يرتكز ورش الحماية الاجتماعية الذي انخرط فيه المغرب على منظومة الاستهداف المؤطرة بالقانون 72-18، التي تعتمد على السجل الوطني للسكان (RNP) والسجل الاجتماعي الموحد (RSU) كأساس لتحديد المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي.
وتضطلع وزارة الداخلية بدور محوري في إدارة السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، إلى جانب الإشراف على إحداث الوكالة الوطنية للسجلات (ANR)، التي تُعدُّ بمثابة حجر الزاوية في هذه المنظومة.
أكثر من 5 ملايين أسرة
وأوضح المشرفون على المنظومة لـ"تيلكيل عربي"، في لقاء بوزارة الداخلية، أن "منظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي ترتكز على السجل الوطني للسكان، وهو نظام معلوماتي خاص بمعلومات الفرد، ويسلم له المعرف المدني والاجتماعي، أما السجل الاجتماعي الموحد فيعتمد منطق الأسرة، حيث يعتبر الشخص الواحد أسرة في بعض الحالات".
في هذا الصدد، كشف مسؤولون عن مصلحة منظومة الاستهداف بوزارة الداخلية بالرباط في آخر إحصائية لـ"تيلكيل عربي"، أن "عدد المسجلين في السجل الوطني للسكان بلغ 21.7 مليون شخص، وفي السجل الاجتماعي الموحد 5.3 مليون أسرة، أي ما يعادل 19.1 مليون شخص مسجل".
وأبرزوا أن "العملية تقوم بالأساس على تصريح الأسر بنفقاتها، التي تمكن من احتساب مؤشر الأسرة، و"السيستم" يحسب بشكل تلقائي المؤشر الاجتماعي والاقتصادي".
الراميد في وقته كان صائبا
وعند الحديث عن مسار الاستهداف، شدّد المتحدث على أن "برنامج الراميد كان في وقته جيدا، وطبعا لم يكن دقيقا من حيث الاستهداف، وأشارت إلى ذلك تقارير مؤسسات رسمية في ذلك الوقت، كانت الراميد من بين الأحسن، واليوم انتقلنا إلى شيء أفضل".
تبسيط المساطر
ونبّه إلى أن "استعمال التكنولوجيا الحديثة مكن من تسهيل عملية التسجيل وتبسيطها، وجعل الاستهداف أكثر دقة وسرعة، ورغم ما يقال عن تعقيد المساطر، إلا أن التكنولوجيا جعلتها أكثر بساطة، ومن قبل كان كل برنامج له "كومة" من الأوراق".
وتابع: "في منظومة الاستهداف الحالية، علاقة المواطن بالإدارة تكون في مرحلة السجل الوطني للسكان، وبعدها يمكن التسجيل دون الرجوع إلى الإدارة، وهذه الأخيرة هي التي تتكفل بالبحث عن صحة المعلومات، وفعالية برنامج الدعم الاجتماعي تساهم في التخطيط للسياسات العمومية".
القرب
وأشارت المصلحة المكلفة بمنظومة الاستهداف أنه "من أجل تعزيز الشمولية والوصول إلى فئات لم تتسجل بعد، خاصة في الجبال والمناطق النائية، تم تجهيز أكثر من 280 مركزا بلوحات إلكتورنية وتوفير الربط المجاني لشبكة الأنترنت في المناطق التي تعاني من ضعف صبيب الأنترنت".
وحسب المتحدث، "تم توفير 200 وحدة من المعدات المحمولة للتسجيل الموجهة إلى الأشخاص غير القادرين على التنقل لأسباب صحية أو البعد الجغرافي، وقمنا بهذا الأمر لأننا لاحظنا أن "بعض المناطق لا تتوفر على تغطية جيدة للشبكة، لذلك تم توفير أنترنت مجاني عبر الأقمار الصناعية في مناطق نائية".
وأورد أن "وزارة الداخلية دورها يقتصر في بناء منظومة الاستهداف وفق القانون، ولجوء المواطن للداخلية في مختلف المناطق لأنها قريبة منهم".
