"كان لمجموع التدابير الاحترازية المتخذة، أثر كبير على الحركة الاقتصادية ونشاط المقـاولات والمالية العمومية"، كانت هذه أبرز حلاصات تقرير لرئاسة الحكومة، صدر اليوم الخميس 30 أبريل، يتناول الإجراءات التي اتخذها المغرب لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لإنتشار وباء فيروس "كورونا" المستجد (كوفيد -19).
وشمل التقرير تدعيات الجائحة على النمو الاقتصادي ونشاط المقاولات والطلبين الداخلي والخارجي والمالية العمومية والدين الخارجي للمغرب، كما تناول التقرير تعديل قانون المالية للعام 2020.
وأورد تقرير أن جائحة فيروس أدت إلى إقفال مجموعـة مــن المقاولات وتأثر عدد مــن القطاعات، مثــل القطاع السـياحي والقطاعات التصديرية وتوقــف صناعة السـيارات منــذ 19 مارس 2020 ، مع تداعيات ذلـك عـى الصناعات المرتبطة بهـا.
وأضاف التقرير أن "تداعيات مماثلة عرفهـا قطـاع النسـيج مـن خـلال الاضطراب الـذي تعـاني منـه مصـادر التمويـن بـدول آسـيا عمومـا، وبالصيـن عـى وجـه الخصـوص، كمـا تراجـع الطلـب الخارجـي على قطـاع النسـيج، خصوصـا مـن إسـبانيا وفرنسـا".
وقال تقرير رئاسة الحكومة إن "التداعيـات غـير المسـبوقة لجائحـة كورونـا تنـذر بركـود اقتصـادي عالمي، مـا سـيؤثر سـلبا عـلى الاقتصـادات الوطنيـة، وضمنهـا اقتصـاد بلدنـا، ولا سيما على مسـتوى تراجـع الطلـب الخارجـي الموجـه للمغـرب، وخصوصـا صـادرات المهن الجديـدة للمغـرب، وعائـدات السـياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخـارج والاستثمار الأجنبي المباشر، فضـلا عـن انخفـاض الطلـب الداخـي وتبـاطء النشـاط المقاولاتي والإنتاجـي، وتقلـص الاسـتهلاك الداخلي".
وأقر التقرير بأن هذه العوامل سـيكون "لها انعكاسـات سـلبية على حيـاة المقاولات وأداء الاقتصـاد الوطنـي والتوازنـات الماكرو اقتصاديـة، وكـذا على الميزان التجـاري وميـزان الأداءات".
واعتبر التقرير أن الخروج من هذا الوضع، رهين بدعم المقاولات واستمرار صمود من استطاعت مواجهة انعكاسات الجائحة، كما تحدث عن تركيز الحكومة على وضع مقاربة استشرافية لسيناريوهات الكفيلة بإعادة الانتعاش للاقتصاد الوطني من خلال إعادة التشغيل التدريجي لمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
تفاؤل ودعوة للتضامن الاقتصادي
تقرير رئاسة الحكومة، تطرق أيضاً للتدابير التي تم اتخاذها لصالح إنقاذ المقاولات المتضررة من تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد، وما صاحب ذلك من إجاراءات فرضها تطبيق حالة الطوارئ الصحية بعموم التراب الوطني.
وذكر التقرير في هذا الصدد، بأن "الاعتمادات المخصصة مـن الصنـدوق الخـاص بتدبـير جائحـة كورونـا لدعـم الاقتصـاد الوطنـي، والقطاعـات الأكثر تأثـرا والتخفيـف مـن التداعيـات الاجتماعية لهـذه الأزمة، سـتوجه أيضـا إلى دعـم المقاولات والقطاعـات الأكثر تضرراً".
بالإضافة إلى ذلك، كما جاء في تقرير رئاسة الحكومة، فـإن "الفئـات غيـر المحتاجة لهـذا الدعـم، مدعـوة إلى الإسهام بدورهـا في المجهود الوطنـي الجماعي، مـن خلال الاستمرار في أداء مسـتحقاتها وواجباتهـا، والعمـل عـى اسـتمرارية دورتهـا الإنتاجية".
وأورد تقرير رئاسة الحكومة بنبرة متفائلة إلى حد ما، أنه "رغـم حـدة هـذه الأزمة الاقتصادية وتداعياتهـا، فإننـا نتطلـع إلى االمستقبل بأمـل وتفـاؤل، إذ أن الوضعيـة الاقتصادية العامـة التـي كان عليهـا الاقتصاد الوطنـي قبـل حـدوث هـذه الجائحـة، كانـت حسـنة وأغلـب مؤرشاتهـا كانـت إيجابيـة".
