العمومية تعد بعدا أساسيا في بلورة هذه الأوراش والمشاريع".

وأبرزت أن "الاستراتيجية التمويلية المتبعة مكنت من تحقيق هوامش مالية مهمة، ساهمت في تمويل مختلف مكونات الحماية الاجتماعية عبر توفير قرابة 15 مليار درهم من خلال إصلاح وعقلنة أكثر من 100 برنامج اجتماعي، وتعبئة حوالي 11 مليار درهم من المداخيل الجبائية، إلى جانب تخصيص تحويلات من الميزانية العامة لتعزيز موارد صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وتفعيل المساهمة الإبرائية الخاصة بالممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج".

الشراكة الدولية

وأكدت أن "الحكومة استطاعت، من خلال استثمار علاقات الشراكة والتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، تعبئة دعم مالي وتقني مهم، وجه بالأساس لمواكبة المؤسسات المعنية بتعميم الحماية الاجتماعية وتقوية قدراتها، بما يضمن الرفع من فعالية التدابير المتخذة وتحسين آليات التتبع".

وأضافت المتحدثة ذاتها، أن "المغرب استفاد من خلال الشراكة مع المؤسسات الدولية من التجارب الناجحة عالميا في تعميم الحماية الاجتماعية، لا سيما في ما يتعلق بمنظومة استهداف الفئات المستفيدة واستخدام التقنيات الحديثة في تنفيذ هذا الورش الإصلاحي".

التمويلات الخارجية

وأوضحت فتاح العلوي أن "الحكومة خصصت أكثر من 71 مليار درهم من الميزانية العامة خلال الفترة 2023-2025 لتمويل هذا الورش، ولم تشكل التمويلات الدولية بديلا عن الموارد الوطنية، بل تعتبر دعامة إضافية لتعزيز البنية المؤسساتية وتحسين آليات تنفيذ الإصلاحات وضمان استدامتها".

وأشارت إلى أن "التمويلات التي تمت تعبئتها من قبل الجهات المانحة لصالح ورش الحماية الاجتماعية تعد مكملة لما يتم تخصيصه من ميزانية الدولة، ولا تهدف إلى تمويل الخدمات الاجتماعية المباشرة مثل التأمين الإجباري عن المرض أو التعويضات العائلية، وإنما توجه لدعم الإصلاحات الهيكلية وتعزيز القدرات المؤسساتية".

وأضافت أن "قسطا مهما من هذه التمويلات وجه إلى برامج تعزيز رأس المال البشري، والقدرة على الصمود الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب إصلاح النظام الصحي وتعزيز الحماية من المخاطر الصحية، باعتبارها عناصر أساسية لبناء بنية تحتية صحية قوية وضمان تعميم التغطية الصحية بنجاح".

تعميم التأمين الصحي

وأشارت إلى أنه "تم إدماج حوالي 11 مليون شخص في نظام 'أمو تضامن' الممول من طرف الدولة، وتسجيل أكثر من 3.4 ملايين شخص في نظام 'أمو - العمال غير الأجراء' الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين".

وأضافت أن "نظاما إضافيا أحدث في بداية سنة 2024 تحت اسم 'أمو - الشامل'، موجه للأشخاص غير المؤهلين للاستفادة من أي نظام آخر إلى حدود متم 2024، حيث بلغ عدد المسجلين فيه 240 ألف شخص".

وأوضحت أن "التكلفة المالية لنظام 'أمو تضامن'، منذ بدء تنزيله الفعلي في دجنبر 2022 وحتى متم 2024، بلغت حوالي 17.9 مليار درهم، كما تكفلت الدولة بتحمل الجزء الباقي على عاتق المؤمن في المؤسسات الاستشفائية العمومية عبر آلية 'Ticket-Moderateur'، وذلك بغلاف مالي بلغ 1.1 مليار درهم لسنتي 2023 و2024".

الدعم الاجتماعي

وأفادت أن "عدد المستفيدين من منظومة الدعم الاجتماعي بلغ 3.9 ملايين أسرة حتى متم 2024، حيث يستفيدون بصفة منتظمة من تحويلات مالية تشمل مختلف مكونات الدعم الاجتماعي المباشر، خاصة الإعانات المرتبطة بحماية الطفولة والإعانة الجزافية".

وأشارت إلى أن "التحويلات المالية إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، باعتباره الجهة المدبرة لمنظومة الدعم الاجتماعي، بلغت حوالي 24.4 مليار درهم منذ بدء تنزيل الورش في دجنبر 2023، ومن المتوقع أن ترتفع هذه التكلفة إلى حوالي 29 مليار درهم خلال السنة الجارية".