قزحية العين
وتفاعلا مع سؤال "تيلكيل عربي"، حول هل يمكن أن يصبح التسجيل في السجل الوطني للسكان مستقبلا إجباريا، خصوصا أننا نعلم أن قزحية العين، أصبحت تستعمل في المطارات، أشار مسؤول بوزارة الداخلية، إلى أن "هذا البرنامج هدفه الدعم الاجتماعي، والبصمة المأخوذة أثناء التسجيل تختلف عن تلك المستخدمة في المطارات، في بعض الدول، الهدف من اعتمادها هو معرفة المعني بالأمر، للتأكد من عدم تكرار التسجيل في حالة تغيير المدينة".
العتبة والمؤشر
وأشار إلى أن "طريقة حساب المؤشر لم تكن بشكل اعتباطي، وإنما جاءت بناء على مجموعة من المعايير العلمية، حولت إلى صيغة حسابية أعدتها المندوبية السامية للتخطيط، والهدف منها هو معرفة الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لأسرة معينة من خلال رقم معين".
ولفت الانتباه إلى أن "كل أسرة مسجلة في السجل الاجتماعي الموحد لديها مؤشر، والقطاعات الوزارية هي التي تحدد عتبة الاستفادة، وليس منظومة الاستهداف التي تشرف عليها وزارة الداخلية، يعني الداخلية ليس من صلاحيتها تحديد المستفيد إنما العتبة التي تحددها القطاعات المعنية".
وأوضح أن "معادلة حساب المؤشر وطريقة الحساب كلها واضحة ومنشورة، ويمكن للشخص أن يقوم بعملية حسابية بنفسه، وليس هناك أي معايير مخفية، كل شيء متاح للاطلاع، والمغرب من الدول القليلة في العالم التي نشرت طريقة حساب المؤشر ولديها هذا المستوى من الشفافية".
وأكد أن "العتبة يحددها القطاع المكلف بالبرنامج الاجتماعي المعني، وهي شرط من الشروط، وليس وزارة الداخلية من تحددها، لأن البعض يرى أن وزارة الداخلية من تحدد العتبة، علما أن وزارة الداخلية ليس لها اي برنامج اجتماعي إنما تدبر منظومة الاستهداف، وهناك فرق كبير بين المؤشر الاجتماعي وعتبة الاستفادة التي تحددها المؤسسة التي تسهر على البرنامج الاجتماعي، والمؤشر هو شرط من بين شروط الاستفادة".
بدون تدخل بشري
وأكد أن "معايير الاستهداف موضوعية وواضحة، والدليل على ذلك، أنه يمكن سماع كل أنواع الانتقادات حول المؤشر، لكن حتى حد ما تيقول "داكشي فيه الخواض" هناك ثقة، وهي أمر بالغ الأهمية، كما أن الأسر التي تمتلك الخصائص نفسها ستستفيد من البرامج نفسها".
وكرّر قوله: "التدخل البشري، في احتساب المؤشر (مكاينش)".
هل تطلعُ منظومة الاستهداف على الرصيد البنكي للمسجل؟
وذكر أن "البعض يتخوف من وضع ماله في البنوك، خوفا من اطلاع منظومة الاستهداف عليها وتغيير المؤشر".
وأورد أن "المعلومة الوحيدة التي يستفاد منها في المؤشر هي الولوج إلى القرض، وهذه المعلومات نحصل عليها من بنك المغرب وليس من البنوك، بذلك نحصل على جواب على سؤال واضح: هل للشخص المسجل قرض أم لا؟ ويحتسب في المؤشر".
المداخيل الأخرى
وحول وجود آلية لمعرفة ما إذا أصبحت للأسرة مداخيل أخرى، أوضح المسؤول أن "المنظومة تهدف إلى معرفة الوضع المعيشي للأسرة، وهناك عدد كبير يشتغلون في القطاع غير المهيكل، ولا يمكن معرفة دخلهم، والهدف هو معرفة الاستهلاك، لأن الاستهلاك يعكس الدخل، مثل الهاتف والكهرباء، وشراء منزل أو سيارة.."، ولن تظهر إلا في حالة شخص "شحيح جدا".
"البارابول"
وجوابا على سؤال حول مؤشر "البارابول"، أكد أن "هذا المعامل في المؤشر ليس له وزن في النتيجة النهائية للمعدل، فقد تم إعداد المؤشر بعد دراسات أجريت بين 2013 و2014، ونحن متفقون على أن المؤشر يجب أن يتم تحيينه".
