لا تقتصر معاناة مغاربة العالم على المغاربة العالقين في دول المهجر، بسبب إغلاق الحدود نتيجة انتشار فيروس "كورونا" المستجد، بل إن الآلاف منهم عالقون في بلدهم الأصلي بعيدا عن أسرهم بالخارج.
هذا الوضع دفع بعضهم، صباح اليوم الاثنين، إلى التجمع في مدينة الدار البيضاء، ثم قرروا التوجه إلى الرباط من أجل الاحتجاج أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في ظل الحجر الصحي.
"تيلكيل عربي" يسلط الضوء على معاناة هؤلاء من خلال عدد من الشهادات.
رحلة الجحيم
"قدمت إلى المغرب من اسبانيا في 10 من مارس، وكنت أنوي البقاء يومين فقط، إلا أنني فوجئت بإغلاق الحدود، لتبدأ رحلة الجحيم، التي لم تنته بعد"، تقول كوثر الشراطي، البالغة من العمر 31 سنة والأم لطفلين، وهي واحدة من آلاف المغاربة العالقين في بلدهم، الذين فرق "فيروس كورونا" بينهم وبين أسرهم المتواجدة في أوروبا.
تؤكد الشراطي أن بقاءها في المغرب تسبب لها في مشاكل جمة، فابنتها الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها العام الأول لم يتم تلقيحها، بعدما أكد لها أطباء مغاربة عدم إمكانية ذلك بسبب عدم تتبعهم لها منذ البداية، أما طفلها البالغ من العمر 9 سنوات فبقي لوحده مع والده في إسبانيا.
ما يؤرق هذه الأم هو أن طفلها الصغير مصاب بفرط الحساسية الغذائية، مما يستوجب تناوله للحقن يوميا قبل إفطاره، فيما والده لا يستطيع التكفل به يوميا لانشغاله بالعمل خارج المنزل.
الشراطي، الحاملة للجنسية الإسبانية، تشدد على أنها رغم ترددها على القنصلية الاسبانية في الدار البيضاء إلا أنها لم تتلق أي جواب عن سبب عدم وجودها ضمن الذين غادروا المغرب في 3 من أبريل الماضي.
وتضيف "لا أعرف المعايير التي تم على أساسها الاختيار، لكنني أعرف أن هناك شبابا وأشخاصا في صحة جيدة غادروا، فيما تم استبعادي رغم الوضع المأساوي الذي أعيشه".
شركة مغلقة
حالة الشراطي ليست الوحيدة، فطارق الراجي، ابن مدينة مكناس، علق مع زوجته الحامل في المغرب، ومازال بدوره ينتظر الفرج.
لدى الراجي شركة في إسبانيا ويشغل عددا من الشباب، إلا أن بقاءه في المغرب كل هذه المدة تسبب في توقفها عن العمل مؤقتا.
ويقول إن زوجته كانت على وشك مناقشة أطروحة دكتوراه، إلا أن بقاءهما في المغرب حال دون ذلك، كما أن إنجاب زوجته في المغرب يعني عدم حصول رضيعتها على الجنسية الإسبانية.
الحمل والبعد عن الأسرة
بدورها، تؤكد "نجوى" أنها عالقة في مكناس منذ 3 مارس رفقة رضيعتها، فيما يعاني طفلها، البالغ 12 سنة، العزلة في البيت لوحده في إسبانيا بسبب عمل والده اليومي.
وتضيف "نفسيتي تتدهور يوما بعد يوم، وللأسف لم نتلق أي جواب لحد الآن، كل ما أريده أن أغادر المغرب لألتحق بابني وزوجي".
وضعية المغاربة العالقين في بلدهم تزداد صعوبة حينما يتعلق الأمر بالنساء الحوامل، في وضعية هاجر العسري، ابنة مدينة القصر الكبير، التي مر على بقائها في المغرب أكثر من شهرين.
العسري، الحامل في شهرها الخامس، تؤكد أن بقاءها بعيدا عن زوجها أُثر كثيرا على نفسيتها، التي زادت تدهورا في الآونة الأخيرة بسبب الحجر الصحي، وتأثير الحمل.
وتضيف "ما يؤسفني أننا لم نتلق أي جواب، ولم نجد أي مسؤول يستمع لنا، كما أنني لم أزر الطبيب منذ قدومي للمغرب، رغم صعوبة الحمل".
"أصبحت مشردة"
وضعية "وفاء"، ابنة مدينة تاوريرت، مختلفة شيئا ما، فقد أكدت أنها أصبحت شبه متشردة في المغرب، إذ تقضي أيامها في بيوت الجيران.
"وفاء" التي جاءت من إسبانيا لتوديع والدتها التي كانت تنوي التوجه للملكة العربية السعودية من أجل قضاء العمرة، وجدت نفسها عالقة في المغرب.
وتضيف "تقطعت بي السبل، واضطررت لبيع أثاث شقتي في المغرب من أجل شراء الدواء".
وما يزيد من معانات "وفاء" هو بعدها عن ابنتيها، اللتين إحداهما قاصر.
وتقول "لدي بنتين من طليق مغربي، هن الآن تسكنان مع زوجي الاسباني، لكنهما تعانيان صعوبة في التواصل معه بسبب عدم إتقانهن للغة الاسبانية، وعدم اتقانه للغة العربية"، قبل أن توجه نداء للسلطات المغربية والإسبانية من أجل إيجاد حل لها ولباقي العالقين.