استقى "تيلكيل عربي" آراء 10 أطباء، إما يوجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة "كوفيد-10"، أو هم عارفون بفيروس "كورونا" المستجد وقدرته العجيبة على الانتشار، لمعرفة تصورهم لرفع الحجر الصحي وإنهاء الطوارئ الصحية في الفترة ما بعد 20 ماي الجاري (قبل الإعلان عن تمديد الحجر والطوارئ لثلاثة أسابيع).
في ما يلي رأي الدكتور مصطفى كرين، طبيب ورئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية:
بداية يجب الإشارة إلى أن مسألة رفع الحجر الصحي، مهما طال، هي مسألة حتمية، وكلما كان ذلك مبكراً كلما كان أفضل للجميع، لأن هذا القرار يجب أن يأتي قبل فوات الأوان، حيث لا فائدة منه إذا ما أصبحت الآثار الاقتصادية والاجتماعية كبيرة وخطيرة. بل إن ذلك قد يدفع الناس، بسبب الضيق والحاجة، إلى العصيان وخرق الحجر بغض النظر عن النتائج. وإذا حدث ذلك، فسوف يؤثر لا محالة على هيبة السلطة ومستوى التجاوب المجتمعي، مع قراراتها. وخصوصاً أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية عادة، كما نعلم، هي مشاكل طويلة الأمد وتترتب عليها مشاكل أخرى ذات طبيعة سياسية أو حتى أمنية يطول حلها بل وتبقى آثارها لعدة سنوات أو عدة عقود.
ومن هذا المنطلق فإنني أعتبر مقاربة الحكومة، حول شروط رفع الحجر، مقاربة غير واقعية لأنها تنبني على ربطه بالحالة الوبائية والمعطيات الإحصائية وأعداد المصابين والمنحنيات الوبائية، على أهميتها، في الوقت الذي تتفاقم الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للوباء رغم المجهودات المبذولة، نظرا لمحدودية إمكانات المغرب التي تجعل الإجراءات التعويضية غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل، والسبب في عدم واقعية المقاربة الحكومية في نظري هو أن أمد هذه الجائحة قد يطول لأن تطور الوباء بشكل عام غير قابل للتوقع نظراً لطبيعة الفيروس وسلوكه المحير والاستثنائي وقدرته على التأقلم، وبحكم أن ما نعلمه عنه أقل بكثير مما نعرفه، ويكفي، بهذا الصدد، الرجوع إلى تصريحات المنظمة العالمية للصحة التي أصبحت تعتقد أن هذا الفيروس سيصبح من الفيروسات المتوطنة، كما أن إمكانيات وآمال الحصول على لقاح في الأمد القريب قد تبخرت بسبب المميزات الجينية والسلوكية لهذا الفيروس، كما أسلفنا. وبناءً على كل ما سبق، فإن ما يجب القيام به، في اعتقادي، هو ربط مسألة رفع الحجر الصحي بمستوى استعدادنا لمواجهته من خلال الاستعداد القبلي، أي الوقائي من جهة، لتفادي الإصابة أو التخفيف إلى أقصى حد من عدد الإصابات وذلك من خلال توفير كل المعدات الوقائية من كمامات ومعقمات، ثم توفير وسائل التشخيص المكثف من خلال الرفع إلى أقصى حد ممكن من عدد التحليلات. ومن جهة أخرى، يجب الاستعداد البعدي؛ أي في حالة حصول الإصابة، من خلال إعداد بنيات الاستقبال والتكفل عبر بناء مستشفيات جديدة ومتخصصة وتجهيزها وإدماج أكبر عدد ممكن من الأطر الصحية وتأهيلها وإطلاق مراكز للبحث العلمي ودعمها ومساندة الصناعة الدوائية الوطنية وهي إجراءات جوهرية لم نسمع عنها شيئا من طرف الحكومة.
وأخيراً، لا بد من التفكير جدياً في إخراج المجلس الأعلى للصحة، الذي ما فتئنا نطالب به منذ 2013، لتنسيق وتدبير القادم لا محالة من أزمات صحية، سواءً كانت ذات طبيعة وبائية أو غير وبائية، وذلك لتفادي حالة التخبط والتداخل في الاختصاصات وتوحيد الخطة الوطنية للصحة.
طبعاً، أنا أتفهم الانزعاج الذي قد يجده البعض في هذه الاقتراحات لأنها تفترض العديد من الإصلاحات المالية والبنيوية والتنازل عن الكثير من الامتيازات لفائدة تعزيز القطاع الصحي، ولكن، كما سبق أن قلت منذ سنوات، فإن المجال الصحي أصبح جزءً لا يتجزأ من الأمن القومي، ليس في المغرب فقط، بل في كل بلدان العالم.