شنغهاي تلتحق بمدن الحجر الصحي وفرض ضوابط صارمة على السكان

و.م.ع / تيلكيل

أعلنت مدينة شنغهاي، العاصمة الاقتصادية والمالية للصين، فرض قيود جديدة صارمة على التجمعات السكنية لمنع انتشار فيروس كورونا الجديد، لتنضم الى عشرات المدن الصينية التي تم إغلاقها جزئيا منذ ظهور الوباء الشهر الماضي.

وتشمل الاجراءات التي كشفت عنها سلطات بلدية شنغهاي، أمس الاثنين، فرض ضوابط أكثر صرامة على حركة وتنقل الأفراد والسيارات مع إلزامية ارتداء الأقنعة في الأماكن العامة وإغلاق مراكز الترفيه وغيرها من الخدمات المجتمعية غير الأساسية .

ويبدو أن هذه الاجراءات الاحترازية تهدف إلى السيطرة على انتقال محتمل سريع للفيروس في المجتمع مع عودة الصينيين إلى العمل تدريجيا بعد نهاية عطلة رأس السنة القمرية الموسعة .

وتزامن فرض هذه القيود مع إعلان مدن صينية كبرى، الأسبوع الماضي، كقوانغتشو وشنتشن وتيانجين وهانغتشو وتشنغدو فرض قيود مماثلة . فبالإضافة إلى مقاطعة خوبي الواقعة وسط البلاد، فرضت السلطات الصينية في مقاطعتي لياونينغ وجيانغشي أيضا اجراءات احترازية مماثلة.

وقد اتخذت أكثر من 80 مدينة في نحو عشرين مقاطعة وبلدية تدابير إغلاق جزئية، منذ أن فرضت الحكومة المركزية إغلاقا تاما في ووهان، مركز انتشار المرض، والمدن المجاورة لها في 23 يناير الماضي.

وذكرت صحيفة "شانغهاي ديلي"، اليوم الثلاثاء، أن العاصمة المالية والاقتصادية للصين، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 25 مليون نسمة، ستكثف جهودها لتشديد الوصول الى التجمعات السكنية والمجمعات والمراكز التجارية، فضلا عن إدخال نظام تسجيل في جميع منافذ المدينة للدخول إلى شنغهاي .

وأضافت الصحيفة أنه سيتعين على أي شخص سبق له أن زار مقاطعة خوبي أو غيرها من بؤر تفشي المرض، في الأسبوعين الماضيين، المكوث في منزله بينما سيتم وضع من كانوا على اتصال وثيق بمريض مصاب بفيروس كورونا، في الحجر الصحي .

كما سيتم إغلاق المرافق الثقافية والترفيهية في حين منحت السلطات إمكانيات محدودة لخدمات البريد والخدمات الأخرى لتوصيل السلع، لولوج المجمعات السكنية. وقال مسؤول في مركز مكافحة الاوبئة والوقاية منها في شنغهاي إن غالبية المجمعات والاقامات السكنية بالمدينة، وعددها 13 ألف مجمع، فرضت ضوابط مشددة للدخول إليها تشمل إلزامية الخضوع لفحص درجة حرارة الجسم وحمل أقنعة الوجه وغيرها من القيود. وأضاف أن سكان شنغهاي، المركز المالي للبلاد، مدعوون للاستجابة لهذه الضوابط لإعطاء نموذج للمغتربين ولأي زائر للمدينة حتى يمتثلوا أيضا لمتطلبات مراقبة الدخول.

وتأتي هذه الإجراءات غير المسبوقة في المدينة في الوقت الذي وصل فيه عدد الوفيات جراء فيروس كورونا إلى 1016 حتى يوم أمس الاثنين، فيما تجاوز عدد الاصابات المؤكدة به 42 ألفا.

وتم تسجيل 103 حالة وفاة جديدة خلال ال24 ساعة الماضية، وهو أعلى رقم للوفيات في الصين خلال يوم واحد حتى اللحظة. وقد تجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا بالفعل عدد الوفيات بمرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) في عام 2003، والذي راح ضحيته 774 شخصا.

وسجلت شنغهاي أمس أربع حالات إصابة مؤكدة جديدة، ليرتفع بذلك عدد الحالات إلى 302، فيما تم تسجيل حالة وفاة واحدة.

ويبدو أن معظم السكان يؤيدون هذه القيود وسط قلق وخوف متناميين من انتشار الفيروس. وقالت غونتشو يوان، (63 عاما المقيمة في منطقة تشانيينغ بشنغهاي، " إن الاغلاق ضروري لأنه يساهم في تقليل الاتصالات غير الضرورية في الخارج والحفاظ على نظافة المجمع السكني" . لكنها أضافت، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "إن الأمر يبدو وكأننا نعيش في سجن في ظل هذه القيود المفروضة".

بيد أن العديد من سكان المدينة، الذين يبدو أنهم غير راضين عن تعامل الحكومة مع تفشي فيروس كورونا، اشتكوا من القيود الصارمة وشككوا في جدواها وفعاليتها. وعلق أحدهم في موقع التواصل "ويشات" قائلا "ما الفائدة من الضوابط الصارمة هذه إذا كان لا يزال مطلوبا منا العودة إلى مكاتبنا لاستئناف العمل، حيث نكون عرضة للعدوى وانتقال الفيروس بين البشر".

وأظهرت بيانات وسائل النقل الصادرة الأسبوع الماضي أن الصينيين غير متحمسين للعودة إلى وظائفهم رغم التوجيه الذي أصدره مجلس الدولة الصيني، مجلس الوزراء ، لإنهاء العطلة التي تم تمديدها كجزء من تدابير احترازية لاحتواء تفشي الفيروس، والتي سيكون لها حتما تداعيات وخيمة على اقتصاد البلاد.

وقال هوانغ شين المسؤول بهيئة السكك الحديدية الصينية إنه تم تسجيل ما بين مليونين و3 ملايين راكب يوميا من السبت إلى الثلاثاء، وهو ما يمثل ربع الرقم المسجل عادة في فترة الذروة عقب عطلة العام القمري الجديد. وأضاف أنه تم اتخاذ اجراءات وقائية للمساعدة في الحد من انتشار الفيروس حيث بلغت مبيعات التذاكر أقل من نصف عدد المقاعد المتاحة حتى يمكن للركاب الجلوس بعيدا عن بعضهم البعض لتقليل خطر انتقال المرض، مشيرا إلى أنه تم أيضا تعزيز عمليات فحص درجات الحرارة في المحطات إلى جانب توفير مناطق الحجر الصحي بها.

وتواجه الصين معضلة حقيقية تتمثل في الحفاظ على النظام الطبيعي للاقتصاد والمجتمع معا. لكن السماح للموظفين وللقوى العاملة بالعودة الى وظائفهم أضحى ضرورة حتمية لتحريك عجلة نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم.