لا حاجة للتذكير بالغرض من تخصيص يوم عالمي للنساء، فتاريخ 8 مارس صار لصيقا بقضية المساواة بين الجنسين، منذ أن سنت الأمم المتحدة سنة 1977، هذا اليوم ليكون محطة للتوقف عند المنجزات والتحديات التي تواجه المرأة في مختلف ربوع الأرض، لكن قليلون، فقط، من يدركون أنه قبل اعتماد هذا اليوم، كانت هناك مطالب منذ بداية القرن العشرين، مطالب ارتدت لباسا اشتراكيا وشيوعيا، قبل أن يتبناها الغرب، لتكون الولايات المتحدة الأمريكية أول بلد رأسمالي يسابق إلى اعتماده عيد للمرأة، وذلك بعد ثلاث سنوات من قرار الامم المتحدة جعل 8 مارس عيدا للمرأة، فما هو أصل هذا العيد، وكيف جاءت فكرته؟
سلطت يومية "لوموند" الضوء على الجانب التاريخي لليوم العالمي للمرأة في عددها الصادر اليوم، وقالت إن أصله يعود إلى ما قبل الإعلان الرسمي للأمم المتحدة بوقت طويل، وأن حدثه المرجعي واختيار تاريخ 8 مارس لا يزال موضوع جدال بين المؤرخين.
ويعود أول ظهور لهذه الفكرة إلى بداية القرن العشرين، مع أول إرهاصات تكون حركة حقوق المرأة، وذلك في عام 1909، التي تميزت بتعبئة الانتخابات في المملكة المتحدة منذ عام 1903، ثم برزت مظاهرة وطنية في الولايات المتحدة، قادها الحزب الاشتراكي الأمريكي يوم الأحد الأخير من شهر فبراير كل عام، من أجدل التوقف عند وضعية المرأة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي عام 1910، صوت المؤتمر الدولي للنساء الاشتراكيات، المكون من نحو 100 امرأة من سبعة عشر دولة في كوبنهاغن بالدنمارك، بالإجماع على اقتراح يؤيد الحاجة إلى "يوم المرأة العالمي".
وحسب الصحيفة فإن هذا المؤتمر سيكون أول من دعا إلى حركة متعددة بجميع الدول، تدافع عن حقوق المساواة بين المرأة والرجل.
أما بالنسبة لاختيار تاريخ 8 مارس، فقد كان، منذ عام 1955 ولأكثر من ثلاثين عاما، موضوع أسطورة، نقلت على نطاق واسع في وسائل الإعلام، من قبل العديد من المؤرخين الأمريكيين أو حتى في الوثائق الرسمية للأمم المتحدة. وتقول صحيفة "فرانس نوفيل" في 26 فبراير 1955: "يعود تاريخ هذا اليوم إلى 8 مارس 1857، عندما قامت عاملات النسيج في نيويورك للمرة الأولى، بأولى المظاهرات للتنديد بالحيف الذي يطالهن".
لكن حتى بالنسبة لهذه الرواية التاريخية، فإنه لا توجد وثيقة واحدة تعزز هذا الطرح، كما أن الصحافية والمؤرخة الألمانية كلارا زفيتن، التي كانت ممن شاركوا في مؤتمر كوبنهاغن، لم تذكر قصة المظاهرة العمالية النسائية في نيويورك.
وأمام هذا اللبس التاريخي، لا يزال الأصل التاريخي في 8 مارس موضع تكهنات، لكن هناك فرضية ظهرت: في 8 مارس 1917 تاريخ إضراب العمال في سان بترسبرج (الذي كانت تسمى آنذاك بتروغراد)، والذي سيكون أحد الأحداث المحفزة للثورة البلشفية الروسية.
وحسب "لوموند" شكل تأريخ أصل 8 مارس صراعا بين المعسكرين الشرقي والغربي، بين من يسعى إلى منح هذا التاريخ أصولا شيوعية، وبين من يرغب في جعله مرجعا غربيا لبداية الوعي النسائي بالمساواة في الحقوق، عبر إلصاقها بالحركة العمالية النسائية في نيويورك.