تقرر، يوم الأربعاء 22 أبريل 2020، سحب كل ممرات التعقيم التي نصبت أمام المؤسسات والشركات والمتاجر والفضاءات العمومية، بغرض تعقيم الأشخاص، ومنع تفشي واسع لجائحة فيروس "كورونا" بالمغرب. قرار نزل بدون الحديث عن حيثياته، ولا عن دوافعه، كما لم يتم التواصل بشأن من رخص باستعمال الممرات التي دخلت حيز الخدمة منذ أسابيع.
قرار سحب ممرات التعقيم، حسب ما ورد في البلاغ المشترك لوزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، يتحدث عن "ما قد يشكله التعرض للمواد المستعملة في عملية التعقيم من أضرار على صحة وسلامة المستعملين".
لكن، وأمام هذا القرار، حصل "تيكليل عربي" على وثائق، أكدت صحتها وزارة الصحة، تشير إلى أن الأخيرة "رخصت" بتركيب ممرات تعقيم الأشخاص أمام المستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية، وهي ممرات من نوع "Sani Box"، صنعتها شركة "Access Pub".
"ترخيص" الوزارة بتصنيع هذا النوع من الممرات، بل ومراسلة مدراء المستشفيات الجامعية والجهوية والإقليمية والمندوبين الصحيين بالجهات والأقاليم، يوم 3 أبريل 2020، من أجل "تسهيل عملية تركيبها وتقديم المساعدة لأطقم الشركة المذكورة"، دفع "تيلكيل عربي" لطرح مجموعة من الأسئلة.
لماذا بادرت وزارة الصحة بمراسلة الشركة المصنعة للممرات المعقمة بقبول منتجها؟ وهل وضعت دفتر تحملات قبل المصادقة على الخطوة؟ ما هي المخاطر التي قد تشكلها ممرات التعقيم هذه؟ وما سبب التراجع عن تعميمها على جميع المستشفيات العمومية؟ هل عقدت لقاءات، من قبل، مع المصنعين للممرات قبل الشروع في إنتاجها؟ وما مصير الممرات التي صنعت ودخلت حيز الخدمة؟ وما هو مصير "Sani Box" التي تم تسويقها على أساس أنها حاصلة على "ترخيص" من وزارة الصحة؟
كما طرح "تيلكيل عربي" على المسؤولين في وزارة الصحة، تساؤلات بخصوص عدم قدرة المغرب إلى اليوم في تحديد منتج للتعقيم موجه للاستعمال البشري في ممرات التعقيم.
خطر على البشر!
بعد أسابيع من وضع ممرات التعقيم في عدد من مداخل ومخارج المؤسسات والفضاءات العمومية والخاصة، والشروع في استخدامها، خرج بلاغ مشترك لوزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، يعلن أنه "تبعا للاجتماع الذي عقدته لجنة التقييس، لإعداد مواصفة قياسية مغربية خاصة بممرات تعقيم الأشخاص والمواد المستعملة فيها، فقد تبين للجنة أنها لا تتوفر حاليا على كافة العناصر العلمية الضرورية لوضع هذه المواصفة".
وتقرر حسب البلاغ ذاته، أنه "يمنع منعا كليا تسويق واستعمال الممرات الخاصة بتعقيم الأشخاص، وذلك نظرا لما قد يشكله التعرض للمواد المستعملة في عملية التعقيم من أضرار على صحة وسلامة المستعملين".
بلاغ وزارات الداخلية والصحة والتجارة، ترك الباب مفتوحاً أمام استعمال هذه الممرات لأغراض أخرى، وأشار إلى ذلك بالقول، إنه "سيبقى ممكنا استعمالها لتعقيم الآلات والمواد الخاصة بتخزين وتوضيب ومناولة ونقل السلع".
لكن، في الوقت ذاته، شدد على سحب كل الممرات الخاصة بتعقيم الأشخاص حصراً التي تم نصبها في مداخل المؤسسات أو الفضاءات العامة أو المحلات التجارية أو أي مكان آخر، وحذر البلاغ من أن كل مخالفة لهذا القرار ستعرض صاحبها للمتابعة القانونية.