هل المؤشر الحضري فيه "الإقصاء"؟
جوابا على سؤال يتعلق بأنه مجرد تواجد الشخص في منطقة حضرية يعتبره البعض مقصيا لأن المؤشر يكون منذ البداية مرتفعا على خلاف القروي، أوضح مسؤول بوزارة الداخلية أن "الفلسفة التي حكمت المعايير التي تم وضعها كانت تهدف إلى وضع أسبقية للمجال القروي على الحضري، كما تعلمون أن الفقير في المجال القروي ليس هو الفقير في المجال الحضري، فالفقراء في المدن على الأقل أقرب إلى فرص الشغل".
تحيين المعطيات
وأورد المسؤولون أن "المغاربة عليهم أن يعرفوا أن تحيين المعطيات يتم بشكل دائم، فبعد تصريح المعني بالأمر في منصة السجل الاجتماعي الموحد، يمكن للمواطن أن يقدم إثباتات تخالف ما تم الوصول إليه من معطيات".
وفي هذا الصدد، أفاد أنه "قمنا بـ 380 مليون عملية تحقق من بداية السجل الاجتماعي الموحد إلى هذا الشهر".
وبسبب هذا التحيين، يقول البعض: "المؤشر (طلع أو نزل)"، لأن وضعيات الناس في سنة واحدة قد تختلف إما صعودا أو نزولا، وعلى الشخص أن يقوم بتحيين المعطيات مرة على الأقل في السنة".
وأشار إلى أن "التحيين لا يتعلق بالمعطيات الاقتصادية فقط، بل أيضا بالوضعية الاجتماعية، مثل الطلاق، الوفاة، زيادة أعداد الأسرة، والمستوى الدراسي".
وذكر أن السجل الاجتماعي الموحد مرتبط بأكثر من 30 جهة شريكة (الماء، الكهرباء، الاتصالات، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية..".
أسرة تستهلك 500 درهم في الهاتف
وشدّد على أن "الكثير يتحدث عن تقصينا وتقصينا، ولما تبحث تجد عنده ستة هواتف ويستفيد من الدعم المباشر، مثلا أسرة تستهلك 500 درهم في الشهر في الهاتف، أين يمكن تصنيفها؟ يجب أن يدرك الناس أن المؤشر يأخذ في الاعتبار استهلاك الأسرة، مثل شخص ينفق 400 إلى 500 درهم شهرياً على الهاتف فقط، لا يمكن أن نتصور أنه يعيش بدون مدخول أو لا يجد ما يأكل".
وأشار إلى أن "الخطأ وارد، في أن يستفيد من لا يستحق من الاستفادة و(غادي) احصل مهما طال الزمن أو قصر، ولكن الخطأ الذي لا يجب أن يكون، أن لا يستفيد من لا يستحق، هذا هو المنهج الذي ذهبنا فيه".
حماية المعطيات الشخصية
وشدد القائمون على هذه المنظومة على أن "حماية المعطيات الشخصية أولوية ومن الركائز الأساسية، وتحضر في جميع مراحل الإنجاز والتنفيذ، ولا نحترم فقط المعايير الوطنية بل الدولية أيضا، كان الهدف هو بناء "سيستيم" يدوم لسنوات ويستجيب للتغيرات القانونية التي قد تطرأ".
وتابع مسؤولو المصلحة: "اعتمدنا على منهج الخصوصية عند التعميم وتطوير أنظمة جمع ومعالجة وحفظ البيانات، إذ أنجزنا بيئة تقنية آمنة، والتبادل للمعلومات مشفر، وحفظها ومعالجتها داخل المغرب".
وشدد على أن "هذه الخدمة تتيح للمرتفق الاطلاع على قائمة العمليات التي تخصه، وتدابير وظيفية، حيث يمكن لرب الأسرة أن يعرف المؤسسات التي اطلعت على المعلومات، مثل شخص سجل في "أمو التضامن"، سيرى أن CNSS قد اطلعت على المعطيات في السجل الاجتماعي الموحد، مما يعني أنه يبقى أثر لأي ولوج للمعطيات الشخصية".
المجتمع المدني
ونوه المسؤولون بدور المجتمع المدني في التعريف بمنظومة الاستهداف، مبرزين أن "المجتمع المدني كان له دور كبير في هذه العملية في التوعية والتسجيل، حيث لعب دورا مهما، خصوصا في بداية المشروع، إذ كان هناك تخوف كبير".