بعث 81 برلمانيا من فريق الأصالة والمعاصر، بمذكرة طعن بعدم دستورية مسطرة التصويت على القانون رقم 26.20 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.20.320 الصادر في 13 شعبان 1441 (7 أبريل 2020) المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، إلى رئيس المحكمة الدستورية والقضاة أعضاء المحكمة الدستورية المحترمون.
وجاء في المذكرة التي توصل بها "تيلكيل عربي " ، أن "النائبات والنواب البرلمانيين أعضاء فريق الأصالة والمعاصرة الموقعين على المذكرة، واستنادا إلى أحكام الفصول 129 و130 و131 و132 من الدستور، يتقدمون بإحالة القانون المشار إليه، بسبب خرق مسطرة التصويت عليه".
وأضحت المذكرة، أنه من حيث الاختصاص: حيث إن الفقرة الثالثة من الفصل 132 من الدستور، تنص على أنه "يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو رئيس مجلس المستشارين، أو خمس أعضاء مجلس النواب، أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور"، مما يكون معه الاختصاص منعقدا للمحكمة الدستورية للبت في الموضوع.
أما من حيث الشكل، حسب مذكرة الطعن، فإن "الفقرة الثالثة المشار إليها، تشترط، شكلا، في الإحالة أن تكون مقدمة من قبل خمس أعضاء مجلس النواب على الأقل، وأن تتم الإحالة قبل إصدار الأمر بتنفيذ القانون. وحيث إن هذه الإحالة تمت قبل صدور الأمر بتنفيذ القانون المعني، وأنها أرفقت بقائمة تضم 81 توقيعا؛ مما تكون معه الإحالة قد قدمت في تقيد بما يتطلبه الدستور في الموضوع".
وأوردت المذكرة، أنه من حيث الموضوع في شأن الوسيلة المتعلقة بخرق أحكام الفصل 60 من الدستور، فإن "عملية التصويت المتعلقة بالقانون رقم 26.20 القاضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.20.320 الصادر في 13 شعبان 1441 (7 أبريل 2020) المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، التي تمت في الجلسة العامة لمجلس النواب المنعقدة يوم الخميس 6 رمضان 1441 (الموافق لـ 30 أبريل 2020)، كما هي موثقة بالصوت والصورة، مخالفة لما هو مضمن بمحضر الجلسة الرسمي رقم السادسة عشر بعد المائة، المنشور على البوابة الإلكترونية لمجلس النواب، ذلك، أن رئيس مجلس النواب عند قيامه باحتساب المصوتين على القانون المذكور، لم يحترم الإجراءات المسطرية المضمنة في النظام الداخلي للمجلس المعني، والتي تعد من القواعد الجوهرية لصحة وصدقية التشريع، بحيث لم يُحدد بدقة عدد الحاضرين في هذه الجلسة، كما لم يحتسب عدد المصوتين بنعم، وعدد المصوتين بلا، و عدد الممتنعين، فالتصويت على هذا القانون، كما هو موثق بنص المحضر الورقي جاء وفق الصيغة الآتية: صادق مجلس النواب بالأغلبية على مشروع قانون رقم 26.20 يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، وهو ما يستفاد منه وجود أصوات معارضة صوتت بلا، لكن المحضر لا يشير إليها، وإلى عددها والجهة التي صدرت عنها".
وأضافت مذكرة الطعن أنه "في المقابل، فإن التسجيل الصوتي لنفس الجلسة، يتبين من الإطلاع عليه، أن رئيس الجلسة صرح حرفيا بأن المصادقة على هذا القانون تمت بناقص معارض واحد، يعني الإجماع، يعني 394 مصوتا؛ هذا التصريح العلني، لم يدون ولم يتم ضبطه قط في المحضر الرسمي، المعد الوثيقة الرسمية الموثقة لكل ما راج في الجلسة العامة، بما يعنيه ذلك من عدم تطابق معطيات الواقع، وتلك المدونة بالمحضر، وهو ما يعد مسا بصدقيتها".
إضافة إلى ذلك، تقول مذكرة برلمانيي الأصالة والمعاصرة "فإنه تم خلال هذه العملية، أيضا، احتساب أصوات برلمانيين متغيبين، مما يشكل وجها آخر للإخلال بالفصل 60 من الدستور، الذي ينص على أن البرلمان يتكون من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين؛ ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه".
