استقى "تيلكيل عربي" آراء 10 أطباء، إما يوجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة "كوفيد-10"، أو هم عارفون بفيروس "كورونا" المستجد وقدرته العجيبة على الانتشار، لمعرفة تصورهم لرفع الحجر الصحي وإنهاء الطوارئ الصحية في الفترة ما بعد 20 ماي الجاري (قبل الإعلان عن تمديد الحجر والطوارئ لثلاثة أسابيع).
في ما يلي رأي الدكتور جمال بوزيدي، أخصائي أمراض الرئة والحساسية ورئيس العصبة المغربية لمحاربة داء السل:
أرى أن الوضعية كان متحكما فيها إلى وقت قريب، ولو استمر الحال كما بدأ حين إقرار حالة الطوارئ الصحية، لكان رفع الحجر الصحي في المغرب، إن صح التعبير في وصفه كذلك، يوم 20 ماي الجاري.
عندما أقول إن احترام تدابير وإجراءات الحالة الصحية، كان سيجعلنا نمر سريعاً إلى رفع الحجر وإن تدريجياً، يعود بالأساس إلى تسجيل انخفاض في حالات الإصابات خلال الأسابيع الماضية، لكن سرعان ما عاود مؤشر تسجيل الإصابات إلى الارتفاع متجاوزاً حاجز المائة إصابة يومياً في أكثر من مرة. بشكل مباشر، يمكن القول إننا فرطنا في فرصة ترك حالة الدورة من حيث عدد الإصابات خلف ظهورنا.
أرى أن طرح السؤال حول فرضية الخروج من حالة الطوارئ الصحية، خلال التاريخ الذي حددته الحكومة، يفرض النظر إلى الحالة الوبائية التي يعرفها المغرب اليوم، ونسبة انتشار الفيروس، خاصة في أوساط المخالطين لحالة الإصابة المؤكدة بـ"كورونا" المستجد.
وما يمكن الحديث عنه اليوم هو تحرير بعض الجهات فقط، التي لم تسجل أي حالة إصابة جديدة طيلة الأسابيع المنصرمة، أو شهدت انحسارا حقيقيا لانتقال العدوى، مع التشديد على ضرورة تتبع الحالة المخالطة للمصابين وحصرها، ولم لا التعجيل بإجراء تحليلات لها؟
ويمكن أن تبدأ السلطات بالأقاليم الجنوبية كمرحلة أولى في التخفيف من تطبيق حالة الطوارئ الصحية، ثم نمر إلى الأقاليم التي لم تعرف تسجيل إصابات في صفوف قاطنيها، مع الحرص على تكثيف حملات التواصل المباشرة مع المواطنين، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق التي تعرف كثافة سكانية عالية، لأن دخول أي مصاب إليها، مع تخفيف إجراءات وتدابير حالة الطوارئ الصحية، قد تنتج عنه بؤر للوباء لا يمكن التحكم فيها.
بعد ذلك، نمر إلى التخفيف من الحجر الصحي، حسب الفئات، أي صغار السن أولاً، بالنظر إلى أن كل الدراسات والتجارب أظهر عدم خطورة إصابتهم بالفيروس، وترك الفئات العمرية التي تجاوزت الستين سنة إلى وقت لاحق، كما قامت بذلك فرنسا، حيث تقرر أن لا يخرجوا من المنازل حتى شهر فبراير من العام 2021.
المشكل في المغرب هو أن مؤشر تطور الإصابات مثل أسنان المنشار، وفي كل مرة نقول أن هذا الرقم هو ذروة عدد الإصابات، أو نقول هذا الرقم هو الأقل، لكن يمر يوم أو يومان ثم ترتفع الحالات مجدداً، أو تنخفض.
ولا يمكن أن نقفز على أن كل دول العالم التي لا تعرف بالضبط متى سوف تنتهي هذه الأزمة، وهناك أمل بأن يخضع الفيروس لدورة الحياة العادية لكل الفيروسات من فصيلته، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
في المقابل، يجب أن نتعلم من دروس التاريخ، وتجارب الإنسانية مع الفيروسات القاتلة، وأقصد هنا خطر تسجيل موجة ثانية من الإصابات بالفيروس، كما وقع بداية الألفية الماضية بسبب فيروس الأنفلونزا الإسبانية، إذ سجل حينها أكبر عدد من الإصابات والوفيات خلال الموجة الثانية من انتشاره، وهذا هو التخوف، يمكن أن تقع كارثة على المستوى العالمي.
الأمل في المغرب اليوم هو عدد المرضى المتعافين من الفيروس يومياً، إذ بلغ المتوسط باحتساب جميع حالات الشفاء طيلة الأسابيع الماضية، ما بين 60 إلى 90 حالة شفاء يوميا، وهذا العدد مقارنة مع المعدل العالمي، يظهر أن الوضع الوبائي في ما يخص الفتك مضبوط ومسيطر عليه، وهذا يعود بالأساس إلى اعتماد المغرب للبروتكول العلاجي بدواء "الكلوروكين" منذ مدة.
هذا دون أن نغفل ضرورة الوقاية من العدوى على مدى الأشهر القادمة، وعندما أقول لأشهر، أعني بذلك لمدة تفوق 6 أشهر، مع الحفاظ على تدابير التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والنظافة وتعقيم كل الفضاءات يومياً.
وجواباً عن سؤالكم بخصوص إمكانية انتقال العدوى مجدداً للمصابين المتعافين، فعلاً هناك خلاصات علمية متضاربة بهذا الشأن، لكن الأكيد أن المصاب الذي شفي من الفيروس لا يعاوده المرض بشكل عنيف، لأنه يكتسب ما نسميه مناعة مضاضات الجينات، ثم تظهر عنده مناعة طويلة الأمد. مثلا في ما يخص فيروس "سارس" و"ميرس"، وهي من فصيلة فيروس "كورونا" المستجد، تستمر المناعة المكتسبة مع المريض الذي شفي منهما من ثلاث إلى أربع سنوات.