حزب "بوديموس" الإسباني، الذي انطلق حركة شبابية يسارية ونجحت بعد فترة قليلة في التحول إلى قوة سياسية جديدة بإسبانيا، لم يعد النموذج الملهم لليسار الجديد في المغرب، إذ لم تتردد حركة أنفاس الديمقراطية، في قطع شعرة معاوية معه، بسبب "هروبه إلى الأمام" بالدعوة إلى مسيرة تساند الانفصال في المغرب، في الوقت الذي يعترض على انفصال كاتالونيا، واصفة إياه بالحزب الذي أراد الهيمنة النبيلة إقليميا، لكنه سقط في فخ الإمبريالية، عوض مساندة تطلعات تحرير سبتة ومليلية، ووقف الانتهاكات في مخيمات تندوف بجنوب الجزائر.
لم يتردد يساريون مغاربة، ينضوون تحت لواء حركة أنفاس الديمقراطية، أمس (الخميس)، في الاحتجاج لدى تتظيم "بوديموس" الإسباني، وهو حركة شبابية تحولت إلى القوة السياسية الثالثة في الجارة الشمالية للمغرب وكانت نموذجا ملهما لليسار الجديد، على خلفية مواقفه "المتناقضة" من الانفصال والمس بالوحدة الترابية للدول، ووصل بهم الأمر حد وصفه بالذي يخدم الإمبريالية.
ويأتي احتجاج اليساريين المغاربة لدى "بوديموس"، على خلفية مناهضته للانفصال في كاتالونيا، ولكن في الوقت ذاته، لم يتردد في الدعوة إلى مسيرة مشجعة للانفصال في الأقاليم الجنوبية في المغرب، فأكدت حركة أنفاس الديمقراطية، في رسالة بعنوان "اليسار الجديد بإسبانيا : الهروب إلى الأمام"ـ توصل بها "تيلكيل عربي"، من منير بنصالح، رئيس الحركة، إن "بوديموس" خيب الأمال، ومضى في غير المنتظر منه، من قبل باقي نشطاء اليسار الجديد في جنوب المتوسط.
وأوضحت الحركة المغربية، إنه في ظل الأزمة التي تعيشها إسبانيا، بسبب مساعي كاتالونيا إلى الانفصال، "كنا نتتبع مواقف رفاقنا في أحزاب وحركات يسارية اسبانية، والتي كانت عموما تتوافق ومنظورنا للأشياء، فتتبعنا مرافعة ممثلة بوديموس في البرلمان المحلي الكاتالوني وهي تدعو إلى التراجع عن موقف الانفصال"، ولكن في الوقت نفسه لم يتردد حزب بوديموس في "الدعوة إلى مسيرة بمدريد لمساندة الطرح الانفصالي في المغرب"، وهو ما يعد "هروبا إلى الأمام".
ويتجلى ذلك الهروب، حسب أنفاس المغربية، في أن قواعدها كانت "تنتظر من رفاقنا في هذا الحزب اليساري، أن ينخرطوا أكثر في الدفاع عن طرحهم الرافض للانفصال في اسبانيا بدل الهروب، كما كنا ننتظر منهم، اعتبارا لقيم اليسار المشتركة، أن يساندونا أولا في مطالبنا بتحرير سبتة ومليلية والجزر، وأن يتحرروا من المنطق الإمبريالي للعلاقة مع الموروس".
وفيما أضاف اليساريون المغاربة، أنهم كانوا ينتظرون أيضا، "مساندة بوديموس من أجل الحصول على اعتذار إسبانيا عن الحقبة الاستعمارية في شمال وجنوب المغرب وخصوصا عن المجازر التي ارتكبت كالغازات السامة في الريف وقمع المقاومة في الصحراء"، أعلنوا بشكل نهائي، أن الحزب الشبابي الملهم إلى زمن قريب، "خيب الظنون، ويبدو أنه الحزب اليساري الراديكالي جدا في بلده، لا يزال حبيس إرهاصات استعمارية وثقافة كارهة لجار جنوبي رغم التاريخ و الجغرافيا المشتركة".
وقالت حركة أنفاس المغربية، إن أعضاءها بوصفهم "ديمقراطيين ويساريين مغاربة"، يتسمون بالدفاع عن "عن حقوق الإنسان في شموليتها في الريف والجنوب الشرقي والصحراء وكل مناطق المغرب، بل و في العالم كله حين ندعم رفاقا مبدئيين في كل مناطق العالم"، لكن "بوديموس و هو يصوغ أطروحته السياسية للهيمنة بالمعنى اليساري النبيل، لم ينتبه أن محاولة الهيمنة الخارجية هي حنين للامبريالية التي يقول بمحاربتها".
انتقاد اليساريين المغاربة لبوديموس الإسباني، لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ أضافوا أنه "بمسيرته التضامنية مع ما أسماه شعب الصحراء وضحايا الانتهاكات المفترضة للمغرب في أقاليمه الجنوبية، لم نسمع عنه تضامنا مع سكان المخيمات القابعة خارج التاريخ فوق التراب الجزائري، كما لم نسمع له تضامنا مع القمع المسلط من طرف أنظمة استبدادية، يعرفها بوديموس جيدا، على الحركات المعارضة".
وفيما أوردت حركة أنفاس كذلك، أنها كانت "تنتظر أيضا من الرفاق التقدميين جدا مساندة أطروحتنا السياسية لخلق فضاء شمال غرب إفريقي مبني أساسا على تقرير مصير الأقاليم، في إطار حكم ذاتي موسع، كما يدافع عنه بوديموس داخل الفضاء الأوروبي و في اسبانيا"، شدد على أنها "لن تقبل الدروس من أحد".
وخاطب أعضاء حركة أنفاس المغربية رفاقهم في "بوديموس" الإسباني بالقول: "نحن نبني شعبا ودولة ديمقراطية ونحارب التسلط والامبريالية والتدخل الخارجي والنيولبرالية، مع شركاء لهم مواقف مبدئية. لن نقبل ممن يسعى للهروب إلى الأمام و تجاوز أزمته بالتدخل في شؤون الآخرين بدواعي إنسانية، أي درس".