وأوردت المذكرة أن "هذا الاحتساب أخل بمضمون المادة 156 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تؤكد، على أن التصويت يكون برفع الأيدي أو بواسطة الجهاز الإلكتروني المعد للتصويت".
وأشارت المذكرة إلى أن "الحضور بالجلسة العامة المعنية، اقتصر على ثلاثة ممثلين عن كل فريق، بناء على قرار مكتب مجلس النواب، المؤرخ في 30 مارس 2020. مما يتعين معه ملاحظة أن القانون رقم 26.20 المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، قد تمت المصادقة عليه في هذه الجلسة في خرق واضح لمسطرة التشريع".
وأشارت المذكرة إلى أن "المسطرة التشريعية جزء لا يتجزأ من التشريع نفسه، وأنه سبق للمجلس الدستوري (في قراره رقم 15/950 أن ألغى القانون التنظيمي لقانون المالية، لكون المسطرة المتبعة في إقراره لم تحترم حق أحد مجلسي البرلمان في الإطلاع على تعديلات الحكومة)، وكذا للمحكمة الدستورية (في قرارها رقم 19/89 المتعلق بقانون التنظيم القضائي)، أن ألغيا قوانين لم تحترم أحد مقومات المسطرة التشريعية. غير أن ما يلاحظ في ما يخص المرسوم بقانون المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، أن الذي لم يطلع على نص القانون هو النائب نفسه، ولم يتداول بشأنه ولم يحضر في جلسة التصويت الخاصة بالقانون المذكور، ومع ذلك تم احتساب تصويته وتم تفويضه، ضدا على أحكام الفصل 60 من الدستور".
كما تطرقت المذكرة إلى أن محضر الجلسة العامة الرسمي المنشور على البوابة الإلكترونية للمجلس، وقالت إنه "بينما لم يُشَر في نص المحضر إلى عدد النواب الذين عارضوا القانون"، بالإضافة إلى أن "أحد النواب الحاضرين عارض القانون، دون أن تتم الإشارة إليه، أو إلى هذه الواقعة، في نص التقرير، في مقابل، الإشارة في تصريح الرئيس بالجلسة العامة إلى أن عدد الموافقين على هذا القانون هو 394، في حين الحضور كان هو 22 نائبا فقط، بمعدل ثلاث نواب عن كل فريق، إلا أن الرئيس صرح برقم 394 عدد النواب الموافقين على هذا القانون، وبذلك اعتبر أن 22 نائبا الحاضرين يمثلون الغائبين، ولهم تفويض للتصويت نيابة عنهم، وهذا فيه خرق للفصل 60 من الدستور، لاسيما وأن التصويت مسألة ضمير واختيار يهم السيدات والسادة النواب بشكل شخصي، لذلك منع الدستور تفويضه".
وقالت مذكرة الطعن إن "المحكمة الدستورية ستكون أمام تقريرين مختلفين لنفس الجلسة التشريعية، بوجود محضر رسمي مكتوب معيب، وتسجيل بالصوت والصورة معيب أيضا، وأنه لا رابط بينهما، عمليا، إلا الموضوع".
كما أثارت مذكرة برلمانيي الأصالة والمعاصرة إلى مسألة الحضور في جلسات التوصيت، وتطرقت إلى اجتهادات قضائية بشأن دستورية التفويض لرئيس الفريق.
وفيما يخص تمرير المرسوم بقانون في سياق حالة الطوارئ الصحية، أوردت مذكرة الطعن أن "البعض ذهب إلى أن وجود حالة للطوارئ الصحية، يعد شكلا من الاستثناء يبرر القبول العرضي لبعض التصرفات القانونية".
في هذا السياق، أثارت المذكرة مجموعة من الملاحظات، وهي:
*أن القانون موضوع المصادقة لا يحتاج إلى أغلبية دستورية معينة، وأنه يمكن التصويت عليه بالحد الأدنى من السيدات والسادة النواب ويعتبر التصويت صحيحا.
*أن الفصل 70 من الدستور لم يشترط عدد معين من الحضور أثناء التصويت على القوانين، حيث ينص على أن البرلمان "يمارس السلطة التشريعية. يصوت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة"، وأن الفصل 81 من الدستور كذلك لم يشترط بدوره نصابا معينا للتصويت على قوانين المصادقة على مراسيم قوانين، إذ نص على أنه "يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية".
