٪94 من الرجال يتعرضون للعنف النفسي داخل بيت الزوجية

أحمد مدياني

أصدرت المندوبية السامية للتخطيط، اليوم الأربعاء 21 أبريل مذكرة تسلط الضوء على الاختلافات الرئيسية المتعلقة بتجليات العنف عند النساء والرجال، وكذا تصورات الرجال حول العنف من أجل فهم أفضل لظاهرة العنف بمختلف مجالاتها وأشكالها.

ومن خلال نتائج البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال لسنة 2019، والتي توصل "تيلكيل عربي" بها، يتبين أن 50٪ من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و74 سنة قد تعرضوا إلى فعل عنف واحد على الأقل خلال الاثني عشر شهرا التي سبقت البحث، 57 ٪ من بين النساء و42٪ من بين الرجال.

بالإضافة إلى اتجاهات العنف في المجتمع الذي تتعرض له المرأة، يتجلى العنف كذلك عند الرجال أيضا ولكن بحدة أقل.

 الرجال والعنف النفسي

وتشير النتائج إلى وجود فوارق كبيرة بين أشكال العنف الذي يعاني منه النساء والرجال وذلك في مختلف فضاءات العيش، حيث يتجلى العنف الذي يعاني منه الرجال داخل السياق الزوجي غالبا في شكله النفسي، إذ يمثل 94٪ من مجموع أشكال العنف الذي يتعرضون له، أما العنف الممارس ضد النساء فيتوزع على أشكال مختلفة؛ 69٪ نفسي، 12٪ اقتصادي، 11٪ جسدي، 8٪ جنسي.

ويبقى العنف الزوجي لدى الرجال، أكثر انتشارا في العلاقات خارج إطار الزواج، حيث يتعرض له العزاب (الذين لديهم أو كانت لديهم خطيبة أو صديقة تربطهم بها علاقة حميمة خلال الاثني عشر شهرًا السابقة للبحث) أكثر من المتزوجين. وعلى العكس من ذلك، فإن النساء المتزوجات بشكل عام هن الأكثر معاناة من العنف الزوجي بجميع أشكاله.

أما بالنسبة للفضاء العائلي، فيمثل العنف النفسي، الذي يحتل المرتبة الأولى في جميع فضاءات العيش، ما يقرب من ثلاثة أرباع مجموع العنف الذي يعاني منه كل من النساء والرجال. ويختلف توزيع أشكال العنف الأخرى حسب الجنس، حيث يعود المركز الثاني في هذا الفضاء للعنف الاقتصادي بالنسبة للنساء وذلك بنسبة 17٪ من مجموع أشكال العنف الممارس ضد المرأة (مقابل 6٪ عند الرجال). أما بالنسبة للرجال، فيعزى المركز الثاني للعنف الذي يتعرضون له في هذا الفضاء إلى العنف الجسدي بنسبة 19٪ (مقابل 7٪ لدى النساء).

وبالنسبة لفضاءات العيش الأخرى، تمثل نسبة العنف الجنسي 21٪ من مجموع أشكال العنف المرتكب ضد المرأة في مكان العمل (مقابل 2٪ عند الرجال)، و37٪ في مؤسسات التعليم والتكوين (مقابل 14٪ عند الرجال) و42٪ في الأماكن العامة (مقابل 8٪ لدى الرجال).

أما فيما يخص تصورات الرجال للعنف، فتتعلق بشكل أساسي بتعريف العنف والفئات الأكثر هشاشة وفضاءات العيش الأكثر عرضة وتطور العنف في المجتمع المغربي وكذا العلاقات بين الرجل والمرأة ولاسيما تلك المرتبطة بالنوع الاجتماعي والمتعلقة بتقاسم السلطة داخل الأسرة وكذلك بتقبل العنف في الفضاء الزوجي.

النساء ضحايا للعنف أكثر من الرجال

وجاء في بحث الوطني أن الفضاء الزوجي يعتبر هو الفضاء المعيشي الأكثر اتساما بالعنف وذلك بالنسبة لكل من النساء والرجال، حيث أن 53٪ من جميع أشكال العنف التي تتعرض لها النساء و39٪ من جميع أشكال العنف لدى الرجال مرتكبة من طرف الشريك(ة) الحميم(ة).

كما أن من بين جميع أشكال العنف، يبقى العنف النفسي هو الشكل الأكثر انتشارًا، حيث يمثل 54٪ من جميع أشكال العنف التي تتعرض لها النساء و73٪ من العنف الذي يعاني منه الرجال.

ويُظهر تحليل العنف، بشكل عام، أن النساء يتعرضن أكثر للعنف في جميع فضاءات العيش وبمختلف أشكاله.

وحسب نوع العنف، فإن الفارق بين معدلات انتشار العنف الذي تتعرض له المرأة والرجل هو 13 نقطة بالنسبة للعنف الاقتصادي، و12 نقطة بالنسبة للعنف الجنسي، و10 نقاط بالنسبة للعنف النفسي، ونقطتان بالنسبة للعنف الجسدي. وحسب مجال العيش، يصل هذا الفارق إلى 16 نقطة في الفضاء الزوجي، و11 نقطة بالنسبة لمؤسسات التعليم والتكوين، و7 نقاط في الفضاء العائلي و3 نقاط في الأماكن العامة. أما بالنسبة لمكان العمل، فإن معدل انتشار العنف بين الرجال يفوق بنقطة واحدة معدل انتشار العنف بين النساء.