وحسب المعطيات، التي حصل عليها "تيلكيل عربي" من مصادر موثوقة، فإن اجتماع اللجنة الوزارية المختلطة للحسم في الاستمرار في الاستعمال البشري لممرات التعقيم، عقد الأسبوع الماضي، وناقش أساساً، ما يتعلق بالمواد التي يتم استخدامها في عملية تعقيم الأشخاص، وما قد تسببه من أضرار ومضاعفات صحية، خاصة على الجهاز التنفسي وقشرة الرأس والعينين.
مصادر "تيلكيل عربي" الموثوقة أفادت، في حديثها، أن "هناك دولتان فقط في العالم، تملكان تقنية تصنيع مواد التعقيم الموجهة للبشر باستخدام ممرات التعقيم، هما الصين وكوريا الجنوبية، وهذه المواد لا يمكن في ظل الظروف الحالية بسبب تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد، استيرداها، أو الحصول على التقنية التي يتم بها تصنيع هذه المواد".
في المقابل، كشفت مصادر أخرى، لـ"تيلكيل عربي"، أنه بداية شهر أبريل 2020، عقدت وزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي لقاء، بحضور ممثلين عن وزارة الداخلية، وأطر صحية وصيدلية، مع المصنعين، الذين عبروا عن رغبتهم في الشروع في إنتاج ممرات التعقيم، وتم خلال هذا اللقاء "وضع معايير التصنيع والمعايير الخاصة بالمواد التي يجب استخدامها في التعقيم، على ألا تحوي مواد الكلور أو جافيل أو الأسيد"، ومن بين من حضروا هذا اللقاء، مالك شركة "Access Pub"، التي كلفت من طرف وزارة الصحة بتركيب ممر التعقيم "Sani Box" بمداخل ومخارج المستشفيات العمومية.
"ترخيص" أم "مبادرة" فقط؟
خلال زيارة موقع شركة "Access Pub"، وضعت الأخيرة إعلانا على ترويج منتج "Sani Box"، وهو ممر لتعقيم الأشخاص، وأشارت في الإعلان إلى أنه "مرخص له من طرف وزارة الصحة".
ما صحة ذلك؟ الجواب عن السؤال يعود إلى تاريخ 2 أبريل 2020، حين توصلت وزارة الصحة برسالة من الشركة المذكورة، تخبرها بأنها مستعدة لتجهيز كافة المستشفيات العمومية مجاناً بممرات للتعقيم، وأنها تضع كافة خبراتها في المجال لهذا الغرض.
بعد يوم واحد، وحسب وثيقة حصل عليها "تيلكيل عربي"، موقعة من طرف وزير الصحة خالد أيت طالب، توصلت الشركة بالرد، وجاء فيه، حسب المراسلة التي بعثها "تيلكيل عربي" إلى الوزارة ولم تكذبها: "بعد رسالتكم، وزارة الصحة ترخص لكم بتركيب ممر التعقيم في مداخل ومخارج المستشفيات العمومية التي تستقبل المصابين بفيروس 'كوفيد-19'".
وتابعت رسالة وزير الصحة لشركة "Access Pub"، أنها "تهنئها على مبادرتها المواطنة، وتخبرها بأن الوزارة تمنحها الموافقة على مقترحها، وأن الجهاز الصحي مستعد لتركيب ووضع ممرات 'Sani Box' في مداخل المستشفيات".
وطالب الوزير، في رسالته للشركة، بـ"أخذ جميع التدابير اللازمة خلال تنفيذ هذا المشروع، الذي سوف يساهم في مكافحة تفشي فيروس 'كوفيد-19'، عن طريق التعقيم الشامل لكل الأشخاص الذين يلجون المستشفيات العمومية"، وأشارت الرسالة إلى أن "المواد التي سوف تستعمل في التعقيم، يجب أن تحترم المعايير الصحية المعتمدة".
