دخلت جمعية "الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان" على خط قضية تشكي بعض الجمعيات الحقوقية من "المضايقات" التي تتعرض لها من طرف السلطات.
واعتبر "الوسيط" في تقرير له صدر مؤخرا أن الحكومة تعتمد فير برهنتها على عدم التراجع في مجال حرية الجمعيات في تقديم المعطيات الكمية من خلال الأرقام غير أن العديد من مكونات الحركة الحقوقية ما فتئت تشير إلى وجود "نكوص" و"تراجعات" مستندة في ذلك إلى حالات المنع المتواترة والتي كان جزء منها موضوعا لها.
ورصد التقرير عددا من الوقائع التي تؤكد وجود "تراجعات" في مجال حرية الجمعيات تتمثل في رفض تسلم وثائق الجمعيات أو فروعها، أو تسلم الوثائق ورفض تسليم الوصل المؤقت، واشتراط تقديم وثائق لم ينص عليها القانون، وتسليم الوصل المؤقت، والامتناع عن تسليم الوصل النهائي في الأجل المحدد قانونيا في 60 يوما، أو بعد انصرام هذا الأجل وترك الجمعيات في وضعية "معلقة" خاصة بعد أن أصدر بنك المغرب تعليمات للبنوك بعدم القيام بأي عمليات بنكية لفائدة الجمعيات ما لم تكن تتوفر على وصل الإيداع النهائي، مما يعطل أنشطة الجمعيات و يمثل حظرا عمليا على حرية نشاطها.
كما رصد التقرير عدم تمكين الجمعيات من ولوج واستعمال مختلف الفضاءات والمقرات لتنظيم بعض أنشطتها، سواء تلك الموجهة إلى أعضائها، أو تلك الموجهة للعموم، بما في ذلك الجموع العامة والمؤتمرات المخصصة لتجديد هياكلها، وفقا لأنظمتها الأساسية والمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، ووضع العراقيل أمام ولوج بعض الجمعيات إلى الدعم المالي بدون مصوغات قانونية أو موضوعية.
واشتكى التقرير من تهميش العديد من الجمعيات في البرامج الحوارية للقنوات العمومية وعدم تغطية أنشطتها وهو خرق واضح لبنود دفاتر التحملات ذات الصلة، بحسبه
حل جذور
توقف التقرير مطولا عند حل جمعية "جذور" بمدينة الدار البيضاء بحكم قضائي
واعتبر "الوسيط" أن قرار حل جمعية جذور هو الحدث الأبرز في سنة 2019، لأنه يعكس تحولا "نوعيا" في التعاطي مع حرية الجمعيات بالمغرب.
ويرى "الوسيط" أنه "خلال السنوات الماضية عالج القضاء المغربي العديد من الملفات ذات الصلة بحرية الجمعيات، وكرست العديد من الأحكام في محاكم مختلفة في الدرجة والتوطين توجها غلب عليه حماية ممارسة هذا الحق والتصدي لبعض ممارسات السلطة الإدارية التي كانت توسم بالشطط أو التعسف في استعمال القانون، أو سوء تأويل بعض المقتضيات، أو معاكسة نية المشرع التي تؤكد على أن النظام القانوني للجمعيات ليس نظام ترخيص بل نظام تصريح
واعتبر الوسيط أنه في "حالة جمعية جذور" قد تم الزج بالقضاء لاستصدار حكم بالحل يفتقد إلى الأسس القانونية والحقوقية المستوجبة للحل على الأقل في جانبين اثنين:
أولا: نفي الجمعية المعنية أية صلة لها بالنشاط الذي كان حجة النيابة العامة لالتماس الحكم بالحل وعدم قدرتها (أي النيابة العامة) على تقديم دليل قاطع يثبت صلة الجمعية بالنشاط.
وثانيا: استناد الحكم على مقتضيات الفصل 36 الذي يحيل على الفصل السابع، والذي بدوره يحيل على الفصل الثالث من القانون رقم 75.00 الخاص بحق تأسيس الجمعيات والذي ينص على ما يلي: "كل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال التمييز تكون باطلة".
واعتبر الوسط أنه بالرجوع إلى وقائع وتفاصيل حل جمعية جذور نجد أن هذه الجمعية لا ينطبق عليها هذا الفصل، وقد قدمت ما يكفي من الأدلة على ذلك، بما فيها التقارير عن مختلف الأنشطة التي سبق أن نظمتها وتحملت المسؤولية القانونية في عملية التنظيم بما تتوفر عليه من أهلية قانونية، بالمقابل بينت بالحجج أن لا علاقة لها بالنشاط الذي نظم في 5 غشت 2018.
و يرى الوسيط بأن اللجوء إلى القضاء من قبل السلطة الإدارية لالتماس الحكم بحل جمعية، وإن كان من الناحية الحقوقية المعيارية المجردة أمرا مستحبا ويكرس دولة الحق والقانون، فإن الحكم الصادر بحل جمعية جذور يبقى حكما غير عادل وغير منصف، ويتنافى مع الضمانات الدستورية المكرسة في الفصلين 12 و29. غير أن الأمل، بحسب الوسيط "ما يزال ممكنا لتصحيح هذا الوضع من خلال مرحلة التقاضي الأخيرة إثر تقديم دفاع جمعية جذور لطعن في الحكم الاستئنافي أمام محكمة النقض