استقى "تيلكيل عربي" آراء 10 أطباء، إما يوجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة "كوفيد-10"، أو هم عارفون بفيروس "كورونا" المستجد وقدرته العجيبة على الانتشار، لمعرفة تصورهم لرفع الحجر الصحي وإنهاء الطوارئ الصحية في الفترة ما بعد 20 ماي الجاري (قبل الإعلان عن تمديد الحجر والطوارئ لثلاثة أسابيع).
في ما يلي رأي البروفسور شكيب النجاري، رئيس جامعة محمد السادس لعلوم الصحة:
كما تعلمون، فجائحة "كورونا" تظل بدون معطيات سابقة وتترك معها عدة أسئلة معلقة، سواء من ناحية الدينامية الوبائية أو من ناحية استراتيجية التعامل الفعالة. اليوم، أظهر التباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية فقط فعالية في هذا الصدد.
حاليا، وبعد مرور شهرين على تطبيق الحجر الصحي للساكنة في المغرب وما ترتب عنها من تأثيرات سوسيو-اقتصادية وصحية، يجب التوفر على استراتيجية محكمة لإجراءات رفع الحجر الصحي بهدف تفادي حصول انتكاسة وتفشي الوباء من جديد.
هذا الحجر الصحي، الذي تمت أجرأته بشكل مبكر في بلادنا مكن من تقليص نسبة التفشي، ونسبة الفتك وأيضا نسبة الحالات التي توجد في العناية المركزة. أيضا، مكن من الحؤول دون تشبع النظام الصحي وتطور الوضع إلى التحول إلى المرحلة الثالثة من التفشي المجتمعي.
هذا الإجراء جنب بلادنا الوقوع في سيناريوهات كارثية (أكثر من 6000 حالة وفاة، أي 200 حالة وفاة يوميا).
رفع الحجر الصحي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحالة الوبائية الحالية وبقاء البؤر العائلية داخل عدة أقاليم مما ينبئ بإطالة عمر الوباء في هذه المناطق، أي أن رفع للحجر الصحي يجب أن تقابله مراقبة صارمة وإجراءات احترازية للوباء (الحد من ظهور بؤر جديدة، الحد من انتشار الوباء داخل المناطق التي توجد بها حالات منعزلة أو بؤر صغيرة، الحد من عودة الفيروس في مناطق تم إعلانها خالية من الوباء) مع نظام صحي قوي ومدعم، ونظام كشف سريع للحالات الإيجابية، ونظام مراقبة وبائية صارمة ومخزون كافي للمواد المستعملة في الوقاية الفردية والجماعية (الكمامات، أدوات التعقيم الكحولية....).
لا توجد قواعد ثابتة للخروج ورفع الحجر الصحي، كما لا توجد قيمة وحيدة لسرعة التفشي "R0" للخروج بقرار. قيمة سرعة التفشي يجب أن تكون أصغر من 1 ولكن كم هي بالضبط لحسم الأمور؟ مع الأخذ بالعلم أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تتدخل في هاته الحالة، كاستقرار أو انخفاض سرعة التفشي خلال فترة كافية (أسبوعان في العموم)، عدد الحالات النشيطة الحالية، القدرة على إنجاح وسائل المراقبة، قدرة النظام على التعامل في حالة الانتكاسة، الكثافة السكانية، بالإضافة إلى معدل الاختلاط السكاني.
قرار رفع الحجر يعتمد بالأساس على معادلة معقدة قد تكون نتائجها وخيمة إذا لم تكن الخطوات المعتمدة غير محسوبة.
في السياق الوبائي الحالي في المغرب، والذي يتميز بتفاوت إقليمي لتطور الوباء، معدل التفشي لكل منطقة (جهة أو إقليم)، يمكن من اتخاذ القرارات بشكل أكبر منه على الاعتماد على معدل التفشي على الصعيد الوطني.
قيمة "R0" تحت عتبة الـ1 لا يلغي تماما فرضية موجة ثانية من الوباء.
في استراتيجية رفع الحجر الصحي، من المهم جدا تقدير المخاطر والاستعداد لأي نكسة ممكنة الحدوث. لهذا، يجب أن يكون رفع الحجر محاطا بكثير من الحيطة والحذر وعلى عدة مراحل زمنية ومراقبة وبائية تعتمد أساسا على مؤشرات دقيقة.
وسائل رفع الحجر يجب أن تتكيف مع الخصائص الوبائية لكل منطقة. هذه المعطيات الوبائية الحالية تبرز وجود ثلاث أنواع من المناطق، إذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الحالات النشيطة.
يمكن في المناطق الجغرافية (جهات، أقاليم أو ولايات) التي لا توجد بها أي حالة نشيطة خلال عدة أسابيع أن يتم رفع للحجر الصحي وعودة جميع الأنشطة السوسيو-اقتصادية بشرط الإبقاء على الإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي. كما يجب تشديد المراقبة على الدخول إلى هذه المناطق.
وبالنسبة إلى المناطق التي بها حالات نشيطة ولكن متحكم فيها، رفع الحجر الصحي تدريجيا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تم تحقيق بعض الشروط، منها سرعة التفشي يجب أن تكون أقل من 0,7، وعدد قليل من الحالات النشيطة ومعدل ضعيف للوفيات. أيضا، يمكن تحقيق هذا الرفع في المناطق ذات التأثير الاجتماعي والاقتصادي القوي، على غرار مدينة الدارالبيضاء أو المناطق ذات البؤر المركزة والمتحكم فيها.
الاستراتيجية يجب أن تمكن من إعادة دوران العجلة الاقتصادية والاجتماعية مع خطر وبائي متحكم فيه إلى أقصى درجة. في هذه الحالة، يجب التفكير في حماية الحالات المهددة والتجمعات الخاصة أو المهنية وإعطاء الأولوية للعمل عن بعد، وتحسين الخدمات الطبية، بالإضافة إلى مراقبة الدخول للجهات لتجنب انتشار الوباء.