وختم وزير الصحة الرسالة التي بعث بها إلى شركة "Access Pub"، بأن "جميع المصالح الصحية سوف تسخر إمكانياتها من أجل تسهيل عملية تركيب هذه المعدات بمداخل ومخارج المستشفيات العمومية".
في السياق ذاته، بعث وزير الصحة خالد أيت طالب، يوم 3 أبريل 2020 دورية تحمل رقم 598، موجهة إلى مدراء المستشفيات الجامعية والجهوية والمدراء الجهويين للصحة، تخبرهم بـ"الترخيص لتجهيز مداخل ومخارج المستشفيات العمومية بممرات التعقيم (Sani Box)".
وجاء في الدورية، التي حصل "تيلكيل عربي" على نسخة منها، أن "وزير الصحة يرخص بتركيب ممرات التعقيم 'Sani Box'".
وبعد المقدمة التقليدية التي توردها جميع الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية والعمومية بشأن التدابير والإجراءات المتخذة بشأن مكافحة تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد بالمغرب، تضمنت الدورية حرفيا ما يلي:
"تكليف شركة 'Access Pub' بتركيب ممرات التعقيم 'Sani Box' على المستوى الوطني، ابتداء من يوم 6 أبريل 2020، وأن العملية سوف تنطلق بمستشفى مولاي عبد الله بمدينة سلا".
وأخبرت الرسالة المسؤولين عن الصحة في الجهات والأقاليم أن "عملية تركيب ممرات التعقيم سوف تتم بتنسيق مع الشركة المذكورة".
وأنهت دورية وزير الصحة توجيهاتها بأنه "يجب منح جميع التسهيلات للشركة، من أجل إنجاح المشروع، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لاحترام المواطنين لمسار المرور من ممرات التعقيم".
"تيلكيل عربي"، وحسب ما ذكر في السابق، بعث بهذه الوثائق لوزارة الصحة، ولم تنف صحتها، وقدمت مجموعة من التوضيحات بشأنها على لسان مديرة مديرية الأدوية والصيدلة بشرى مداح.
هذه الأخيرة قالت، في تصريحها لـ"تيلكيل عربي"، إن "وزارة الصحة لم ترخص لأي ممرات للتطهير"، وأكدت أنه تم خلال الأسبوع الماضي، عقد اجتماع بين مسؤولين في وزارات الداخلية والصحة والتجارة لتدارس هذا الموضوع.
وأضافت مديرة مديرية الأدوية والصيدلة أن اجتماع اللجنة طرح سؤالاً حول: "هل هناك إمكانية لوضع ممرات التطهير في المستشفيات وأمام المصانع والمعامل والمراكز التجارية؟".
وتابعت المتحدثة ذاتها أن "الاجتماع حضرته كفاءات مغربية اشتغلت على الموضوع، داخل المغرب وخارجه، وهي المكلفة اليوم بتحديد معايير تصنيع هذه الممرات، لنتأكد أنها تعقم الأشخاص بدون مضاعفات صحية".
"تيلكيل عربي" طرح على المسؤولة في وزارة الصحة على أن الشركة المصنعة لـ"Sani Box" تتحدث عن توفرها على "الترخيص"، وطرح عليها مضمون الإعلان التسويقي للشركة ذاتها، يتضمن الإشارة لـ"الترخيص".
وكان جواب مديرة مديرية الأدوية والصيدلة أن "مسألة الترخيص بإنتاج ممرات التعقيم يمر بمرحلتين؛ الأولى تحسم فيها وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وقد وضعت معايير علمية وتقنية لهذا الغرض، ومرحلة ثانية من اختصاص وزارة الصحة، تهم مواد التطهير التي لا يجب أن تحوي مواد تضر بصحة الإنسان داخل ممر التطهير".
مديرة مديرية الأدوية والصيدلة اعتبرت أن مراسلات وزير الصحة كانت "فقط تفاعلا مع مبادرة مواطنة فيها حماية للأطر الطبية، ولم تستعمل هذه الممرات إلى اليوم في أي مستشفى عمومي".
