استقى "تيلكيل عربي" آراء 10 أطباء، إما يوجدون في الصفوف الأمامية لمواجهة "كوفيد-10"، أو هم عارفون بفيروس "كورونا" المستجد وقدرته العجيبة على الانتشار، لمعرفة تصورهم لرفع الحجر الصحي وإنهاء الطوارئ الصحية في الفترة ما بعد 20 ماي الجاري (قبل الإعلان عن تمديد الحجر والطوارئ لثلاثة أسابيع).
في ما يلي راي البروفيسور غسان الأديب، أخصائي وأستاذ التخدير والإنعاش في المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس مراكش:
برأيي المغرب مستعد لرفع الحجر الصحي، لكن بشروط، والأكيد أن رفعه سيكون جزئياً وليس كلياً.
وأرى أن رفع الحجر ينقسم إلى ثلاث مستويات؛ الأول مرتبط برفع الحجر عن المواطنين، وهي مسألة أعتقد أنها صعبة جداً، لأن عيد الفطر سوف يطرح مشكلا كبيرا، بالنظر إلى الرغبة عند كثيرين في التحرر من الجلوس في المنازل والرغبة في زيارة الأقارب، وكل ما يرافق يوم العيد من عادات وتقاليد.
بالنسبة إلي، يجب أن تحرص السلطات على منع تبادل الزيارات خلال عيد الفطر، وفرض التباعد الاجتماعي، مع الاستمرار في مراقبة استعمال كل من يخرج إلى الشارع لوسائل الوقاية، خاصة الكمامات.
لماذا ركزت على هذه النقطة بالذات؟ لأنه إذا كانت هناك حركية كبيرة في عيد الفطر، سوف يعود الفيروس إلى الانتشار بنسبة أكبر، وعدد كبير من المصابين قد يخافون من التنقل إلى المستشفيات من أجل إجراء التحليلات، وبذلك سوف ينقلون العدوى إلى آخرين في محيطهم.
كما لا يمكن رفع الحجر الصحي على المناطق التي لم يتراجع فيها "R0" (عدد التكاثر الأساسي وهو: عدد الحالات الجديدة التي يمكن لحالة إصابة واحدة نقل العدوى إليها)؛ أي أنه مازلنا في مرحلة شخص واحد مصاب ينقل العدوى إلى أكثر من شخص مخالط.
كما لا يمكن رفع الحجر الصحي على المدن التي تتواجد فيها بؤر لتفشي فيروس "كورونا" المستجد. ويجب أيضاً، استمرار إجراء منع التنقلات بين المدن، خاصة التي لم تعرف إلى اليوم أي إصابات بالفيروس. يجب منع التنقل إليها نهائيا، إن رفع الحجر جزئياً بعد 20 ماي.
الأكيد أننا قمنا بمجهودات كبيرة. وعرفت الأسابيع الأخيرة تطوراً في التتبع الصحي والكشف السريع والتكفل بالمصابين، قبل تطور حالتهم، كما تطور استعمال الأدوية، وتطورت بنية الاستقبال في أقسام الإنعاش.
مع ذلك، أشدد على أنه إذا رفع الحجر الصحي جزئيا في 20 ماي، سوف يشمل ذلك بعض المدن والمناطق، بشكل أدق المناطق التي لم تسجل أي حالة جديدة طيلة أسبوعين، وإلى حدود اليوم لم نسجل ذلك في أي منطقة تعرف انتشاراً للفيروس.
عودة عجلة الاقتصاد للدوران أمر مهم وأساسي، كما يجب التركيز على عودة بعض الأنشطة التي تكسب منها الفئات الهشة قوت يومها، لكن أكرر دائماً أن كل هذا يجب أن يتم وفق كل الإجراءات والوقائية التي كانت مفروضة طيلة فترة فرض حالة الطوارئ الصحية.
أمام كل هذا، هناك أمر مهم جداً، أنا كطبيب وقريب جداً من علاج الحالات المصابة بمرض "كوفيد-19" بشكل يومي، أؤكد لكم أن أكثر من 43 مستشفى في المغرب، تحولت كلها إلى متخصصة في علاج "كوفيد-19"، ومن يعانون من أمراض مزمنة تتطور حالاتهم في المنازل.
في السياق ذاته، وجب الإشارة إلى أنه في العشرة أيام الأخيرة من رمضان، تظهر أعراض كثيرة عن الذين يعانون من الأمراض المزمنة، مثل جلطات دماغية وقرحة المعدة وضغط الدم... وهذه الحالات قد تتسبب في وفيات، لذلك يجب الاهتمام بها.
لذلك يجب أن نسرع برفع الحجر الصحي عن المستشفيات، بوضع مسارين منفصلين، مسار خاص بمرضى "كوفيد-19" ومسار آخر خاص بمن يعانون من الأمراض المزمنة.
من ناحية أخرى، هناك مرضى يحتاجون عمليات جراحية، خاصة منهم المصابون بالسرطان، يعني يجب إعادة تشغيل أقسام الجراحة من أجل إجراء العمليات الجراحية نصف الاستعجالية.
الموارد البشرية في قطاع الصحة يجب إعادتها تدريجيا إلى تقديم الخدمات الصحية الأخرى، وتسهيل تنقل من يعانون من الأمراض المزمنة في ظروف آمنة، بعد إعطائهم الثقة بالتنقل إلى المستشفيات.
ما يحكم بالدرجة الأولى لحسم رفع الحجر الصحي هو تطور الحالة الوبائية. الآن عندنا مؤشرات مطمئنة نوعاً ما بخصوص نسبة الوفيات، وعدد الحالات التي نكتشفها بالنظر إلى عدد التحليلات المنجزة.
لكن أشدد على أن المناطق التي فيها بؤر لتفشي الوباء في مدن مثل الدار البيضاء والرباط، صعب جداً رفع الحجر عنها، لأن هناك مخالطين لن تظهر عليهم الأعراض سوى بعد أسبوع أو أسبوعين، وهؤلاء سوف ينقلون العدوى لآخرين.