وأضاف أنه "بفضـل هاتـه الوضعيـة وبفضـل صلابة الأسس التـي يقـوم عليهـا الاقتصاد الوطنـي، ومـع العمـل عـلى اغتنـام الفـرص المتاحـة، فسـيكون بإمكاننـا تقويـة وتحديـث نسـيجنا الاقتصـادي والصناعـي وتعزيـز تنافسـيتنا، علما أن الأزمات الاقتصادية كثـيرا مـا تحمـل في طياتهـا فرصـا جديـدة للنمـو".
وتحدث التقرير ذاته، عن أن "الحكومة تعمل وتضع نصـب أعينها الإنطلاق السريع لعجلـة الاقتصاد، فهـو الضامـن الرئيـس للإنتاج وإحداث فـرص الشـغل والأنشطة المذرة للدخـل، وأيضـا للحفـاظ عـى متانـة أسـس الاقتصاد الوطنـي وتقويتهـا".
ولمواجهـة هاتـه التداعيـات والتحديـات، يقول تقرير رئاسة الحكومة، فـإن الأخيرة "سـتنكب عـلى وضـع مقاربـة شـمولية للتعامـل مـع الوضـع الاقتصادي، مـع مـا يتطلبـه ذلـك مـن تدابيـر لدعـم الاقتصـاد الوطنـي، مـن جهـة عـلى مسـتوى تخفيـف التداعيـات عـى المالية العموميـة والتوازنـات الكـبرى ومـن جهـة ثانيـة على
مسـتوى دعـم المقاولات، مـع إعطـاء الأولية للقطاعـات الحيويـة لضمـان اسـتمرارية قدرتهـا التشـغيلية والإنتاجية".
انعكاسات مالية وترشيد للنفقات
اعتبر تقرير رئاسة الحكومة أنه "مـن الطبيعـي أن تباطـؤ النشـاط الاقتصادي جـراء جائحـة فـروس كورونـا سـيكون لـه تأثيـر عـى مداخيـل خزينـة الدولـة، بفعـل تراجـع عـدد مـن الأنشـطة الاقتصاديـة وانخفـاض وتـيرة تحصيـل الديـون العموميـة، وهـو مـا فـرض عـلى الحكومة اتخاذ إجـراءات، قـد تتطلـب تضحيـات مـن الجميـع، لكنهـا تبقـى في إطـار ترشـيد النفقـات العموميـة وتوجيـه الـموارد المتاحـة نحـو الأولويات التي يفرضهـا تدبـر آثـار وتداعيـات انتشـار وبـاء كورونـا".
وذكر التقرير أنه "تقـرر، خـلال هـذه الفـترة الاستثنائية إلى غايـة متـم شـهر يونيـو المقبـل، تقليـص أو إلغـاء النفقـات غـر الضرورية مـن قبيـل نفقـات النقـل والتنقـل، وتدبيـر حظيـرة السـيارات، والمصاريـف الخاصـة بالحفلات والتظاهـرات الدوليـة وغيرها، في حيـن سـيتم الإبقاء على النفقـات الضروريـة، مثـل أجـور الموظفـن ونفقـات الاستثمار والنفقـات المخصصـة لتدبيـر جائحـة فـروس كورونـا والنفقـات المخصصـة للحـد مـن آثـار الجفـاف، وكـذا النفقـات الاجتماعية التـي تـم الالتزام بهـا".
كما تقـرر، حسب التقرير ذاته، تأجيـل "نفقـات أخـرى، مثـل أداء المسـتحقات المترتبة عـن ترقيـات الموظفين، واستثنت فئتيـن فقـط بالنظـر لتواجدهـا في الخـط الأمامي لمواجهـة الوبـاء،وهي الموظفـون والأعوان التابعـون للإدارات المكلفـة بالأمن الداخلـي ومهنيـو قطـاع الصحـة".
وشدد التقرير على أن قرار تأجيـل الترقيات "هـو إجـراء ظـريف فقـط، ولا يمس بـأي حـال مـن الأحوال بالحقـوق المكتسـبة للفئـات التـي شـملها هـذا الإجراء".
ونفى التقرير أن تكون الحكومة قد قررت "إلغـاء نفقـات ذات طابـع اجتماعي مـن قبيـل منـح الطلبـة ونفقـات صنـدوق التامسـك الاجتماعي"
ووصفت الحكومة هذه الإجراءات بـ"عملية ترشيد إرادية وشاملة"، وليست "عملية تقشف".
وبخصوص قانون المالية للعام 2020، وما راج حول تعديله على لسان وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بن شعبون، تطرق تقرير رئاسة الحكومة لهذا الجانب بالقول: "إذ لا نستبعد إمكانية اللجوء إلى قانـون ماليـة تعديلي في المستقبل، فإننـا فضلنـا التريث إلى حـين اتضـاح أكثـر وأدق للوضعيـة ولاسيما لانعكاساتها الميزانياتية والمالية".