في المقابل، يقدم مدير شركة " Access Pub" التي تقدمت بمقترح تجهيز مداخل المستشفيات العمومية رواية أخرى حول هذا الملف.
مدير الشركة: نملك ترخيصاً!
خلال بحث "تيلكيل عربي" في موضوع منع ممرات التعقيم وسحبها، وجب الإشارة إلى أنه حصل على مجموعة من الوثائق، قبل أخذ رأي المعنيين بالأمر حولها، وذلك من خلال مصادره الموثوقة، وأكد كل المعنيين بالوثائق صحتها.
ومن بين الوثائق التي حصل عليها، تصريح بالشرف موقع من طرف مالك شركة "Detroit Chimie" وهو ريتشارد بيشويلر، يقر فيه بأن منتج التعقيم "Bac Flor Desinfectant Mains"، تم "تطويره وفق المعايير الدولية، والسلامة الصحية التي سوف يتم إدراجها ضمن ملف تقني لشركته"، وهو المنتج الذي استخدم في تسويق وتوزيع ممر التعقيم "Sani Box".
وأشار ريتشارد بيشويلر، الفرنسي الجنسية، أن شركته التي يوجد مقرها بطنجة، تنتج مواد التطهير وفق "شهادة إيزو للجودة 22716 المتعلقة بمواد التعقيم وطرق تصنيعها، وأنها تخضع للمعايير المغربية NM08.0.802 المتعلقة بمواد التعقيم الحلال، وأن المنتج لا يحوي أي مواد ممنوعة من طرف السلطات المختصة ولا يشكل أي خطر على الصحة البشرية".
كما حصل "تيلكيل عربي" على ملف متكامل حول ممرات التعقيم "Sani Box" التي "رخصت" وزارة الصحة في وقت سابق، بتركيبها بمداخل ومخارج المستشفيات العمومية.
"تيلكيل عربي" اتصل بصاحب شركة "Access Pub" عدنان مقتبيل، والذي أكد بدوره صحة جميع الوثائق التي حصل عليها "تيلكيل عربي".
وحول سؤال مباشر مفاده: "هل حصلتم على ترخيص من وزارة الصحة لتصنيع وتسويق ممرات التعقيم (Sani Box)"، كان جواب عدنان مقتبيل: "نعم".
وأوضح المتحدث ذاته، في روايته لـ"تيلكيل عربي"، أن شركته "تشتغل منذ مدة مع الولايات والجماعات الترابية والمصانع والمراكز التجارية الكبرى".
وأضاف: "عندنا ترخيص، ولدينا مراكز دراسات ومراكز للمراقبة تراقب ما ننتج".
"تيلكيل عربي" واجه صاحب شركة " Access Pub"، بأن هناك من يتهمهم بـ"استغلال عرض منتجهم مجاناً على وزارة الصحة، والتسويق له على أساس أنه حاصل على ترخيص منها"، رغم أن المسؤولين في الوزارة "ينفون ذلك". وقال في هذا الصدد إن "شركته لم يكن لها أي هدف استشهاري"، وتابع: "حولنا نشاطنا الصناعي بالكامل، وقمنا بذلك بعد حضور لقاء يحدد معايير تصنيع هذه الممرات". هذا اللقاء هو الذي سبق وأشار إليه "تيلكيل عربي" وحضره ممثلون عن مجموعة من الوزارات من بينها وزارة الصحة.
وصرح صاحب " Access Pub" أنهم "لم يكتفوا ببعث رسالة إلى وزارة الصحة بشأن مشروعهم، بل تنقلوا إلى مقر الوزارة، وقدموه رفقة ملف متكامل، وتمت تهنئتهم على عملهم".
