أزمة كبيرة فجرها "فيديو" يوثق تسخينات رياضية تحفيزية لسائقي وموزعي منتوجات "سونطرال ليتيير" (دانون)، بالمغرب، بين الشركة وأرباب محلات البقالة بالمغرب، الذين دخلوا في استعدادات لمقاطعة منتوجاتها أيام 3 و4 و5 دجنبر المقبل. هنا التفاصيل وما تخفيه القضية من خلفيات.
المكان: مستودع لشركة "سونترال ليتيير"، والزمان: الصباح الباكر. قبل التوجه بالشاحنات مملوءة بمنتوجات الحليب، لتوزيعها على محلات البقالة، يلتئم السائقون ومساعدوهم في صفوف متراصة، وتحت أوامر أحد رؤسائهم، يقومون بحركات رياضية تحفيزية، مرددين بين حركة وأخرى عبارات معينة.
- المسؤول: شكون نتوما؟
- العمال: السبوعة (الأسود)
- المسؤول: فين غادين؟
- العمال: السوق
- المسؤول: "لوبجيكتيف"؟ (الهدف)
- العمال: موحماد مول الحانوت (البقال الأمازيغي)
- المسؤول: "والكونكورونس"؟ (المنافسين)
- العمال: (يجيبون بحركة يد توحي بالذبح في العنق).
المقطع وجد طريقه إلى مجموعات في "فيسبوك" و"واتساب" خاصة بعمال الشركة، ومنها تسرب، يقول بقال بالرباط، ناشط نقابيا، في حديث مع "تيلكيل – عربي"، إلى مجموعات مشابهة خاصة بأرباب محلات البقالة، فلم يتقبلوا مضامينه.
وفي هذا الصدد، سارع عدد من البقالين إلى التنديد بمضامين "الفيديو" في تدوينات على مجموعاتهم بـ"فيسبوك"، لكن تطور الأمر إلى بروز دعوات إلى مقاطعة توفير منتوجات الشركة في محلاتهم، لمدة ثلاثة أيام، وهي الدعوة التي دشنها جمال لطفي، وهو بقال، تفيد مصادر "تيلكيل – عربي"، أن يزاول نشاطه بمراكش.
وبث لطفي "فيديو" من داخل محل البقالة الذي يديره، يوثق تعليقه أوراقا على ثلاجات شركة "سونطرال ليتيير"، يعلن فيها أنه "حر في محله"، ويخبر الزبناء أنه سـ"يقاطع تسلم منتوجات الشركة إلى حين اعتذارها"، عن "إيفاد السبوعة"، إلى "موحماد مول الحانوت".
وأخذت الدعوة إلى المقاطعة لتي أخذت أبعادا أخرى، بأن دعا كثير من البقالين إلى استغلال الفرصة، وطرح ملف مطلبي شامل، يتعلق بتوسيع هامش الربح الذي تتركه الشركة للبقال، باعتباره "شريكا"، وبدونه لن تصل منتوجات الشركة إلى المستهلكين"، وحملها على "قبول تسلم المرجوعات من المنتوجات".
أ
ما في الجانب المتعلق، بما اعتبره البقالون "تحقيرا" و"عنصرية"، في إشارة إلى وصف "موحماذ مول الحانوت"، فقد ذهب تدوينات بعضهم باتجاه مطالبة تنظيمات الحركة الأمازيغية بالتدخل، واستنكار التحقير.
ومن المعروف، أن مصطلح "الشلح أو موحماد مول الحانوت"، يعتبره كثير من الأمازيغيين تحقيريا، سيما بسبب السياقات التي يستعمل فيها، والطريقة التي يحرص بها كثيرون على نطقه، وسبق للفنان الكوميدي "إيكو"، أن أرغم على الاعتذار من قبل الأمازيغيين، بسبب توظيفه للمصطلح في سهرة رأس سنة 2015، التي بثتها القناة الثانية، واعتبروا الطريقة التي سخر بها من "مول الحانوت"، ماسة بالكرامة الإنسانية.
للاحتجاج خلفيات أخرى
عدد من البقالين المنتمين لفروع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، كشفوا لـ"تيلكيل – عربي"، أن التوتر بينهم وبعض شركات مشتقات الحليب، والمياه المعدنية، والمشروبات الغازية، تعود أصوله إلى السنتين الماضيتين، ضد ما يعتبرونه "مسلسل إجهاز على تجارة القرب التاريخية".
ومن مظاهر ذلك، في نظر البقالين، أنه مقابل التراجع عن شرط سابق يقضي بتوطين المساحات الكبرى في مداخل المدن، والسماح لها بمنافسة البقال في الأزقة والدروب، حوفظ لها على امتيازات "تشجع على الإجهاز على البقالة"، إذ "تقوم شركات الأغذية المصنعة بإمدادها بالمنتوجات بأسعار منخفضة جدا، مقارنة بالسعر الذي تبيع به للبقال".
وفي هذا الصدد، قدمت المصادر ذاتها، مثال حصول تلك المساحات التجارية الكبرى، على كؤوس الياغورت، بسعر جملة يقل عن 1 درهم ونصف، مقابل فرض سعر درهم و75 سنتيما على البقال، ما يؤدي إلى عرض تلك المنتوجات على المستهلك في "السوبرمارشي"، بسعر يساوي أو أقل من ثمن الجملة الذي دفعه البقال، علما أن بعض تلك المواد، تحدد فيها الجهات المصنعة هامش الربح مسبقا، بإشهار عبارة ثمن البيع للعموم".
والمشكلة الأخرى حسب البقالين، أن شركات مصنعة للمشروبات الغازية والمياه ومشتقات الحليب، صارت ترفض استبدال الوحدات المنتهية الصلاحية، أو التي شابتها أخطاء في التصنيع، على مستوى الحجم، أو تعرض شكلها للتشويه أثناء الشحن، "ما جعل البقال يدفع ثمن أخطاء هو غير مسؤول عنها".
ويشتكي البقالون كذلك، من رفض بعض الشركات استرجاع موادها المنتهية الصلاحية، علما أنها تمدهم بها "في أغلب الأحيان، شهرين أو شهرا قبل تاريخ انتهاء صلاحيتها، ما يعني أن الأمر غير مرتبط بالرواج في محلاتهم.
ويسبب رفض الممونين استرجاع البضائع المنتهية الصلاحية من البقالين، مشاكل أخرى لهم مع لجان مراقبة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، إذ بفعل أن محلات البقالة"، لا تتوفر على مخازن، "ولا يوجد دفتر تحملات أو نص قانوني يلزمها بالتوفر عليها"، يلزمهم القانون في المقابل، بالتخلص من المواد منتهية الصلاحية في أسرع وقت، ما يجعلهم "عالقين بين مطرقة لجان المراقبة، وسندان الشركات المصنعة التي ترفض استبدال تلك المواد".