يستمر تقييد التنقل بالمدن المغربية الكبرى شهرا آخر على الرغم من تخفيف إجراءات الحجر الصحي، المفروض في المملكة منذ مارس للتصدي لوباء كوفيد-19، ما يثير ردود فعل متحفظة.
وقررت الحكومة التخفيف تدريجيا من إجراءات الحجر ابتداء من الخميس مع تمديد حالة الطوارئ الصحية حتى 10 يوليو. ويؤكد القرار استئناف الأنشطة الصناعية والتجارية والمهن الحرة على مجمل التراب المغربي، مع استمرار إغلاق المطاعم والمقاهي ودور السينما والمسارح والمساجد.
بيد أن إجراءات التخفيف لن تغير شيئا من القيود المفروضة على سكان المدن الكبرى، منذ بدء الطوارئ الصحية في 20 مارس، باستئناء تمديد فتح المتاجر حتى الثامنة مساء واستئناف خدمات النقل العمومي جزئيا.
ويظل سكان هذه المدن التي صنفت ضمن "منطقة 2" وسجلت فيها 87 بالمئة من الإصابات بالفيروس، ممنوعين من التنقل إلا بتراخيص في حالات محددة أبرزها التوجه للعمل، تحت طائلة عقوبات للمخالفين.
وتشمل العاصمة الرباط والعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء (غرب) ومراكش (جنوب) وطنجة (شمال) وفاس (وسط) ومناطق محيطة بها، ما يمثل 39 في المئة من تعداد السكان.
من جانبهم، يستعيد سكان باقي أرجاء المملكة في "المنطقة 1" ابتداء من الخميس حرية التنقل بدون ترخيص داخل حدود مناطقهم الإدارية. كما سيكون بإمكانهم التنزه في الحدائق والساحات العامة وممارسة الرياضات الفردية بالهواء الطلق، وكذلك الاستفادة من خدمات الحلاقة والتجميل، لكن بدون إقامة أعراس أو أية تجمعات عائلية أو عامة.
وأوضح رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني الأربعاء في البرلمان أن الوضع الوبائي "يتحسن بشكل كبير"، وأن الحالات الحرجة بين المصابين لا تتعدى نسبتها 1 بالمئة، بينما لا تتجاوز نسبة الوفيات 2,5 بالمئة.
لكنه برر الاستمرار في الحجر الصحي "رغم كلفته، بعدم إعطاء الفرصة لعودة الفيروس في المناطق المهددة".
وأثار القرار، الذي سبقه ترقب وآمال عريضة برفع الحجر، تحفظات حتى في صفوف حزب العدالة والتنمية الذي يقود الإئتلاف الحكومي في المغرب.
وقال النائب عن الحزب عبد الله بوانو تعقيبا على رئيس الحكومة إن هذا التمديد "يطرح عدة إشكالات وصعوبات"، محذرا من تحول "المشكلة الصحية إلى مشكلة اجتماعية واقتصادية".
وأشار إلى أن دولا "سجلت فيها آلاف الحالات الحرجة ومع ذلك رفعت الحجر (...) لا بد من العودة للحياة الطبيعية".
وقال النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة برلمانية) عبد اللطيف وهبي "المغاربة يرغبون في رفع الحجر (...) الملايين منهم أصبحوا فقراء ولا أمل لهم في الأفق"، متسائلا "ما مصير الأطفال! ألم يخطر في بالكم منحهم ولو لحظات للتنفس؟".
وعبرت عدة تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي عن مشاعر "إحباط" و"عدم تفهم" إزاء استمرار القيود على تنقل سكان "المنطقة 2"، في حين فضل آخرون التعبير بسخرية عن غبطتهم بازاء سكان "المنطقة 1"، الأكثر حظا.
وكانت دراسة رسمية أظهرت أواخر مايو أن 53 بالمئة من الأسر المغربية تجد صعوبة في تحمل تمديد الحجر الصحي، بينما يعاني نصفها القلق بسببه. فضلا عن تدهور الوضع المعيشي لملايين المتوقفين عن العمل جراءه.
ويواجه مخالفو الطوارئ الصحية عقوبات قد تصل الى السجن 3 أشهر وغرامة بين 300 و1300 درهم (نحو 30 إلى 130 دولارا ). وفاق عدد الملاحقين 91 ألفا، بينهم أكثر من 4 آلاف في حال اعتقال، بحسب آخر حصيلة رسمية نشرت في 22 مايو.
وهي عقوبات عدم وضع الكمامات الواقية التي يستمر فرضها حتى 10 يوليو.
وبلغ مجموع المصابين وفق آخر حصيلة رسمية 8508 ت وفي 211 منهم وتماثل 7565 للشفاء.
لم يكشف بالمقابل عن موعد فتح الحدود المغلقة في وجه المسافرين منذ منتصف مارس، بينما لا يزال أكثر من 30 ألف مغربي عالقين في الخارج منذ ذلك الحين.
وانتقد برلمانيون في مداخلات الأربعاء "غياب الوضوح" بخصوص خطة إعادتهم. وكان وزير الخارجية ناصر بوريطة أعلن الثلاثاء بدء إعادة العالقين منهم بإسبانيا الاربعاء والخميس، على أن يليهم العالقون في تركيا وفرنسا ودول الخليج وبلدان إفريقية.
وأعيد حتى الآن 1103 عالقين من جيبي سبتة ومليلية الاسبانيين شمال المملكة، ومن الجارة الجزائر.
وتعد السياحة، التي تمثل نحو 10 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، أكبر القطاعات المتضررة من استمرار إغلاق الحدود. ويراهن العاملون فيها على السياحة الداخلية لإنعاش القطاع، بيد أن التنقل بين المدن لا يزال ممنوعا إلا في حالة السفر للعمل بموجب تراخيص.
وتكبد الاقتصاد المغربي في المجمل ما يعادل 6 نقاط من ناتجه الاجمالي لهذا العام، بما يساوي قرابة 100 مليون دولار يوميا خلال الشهرين الأولين من الحجر، وفق تقديرات رسمية.
وينتظر اقرار قانون مالية معدل لإنعاش الاقتصاد، علما أن السلطات أطلقت منذ بدء الأزمة عدة إجراءات لدعم الشركات والمتوقفين عن العمل في القطاعين المنظم وغير المنظم.