* أن التعامل مع هذا القانون بإخلالات دستورية وقانونية لا مبرر لها، ما دام أن الوضع القانوني لا يحتاج إلى ذلك، لأن طبيعة الوضعية التي كان فيها المجلس كان بإمكانه التصويت على هذا القانون بمن حَضَر، وأن ذلك لن يخل البتة بمسطرة التشريع، وأن العيوب التي طالت المحضر وعدم إحاطته بمسطرة التشريع في كليتها، فيها مساس بحقوق السيدات والسادة النواب، لا سيما منها تلك المتعلقة بمعرفة مآل التصويت على القانون ومدى شرعيته، وبذلك تكون مسطرة التصويت قد أخلت بأحكام الفصل 84 من الدستور، الذي ينص على أنه "يتداول كل مجلس في النص الذي صوت عليه المجلس الآخر في الصيغة التي أحيل بها عليه ؛ ويعود لمجلس النواب التصويت النهائي على النص الذي تم البت فيه، ولا يقع هذا التصويت إلا بالأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين".
*أن اشتراط أغلبية معينة من حضور السيدات والسادة النواب جاء بشكل حصري في الدستور منها حالات التصويت على (السادة أعضاء المحكمة الدستورية، و التصويت على ملتمس الرقابة و سحب الثقة).
*أن هذه المسطرة تشكل كذلك إخلالا بمضمون المادة 156 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على أن "الاقتراع يكون صحيحا أيا كان عدد الحاضرين إلا في الحالات التي يوجب فيها الدستور أغلبية معينة".
*أنه بالنظر لما للملك من سلطة الأمر بتنفيذ قانون، وأن المحضر هو الوثيقة السند لمعرفة حسن سير مسطرة التشريع ومساهمة القوى البرلمانية فيها، غير أن المحضر الذي بين أيدينا لا يفي بالغرض، ويختلف في صيغته المكتوبة مع تلك المسجلة صوتا وصورة، بل وأن واقع الجلسة يتعارض مع التوثيق الورقي المنشور على بوابة المجلس.
*أن مسطرة التصويت، لحساسيتها، ودقتها، وتعلقها بأجرأة حكم دستوري قاطع وواضح، يجعل النصوص المنظمة لها، بغض النظر عن تراتبيتها، جزءً لا يتجزأ من الكتلة الدستورية، وللمحكمة الدستورية حق مراقبتها والتثبت، في ضوئها، من سلامتها.
*أن الطريقة التي تم بها التصويت على هذا القانون، وكيفيات نقل معطياتها إلى المحضر، تجعلنا نعدها إجراءات باطلة، وأن هذا العيب، بالنظر لأنه يطال حلقة مهمة وأخيرة في عملية المصادقة البرلمانية، يتعين معه إلغاء القانون المذكور، لعدم مطابقته للدستور، ولمقتضيات النظام الداخلي الهادفة إلى بيان كيفيات ممارسة حق التصويت باعتباره حقا دستوريا، وترتيب الآثار القانونية على ذلك.
والتمست مذكرة الطعن من المحكمة الدستورية:
*التصريح بعدم دستورية المسطرة التشريعية المتبعة في إقرار القانون، موضوع الإحالة، لا سيما منها الجوانب المرتبطة بالتصويت، والتصريح تبعا لذلك بعدم دستورية قانون المصادقة في كليته؛
*حفظ حق المحكمة الدستورية في إثارة ما يبدو لها من وسائل دستورية جديدة لم تُحِط بها الإحالة، إسوة بالمنهج الذي سارت عليه في قرارها عدد 19/89 بشأن مراقبة دستورية قانون التنظيم القضائي، بتوسيعها دائرة فحص الدستورية بشكل تجاوز طلبات رئيس الحكومة في إحالته إلى المحكمة الموقرة. وفي هذا الإطار، تود جهة الإحالة، من المحكمة الدستورية النظر في مدى دستورية تعديل المقتضى المتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، الذي ورد في صيغته الأصلية وفق قانون للمالية السنوي، بواسطة قانون عادي. لما في ذلك من رفع اللبس المتعلق بهذه النقطة القانونية، وبما يحفظ مجالات التشريع وفق قانون المالية، المحددة وفقا للقانون التنظيمي لقانون المالية لا سيما المادة السادسة منه، من امتداد التشريع بمقتضى القوانين العادية إليها.
*عدم إصدار الأمر بتنفيذ القانون، وإيداع مشروع قانون المصادقة من جديد، بعد ترتيب الحكومة لأثر قرار المحكمة الدستورية في الموضوع، لدى مكتب مجلس النواب.