الرجال في ما يتعلق بمجال وشكل العنف

وحسب نتائج بحث المندوبية السامية للتخطيط، يتمثل العنف، للوهلة الأولى، لدى ما يقرب من 66٪ من الرجال في شكله الجسدي (64٪ في الوسط الحضري مقابل 68٪ في الوسط القروي).

ويظهر في شكله النفسي بالنسبة لـ 19٪ فقط (21٪ في الوسط الحضري مقابل 17٪ في الوسط القروي) بالرغم من أن هذا الشكل هو الأكثر شيوعا عند الرجال من حيث معدل انتشار العنف. كما يُنظر إليه في شكله الاقتصادي لدى 8٪ وفي شكله الجنسي لدى 5٪ من الرجال.

ويعتبر الرجال ذوي المستويات التعليمية المتقدمة أكثر إدراكا للعنف النفسي مقارنة بالآخرين؛ 24٪ بين ذوي المستوى التعليمي العالي مقابل 17٪ من ذوي المستويات الأخرى.

أما في ما يتعلق بتصورات العنف حسب فضاءات العيش الأكثر عرضة للعنف، فرغم أن الفضاء الزوجي هو الأكثر عنفًا من حيث معدل الانتشار، إلا أنه ينظر إليه على هذا النحو من قبل 21 ٪ من الرجال فقط، فيما يعتبرون الأماكن العامة هي الفضاء الأكثر عرضة للعنف (58٪).

وفي نفس السياق ووفقًا لتصورات الرجال، فالأماكن العامة هي التي شهدت زيادة ملحوظة للعنف على مدى السنوات الخمس الماضية إذ يعتقد أكثر من 78٪ من الرجال أن العنف قد ازداد في هذا الفضاء (79٪ في الوسط الحضري و75٪ في الوسط القروي). ويأتي السياق الزوجي في المرتبة الثانية من حيث زيادة العنف حسب 58٪ من الرجال (59٪ في الوسط الحضري و55٪ في الوسط القروي). ويُلاحظ تزايد العنف الزوجي، بشكل خاص، من قبل الرجال المطلقين (64٪) والذين تتراوح أعمارهم بين 45 و59 سنة (61٪).

وتُعزى هذه الفجوة بين تجارب وتصورات العنف أساسًا، إلى الجانب العام للعنف في الأماكن العامة وتغطيته الإعلامية المتزايدة عبر شبكات التواصل الاجتماعي مما يجعله أكثر وضوحًا وبالتالي أكثر لفتًا للانتباه، على عكس العنف المنزلي والمؤسساتي المتميزان بطابعهما الخاص أو الذي يعاش في صمت.

وعي ذكوري بأن المرأة أكثر عرضة للعنف

ومن جهة أخرى، يشير بحث المندوبية، ينظر إلى النساء على أنهن الفئة الاجتماعية الأكثر عرضة للعنف من قبل 42٪ من الرجال، بينما ينظر إلى فئة الرجال على هذا النحو من قبل 6٪ فقط منهم.

وفي ما يتعلق بتطور العنف خلال السنوات الخمس الماضية، فقد ازداد العنف ضد المرأة حسب تصور 55٪ من الرجال وازداد العنف ضد الرجال حسب 49٪ منهم وضد الأطفال حسب 48٪ من الرجال.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 64٪ من الرجال أن العنف الجنسي قد ازداد ضد النساء ويعتقد 52٪ أنه قد ازداد ضد الأطفال خلال السنوات الخمس الماضية.

الفقر والصراعات ذات الطابع المادي وانعدام التواصل

وأورد بحث المندوبية أنه بغض النظر عن خصائصهم الاجتماعية والديموغرافية، يعزي الرجال حدوث العنف، قبل كل شيء،إلى العوامل المادية والاجتماعية والاقتصادية (كالفقر وبطالة الشباب) وكذلك إلى العوامل العلاقاتية بما في ذلك مشاكل التواصل. ويوجد بالتأكيد اختلافات وفقًا لخصائص معينة ووفقًا للمجالات المدروسة.

في ما يتعلق بالعنف الزوجي، تذكر الصراعات ذات الطابع المادي كأسباب رئيسية لحدوث العنف من قبل 39٪ من الرجال الحضريين. أما في الوسط القروي، فيُشار إلى الفقر بالدرجة الأولى من قبل 44٪ من الرجال.

ويمثل هذان العاملان مجتمعان، الصراعات ذات الطابع المادي والفقر، عوامل الخطر الرئيسية للعنف الزوجي بالنسبة لأكثر من 74٪ من الرجال (73٪ في الوسط الحضري و77٪ في الوسط القروي). ويعزي أكثر من 6٪ من الرجال حدوث العنف الزوجي إلى مشكل التواصل؛ 9٪ بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة وكذلك بين الرجال الحاصلين على مستوى تعليمي عالٍ.