لكن، وحسب بحث معمق قام به "تيلكيل عربي" حول المعايير الصحية المعتمدة في ممرات التعقيم الخاصة بالأشخاص، ليس هناك أي دولة، باستثناء الصين وكوريا الجنوبية، تتوفر على تقنية تصنيع هذه المواد معترف بخلوها من أي أثار جانبية على صحة الإنسان. هذا المعطى يجب عنه عدنان مقتبيل بالقول: "عندما وضعنا الطلب، أشرنا إلى أنه ليس هناك أي دولة لها تحديدا مادة تستعمل في تعقيم البشر، وفعلا كما ذكرتم الصين وكوريا الجنوبية وحدهما تملكان هذه المواد، لكن ما تقدمنا به في المشروع مستعمل في مجموعة من الدول، وتعاملنا مع مجموعة صيدلية كبيرة، أحالتنا على الشركة التي تحدثتم عنها، وهذه الشركة لديها جميع التراخيص التي تؤكد أن منتجاتها لا تؤثر على صحة الإنسان".
وشرح المتحدث ذاته أن مادة التطهير التي استخدموها في ممرات التعقيم (Sani Box)، يخلطون فيها 5 لترات من المادة الفعالة مع 50 لترا من الماء.
لكن هل طلبت وزارة الصحة من الشركة رسميا تصنيع ممرات (Sani Box) لتركيبها في مداخل ومخارج المستشفيات العمومية التي تستقبل مرضى "كورونا" المستجد؟ الجواب على لسان عدنان مقتبيل، هو: "نعم قمنا بإنتاج 41 ممرا، كانت جاهزة لتركيبها، لنتفاجأ بقرار منعها وسحب ما قمنا بتوزيعه على زبنائنا، ثم تفاجأنا بمراسلة من وزارة الصحة، تخبرنا ببعث فاتورة قيمة الممرات التي جهزناها للوزارة مجانا، وأمام إلحاحهم بعثنا الفاتورة، وأدرجنا فيها صفر درهم، كما التزمنا بذلك معها في الاتفاق الأول".
مقتبيل يفسر من وجهة نظهره هذا القرار بوجود "صراع بين مجموعات صيدلية كبرى وشركات لتصنيع مواد التعقيم، حول المواد المستعلمة في التطهير".
ويؤكد بدوره ما توصل إليه "تيلكيل عربي" من معطيات حول الاجتماع الذي عقد بداية شهر أبريل 2020، حول وضع معايير تصنيع ممرات التعقيم، ويتحدث عن ذلك بالقول: "نعم، كما قلتم، حضرنا لاجتماع مع وزارة الداخلية والتجارة والصحة وأطر صحية بداية أبريل 2020، عرضت خلاله المعايير التي يجب أن نعتمدها في صناعة ممرات التعقيم، وتم التشديد خلال الاجتماع على أن لا تحتوي المواد المستعمل على جافيل أو الكلور أو لاسيد، واحترمنا ذلك".
ومقابل ما جاء على لسان عدنان مقتبيل، صاحب شركة "Access Pub"، للمسؤولين في وزارة الصحة رأي آخر.
ما هي المعايير حسب الوزارة؟
حسب مديرية مديرية الأدوية والصيدلة بشرى مداح، فإن "هناك اليوم لجنة وزارية مختلطة، تشتغل على شروط السلامة والجودة في تصنيع ممرات التعقيم. ولإكمال هذه البحوث، تمت الاستعانة بخبراء لهم تجارب داخل المغرب وخارجه".
وأكدت المسؤولة في وزارة الصحة أنه "ليس هناك مشكل في معايير تركيب الممر المعقم، ولكن في المواد المستعملة في التعقيم".
وشددت المتحدثة ذاتها على أن "الوزارة، إلى اليوم، لم تصدر أي ترخيص بشأن المواد المستعلمة في تعقيم الأشخاص عبر ممرات التعقيم".
