تتجاوز رواية مصرية هي الأولى عن اللاجئين السوريين في أوروبا صدرت أخيرا في القاهرة الموضوع الذي ينطلق منه مؤلفها حاتم حافظ، إذ يكتفي باستخدامه "كخلفية" في كتابه "كقطة تعبر الطريق" لطرح مسألة تعني جميع المهاجرين في أوروبا، تتمثل في "تعدد الهويات" و"احترام حق الاختلاف".
وت عتب ر الرواية التي صدرت عن "الدار المصرية اللبنانية" عشية الذكرى السنوية العاشرة لاندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا، أول رواية يكتبها مصري عن الأوضاع التي يعيشها اللاجئون السوريون في أوروبا.
وتسبب النزاع في سوريا بنزوح أكثر من نصف سكانها في عشر سنوات، وأحصت الأمم المتحدة 6,7 ملايين نازح و5,5 ملايين لاجئ. ويقيم قسم كبير من هؤلاء في الدول المجاورة خصوصا تركيا ولبنان والأردن، فيما انتقل كثيرون غيرهم إلى عدد من الدول الأوروبية.
تستعرض الرواية في جزئها الاول هروب السورية عالية بطفلتها إلى سويسرا حيث حصلت على حق اللجوء بعدما زعمت أنها تخشى أن تتعرض للقتل في بلدها بسبب "جريمة شرف".
في بلدها الجديد، نشأت علاقة حب بين عالية وموسيقى فرنسي. ويتناول الجزء الثاني من الكتاب تجربة انتقالها إلى باريس للعمل، ولقائها مهاجرين آخرين جاؤوا من بيلاروس ومصر وتونس والعراق.
وسل ط الكاتب في روايته الضوء على أوضاع هؤلاء في الشتات، ما جعله "يخرج من دائرة القضايا المحلية إلى موضوع إنساني أكبر وهو تعدد الهويات"، وفق ما يقول الناقد محمد سميرندا لوكالة فرانس برس.
ويصف الناقد الرواية بأنها "التعبير الأمثل عن الأثمان التي يدفعها الناس في زمن التمزق والحرب وسؤالهم الأساسي عن الهوية و المصير الإنساني".
وتتيح "كقطة تعبر الطريق"، بحسب ما يوضح مؤلفها لوكالة فرانس برس، "التعرف على شخصيات تعيش مختلف أنواع الاغتراب وتنتصر للإيمان بالتعددية الثقافية واحترام حق الاختلاف".
ويشرح حافظ أن الذي يدر س الدراما في أكاديمية الفنون في مصر وقد ت رجم عدد من رواياته الأخرى ونصوصه المسرحية إلى أكثر من لغة وق دم بعضها على خشبات دول أوروبية، أن "كل شخصيات الرواية، على الرغم من تنوع جنسياتهم، كانوا يبحثون مثل بطلتها عن ضفة أخرى يعبرون إليها بهدف الأمان".
وأهدى المؤلف روايته إلى رائد الأدب المصري المعاصر توفيق الحكيم الذي كان أول من طرح قضية العلاقة مع الغرب عبر أعماله.
ويقول لوكالة فرانس برس "نسعى إلى الأوطان البديلة لأن ما نبحث عنه هو الأمان، وفي ختام الرواية ترتاح بطلتها عالية عندما تجد نفسها بين أفراد عائلة عشيقها الفرنسي وتشعر هناك أنهم يتقبلونها على الرغم من أنها وفدت من ثقافة أخرى ومجتمع محاط بسوء الفهم".
وتعامل حافظ مع "الحالة السورية" على أنها "مأزق إنساني بامتياز"، كما يقول. وكان وقف "ضد النظام عندما بدأ الحراك المدني في سوريا وقبل أن يتحول حربا أهلية".
وبدأت انتفاضة شعبية عارمة في سوريا من مدينة درعا في آذار/مارس 2011 احتجاجا على اعتقال طلاب وتعذيبهم بسبب شعار معارض للنظام كتبوه على جدار، وما لبثت أن توسعت حركة الاحتجاجات السلمية ضد النظام، لتعم البلاد التي تحكمها عائلة الأسد منذ عام 1971. وقوبلت التظاهرات بقمع الأجهزة الأمنية والعسكرية. وتحولت في 2012 إلى نزاع مسلح دخلت على خطه تعقيدات خارجية، وأسفر حتى اليوم عن مقتل أكثر من 388 ألف شخص بحسب أرقام منظمات حقوقية.
ويلاحظ سميرندا أن "المؤلف لا يتورط في اتخاذ موقف مما جرى أو يجري سياسيا في سوريا"، بل "استعمل الحدث السياسي كدافع للأحداث في حين عرض هموم الانسان دون التقيد بهويته".
ويشير الكاتب من جهته إلى أنه استعمل الوضع في سوريا "كخلفية للأحداث تبرر رحلة البطلة". ويقول "نجوت بأبطال الرواية من شبهة الانحياز لأي طرف في الصراع، وانشغلت بمصائر النازحين".
ولحافظ الذي يرأس تحرير مجلة "فنون" الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية، عدد من الأعمال القصصية والكتب الفكرية، منها "بسكويت وعسل أسود" و"لان الأشياء تحدث" و"اسلام ام اسلاميات.. قراءة في الخطاب الديني المعاصر". كما كتب عدد ا من الأعمال الدرامية منها مسلسلا "استيفا" و"الشارع اللي ورانا".