كيف يتمثل المواطنون المغاربة الاندماج المغاربي؟ هذا ما يحاول تقرير "الاندماج المغاربي" للمعهد المغربي لتحليل السياسات الإجابة عنه، من خلال دراسة شملت عينة من 1200 شخص يمثلون سكان المغرب، الذين تبلغ أعمارهم 18 سنة فأكثر.
وتقول الدراسة إنها تهدف إلى إلى تجاوز المقاربة الفوقية للاندماج التي تركز على الجوانب السياسية والاقتصادية والمؤسساتية، وتقدم، بدلا من ذلك، مقاربة من أسفل، تعتمد رصد تمثلات المواطنين والباحثين والفاعلين غير الرسميين وفاعلي المجتمع المدني.
عمق اجتماعي
تشير نتائج الدراسة إلى أن هناك روابط اجتماعية قوية تربط المغاربة مع الدول المغاربية.
في هذا الصدد، عبر حوالي 47 في المائة من المستجوبين بأن لديهم فعلا علاقة قرابة مع مواطنين مغاربيين. ولا تختلف نسبة النساء عن الرجال كثيرا على هذا المستوى، حيث أجاب حوالي 45 في المائة من الذكور وحوالي 47 في المائة من النساء بأن لديهم علاقات مع مواطنين من الدول المغاربية، إلا أن هذه النسبة لا تعكسها تجارب سفر المغاربة إلى الدول المغاربية، حيث أكد 16 في المائة فقط من مجموع المستجوبين أنهم سبق لهم السفر إلى أحد البلدان المغاربية. وتختلف هذه النسبة بين الجنسين؛ إذ عبر حوالي 19 في المائة من الذكور بأنه سبق لهم السفر لأحد الدول المغاربية في حين تنخفض النسبة لحوالي 12 في المائة بالنسبة للإناث، بحسب الدراسة.
من جهة أخرى، يبدي المستجوبون المغاربة أفضلية واضحة للعيش في تونس بنسبة تصل إلى 53 في المائة من مجموع المستجوبين، وذلك في حالة ما أتيحت لهم فرصة العيش في بلد مغاربي آخر غير المغرب.
وعبر حوالي 31 في المائة عن أن سبب السفر يتعلق بلقاء مشاركة في ندوة أكاديمية، في حين عبر 20 في المائة عن السبب الأساسي للرحلة وهو السياحة و18 في المائة لممارسة الأعمال، أما الباقي، فقد كانت إما لزيارة الأقارب (12 في المائة) أو الأصدقاء (10 في المائة) أو غيرها من الأسباب الأخرى، ويلاحظ أن الزيارات لأسباب تتعلق بتنفيذ أعمال تجارية تأتي في ذيل القائمة، وهذا يعكس تدني الاندماج الاقتصادي بين البلدان المغاربية، بحسب الدراسة.
الحل الاقتصادي
أوضحت الدراسة أن 95 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أبدوا موافقتهم على أن التبادل الاقتصادي بين الدول المغاربية سيعزز الإندماج المغاربي، وأكد 83 في المائة منهم أن الصراع بين المغرب والجزائر هو العامل الأساسي الذي يعرقل مشروع الإتحاد المغاربي، يتعلق بهذا الصراع بين البلديين المغاربيين. كما اعتبر 89 في المائة من المشاركين أن الحدود بين المغرب والجزائر يجب أن يعاد فتحها.
ويعتبر محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن فتح الحدود بين المغرب والجزائر أساسي لتحقيق الاندماج المغربي، كما أن الاقتصاد سيكون المحرك لأي اندماج.
ويعتبر مصباح أن أهمية الدراسة تأتي من كونها ترصد تصورات المواطنين بعيدا عن الحلول الفوقية، مشيرا إلى أن المعهد سيعمل في السنة المقبلة على انجاز دراسة أخرى تتعلق بتصورات المواطن التونسي والجزائري للاندماج المغاربي.
أسباب الفشل
في هذا الصدد، وضع المستجوبون "الخلافات السياسية بين الدول المغاربية" على رأس العوامل التي تعيق الاندماج المغاربي بنسبة تصل إلى 48 في المائة، وتأتي في الرتبة الثانية "رغبة بعض دول المنطقة في الهيمنة" بنسبة تصل إلى 23 في المائة وهو بدوره عامل سياسي قد يكون مفسرا لبعض الخلافات السياسية بين دول الاتحاد، وهذا يؤكد أن المشاركين في الاستطلاع يرجعون فشل الاتحاد للعوامل السياسية بالدرجة الأولى، بحسب الدراسة، ثم يأتي في الدرجة الثالثة "الخوف من الانفتاح الاقتصادي" بنسبة 11,5 في المائة و"الصور النمطية حول شعوب المنطقة المغاربية" بنسبة 6 في المائة و"إقصاء الثقافة الأمازيغية في البلدان المغاربية" بنسبة 5 في المائة.