هل هذه المواد متوفرة في المغرب؟ أم لابد من استيرادها؟ وماذا عن المعايير الدولية المعتمدة؟ أسئلة طرحها "تيلكيل عربي" على مديرة مديرية الأدوية والصيدلة، وجاء جوابها أنه في المغرب "مواد التطهير والتعقيم متوفرة، وهناك 34 شركة مرخص لها بتصنيعها، بدون احتساب الشركات المستوردة، كما أن وزارة الصحة منحت تراخيص للصيدليات من أجل تصنيع مواد التعقيم ولا حاجة لاستيرادها". قبل أن تستدرك بالقول: "ما نرخص له، هي المطهرات التي تستعمل لليدين والمناطق الجلدية، وليس ممرات التعقيم عبر الرش على مناطق تطال قشرة الرأس والعينين والأنف والشعر، على اعتبار أن هذه المناطق ليست هناك دراسة للتأكد من السلامة الجسدية للأشخاص الذين سوف يمرون من ممرات التعقيم، رغم الفعالية الكبيرة في قتل الجراثيم والفيروسات".
إذا كان المغرب يتوفر على اكتفاء ذاتي من المعقمات المرخص لها، لماذا لا يصنع إذن المواد الموجهة للاستعمال البشري في ممرات التعقيم؟ وهل ما يصنع ويسوق بل ويستعمل منذ مدة خطر؟ سؤال دفع مديرية مديرية الأدوية والصيدلة للصمت قليلاً، قبل القول: "سؤال وجيه ومهم. ما يمكن قوله هو أننا نحتاج لدراسة تأثير هذه المطهرات والمعقمات على البشر، ومعرفة هل يمكن أن تؤثر على صحتهم، خاصة على مستوى العينين وقشرة الرأس والجهاز التنفسي".
ما مصير ممرات التعقيم التي صنعت؟
قرار منع وسحب ممرات التعقيم الموجهة للأشخاص أضر بشكل مؤكد بعدد كبير من المقاولات.
مصادر موثوقة من وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي أكدت لـ"تيلكيل عربي" أن هناك عدد كبير من المقاولين اتصلوا بها، لمعرفة مآل هذا الملف، وكيف سيتعاملون مع هذا المستجد.
صاحب شركة " Access Pub" عدنان مقتبيل أقر بأنهم "وزعوا من طنجة إلى أكادير 70 ممرا للتعقيم، بالإضافة إلى طلبات بالعشرات من مختلف الزبناء، وأن هذه الممرات ركبت في فضاءات عمومية وفي مداخل وحدات صناعية ومراكز تجارية كبرى".
وأضاف المتحدث ذاته أن لديهم "طلبات لتصدير ممرات التعقيم إلى خارج المغرب، تفوق 2000 ممر، وعدد منها لمؤسسات حكومية".
وهل التزمت الشركة بقرار المنع والسحب؟ يجيب صاحب شركة " Access Pub" بالقول "اتصلنا بزبنائنا، وأخبرناهم بوقف استعمال الممرات في تعقيم الأشخاص. نحن نمنحهم 300 لترا مجانا عند التركيب، ثم نربط لهم الاتصال بالشركة المنتجة لمادة التعقيم، ولكي لا نحصي، لا نحن ولا هم الخسائر، أخبرناهم بأننا سنعيد تركيب الممرات وتجهيزها لتعقيم الآلات والمواد الخاصة بالتخزين والتوضيب والمناولة ونقل السلع"، كما جاء في بلاغ الوزارات المشترك.
هذا الخيار أكدته مصادر "تيلكيل عربي" في وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وصرحت أنه "هناك اليوم طلب عالمي على هذه الممرات".
لكن هل يؤثر قرار المنع والسحب الذي صدر على المنتوج الوطني؟ وهل نشهد في الأيام القريبة ترخيصا باستعمال مواد بعينها في التطهير دون غيرها؟ وهل سيتم الإعلان عن معايير وطنية بهذا الشأن في ظل استمرار تطبيق حالة الطوارئ الصحية؟ أسئلة تبقى مفتوحة أمام ما ستحمله الأيام القادمة من أجوبة بخصوص التحديات المطروحة أمام المغرب لكبح تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد-19).