وجهت ما يزيد عن 80 جمعية مدنية، تشتغل في مجال حقوق الأسرة والطفل، رسالة احتجاجية إلى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، تحتج فيها على عملية التعليم عن بعد، التي يتبعها التلاميذ، منذ إغلاق المدارس وتطبيق حالة الطوارئ الصحية.
واعتبر الائتلاف الجمعوي أن عملية التعليم عن بعد كرست الضرب الصارخ لمبدأ تكافؤ الفرص و المساواة، ولما تخلفه من تمييز طبقي وجنسي في صفوف المتعلمين والمتعلمات عامة، والمتواجدين والمتواجدات في وضعية إعاقة من مختلف الأسلاك التعليمية والمهنية خاصة.
وترى الجمعيات الموقعة على الرسالة بأن التدابير التي واكبت تطبيق هذا القرار لم تستحضر الفوارق الاجتماعية والاقتصادية للمتعلمين والمتعلمات والتي تجعل من هذه العملية أداة لتكريس اللامساواة والتمييز الطبقي والتمييز الجنسي بدل أن تكون أداة لضمان استمرارية التعلم كحق أساسي من حقوق الطفل والطفلة.
وتقول الرسالة، التي وقعتها 80 جمعية مدنية، إن إقرار عملية التعليم عن بعد دون توفير الوسائل المادية واللوجستيكية اللازمة لتحقيق وإنجاح هذه العلمية، يعتبر إقصاء لعدد كبير من المتعلمين والمتعلمات من الأسر التي لا تتوفر على حواسيب أو لوحات ذكية أو تغطية شبكة الانترنت مما يجعل هذه العملية مقتصرة على أبناء وبنات الأسر الميسورة وبعض الأسر ذات الدخل المتوسط، بينما يتم حرمان أبناء وبنات الأسر المعوزة والفقيرة خاصة الأسر التي تترأسها نساء، من حقهم وحقهن في التعلم، الأمر الذي يشكل ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص وتمييزا طبقيا صارخا.
كما سجلت الرسالة أن عدم توفر عدد كبير من الأسر على الوسائل الالكترونية (حاسوب، لوحة الكترونية أو هاتف ذكي لكل ابن وابنة) وعدم قدرتها على توفير الظروف والشروط الضرورية للتحصيل عن بعد (غرفة أو فضاء لكل ابن او ابنة) تجعلها، انسجاما مع العقلية الذكورية التي لاتزال حاضرة بالمجتمع، تعطي غالبا الأفضلية للذكورعلى حساب الإناث، اعتقادا منها أن تحصيل الابن أهم من تحصيل الابنة.
ومن جهة أخرى، لفتت الرسالة إلى مسألة غياب الوعي الكافي لدى عدد كبير من الأسر وصعوبة استيعابها لمبدأ التعلم عن بعد، ما يخلق لديها أيضا خلطا يجعلها لا تعي أهمية هذه العملية وتعتبرها ثانوية وغير ذات جدوى وتعتبر أبناءها وبناتها في فترة راحة أو عطلة وانطلاقا من ذلك، يتم إثقال كاهل الإناث منهم بالأشغال المنزلية مما يعرضهن للتخلف عن مواكبة الدروس ويضعف من مردوديتهن وقد يؤدي بهن إلى الهدر المدرسي ويحرمهن من حقهن في التعلم.
ودعت الجمعيات المدنية إلى القيام، خلال فترة الحجر الصحي، بتدابير إضافية تراعي الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمتعلمين والمتعلمات وتأخذ بعين الاعتبار حاجياتهم/حاجياتهن، بيئتهم وبيئتهن الثقافية والأسرية، تحقيقا لتعليم عمومي مجاني ضامن لتكافؤ الفرص ومبني على مبدأ المساواة وعدم التمييز.
ودعت إلى اتخاذ، بعد فترة الحجر الصحي، الإجراءات اللازمة لتمكين المتعلمين والمتعلمات من تجاوز التأخير في عملية التحصيل، للتمكن من مواصلة الدورة التعليمية على قدم المساواة مع أقرانهم/أقرانهن، وضرورة مواصلة دعم مؤسسات التعليم العمومي من أجل تقديم تعليم يحرص على الجودة ونشر ثقافة المساواة وتكافؤ الفرص.