قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان اليوم الخميس 06 ماي الجاري تقريره السنوي برسم سنة 2020 تحت عنوان "كوفيد19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد".
ويقع التقرير في 232 صفحة ضمت ملاحظات المجلس بخصوص الحقوق الجماعية والفئوية.
الغاء عقوبة الاعدام
واصل المجلس ترافعه من أجل الغاء عقوبة الاعدام في المغرب قانونا وممارسة.
وكشف المجلس أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام حتى نهاية 2020 بلغ ما مجموعه 74 شخصا من بينهم سيدتان، إحداهما صدر في حقها حكم نهائي والأخرى مازال ملفها رائجا أمام المحاكم. كما صدر حكم نهائي في حق 46 من الذكور ومازال 26 ملفا في طور المحاكمة، كما استفاد خلال نفس الفترة اثنان من المحكوم عليهم بالإعدام من العفو الملكي، حيث تم تحويل عقوبة الإعدام إلى السجن المحدد.
وأكد التقرير مواصلة المجلس ترافعه على المستوى الوطني والدولي من أجل الغاء عقوبة الاعدام قانونا وممارسة، مستندا في ذلك على التأصيل الدستوري للحق في الحياة المنصوص عليه في الفصل 20، كما يترافع ضد حجج بعض السياسيين التي يعتمدون عليها للابقاء على عقوبة الاعدام.
واعتبر المجلس أنه ليس هناك عوامل اجتماعية أو ثقافية خاصة بالمجتمع المغربي قد تبرر الابقاء على هذه العقوبة، كما أنها تبقى غير رادعة وغير فعالة، ولن تساهم في الحد من تزايد الجريمة.
عدم احترام شروط المحاكمة العادلة
في هذا الصدد، سجل المجلس حالتين، تتعلق الأولى بسيدة من مدينة مراكش، تبلغ 50 عاما، أوقفتها عناصر الدرك الملكي، بالمركز الترابي سيدي عبد الله غيات للاشتباه في تورطها في قضية تتعلق ببث مقطع فيديو عبر قناتها على يوتيب يتضمن قذفا صريحا في حق هيئة المحامين ونقيبها بمراكش.
وأشار التقرير أنه خلال محاكمة هذه السيدة حضر في مواجهتها عدد كبير من المحامين ينتمون لنقابات المحامين على مستوى المملكة، إلا أن هذه السيدة لم تستطع الحصول على مؤازرة محامي واحد.
وخلص المجلس إلى أنه على الرغم مما يكون قد صدر عن هذه السيدة من تصريحات قد تكون مخالفة للقانون إلا أن شروط المحاكمة العادلة تستوجب مؤازرتها من طرف محامي، حيث لا يجوز للمحامين في كل الأحوال أن يتوافقوا متضامنين على أن يتوقفوا كليا عن تقديم المساعدات الواجبة عليهم إزاء التقاضي سواء بالنسبة للجلسات أو الاجراءات، طبقا للمادة 39 من القانون المنظم لمهنة المحاماة.
أما الحالة الثانية، فتتعلق بشاب وضع تحت الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة المختصة بمفوضية شرطة وادي زم، بتاريخ 28 أبريل 2020، وذلك بعدما وجه لكمة لقائد الملحقة الإدارية الأولى بمدينة وادي زم، مما تسبب له في كسر على مستوى الأنف وجروح وكدمات بالوجه.
وأشار التقرير أن المعني بالأمر اعترض طريق قائد الملحقة الإدارية الأولى بمدينة وادي زم، الذي كان يقوم بمهامه الاعتيادية من أجل السهر على عدم خرق حالة الطوارئ الصحية، وبدأ يحرض المارة على خرق حالة الطوارئ الصحية، مدعيا أنه المهدي المنتظر، الذي سيخلصهم من أكذوبة وباء كورونا، قبل أن يطلب منه قائد المقاطعة ورقة التنقل الاستثنائية، ويتطور الأمر إلى اعتداء على القائد.
وتابع المجلس هذه الحالة، حيث تبين أنه تمت محاكمته وايداعه السجن خلال ثلاثة أيام دون عرضه على خبرة طبية ودون حضور محام ولو في اطار المساعدة القضائية. معتبرا ذلك يشكل خرقا لقواعد المحاكمة العادلة.
وبحسب التحريات التي قام بها المجلس، فقد تبين أن المعني بالأمر، الذي يقضي حاليا عقوبة حبسية مدتها سنتين بالسجن المحلي بوادي زم يعاني من اضطرابات نفسية خطيرة، حيث قام بتكسير بعض مرافق السجن واعتدى مرارا على الموظفين بمن فيهم المدير، وقد قامت إدارة السجن بعرضه على طبيب الأمراض العقلية والنفسية بخريبكة، الذي أكد أن مرضه مرتبط بتعاطي المخدرات، مشيرا إلى أن الطبيب وصف له بعض الأدوية، حيث عاد إلى هدوئه بعد تناول واعتذر عما قام به. ولم يعد يشكل أي خطورة على السجناء والموظفين.
المحاكمة عن بعد
في هذا الصدد، سجل المجلس الوطني لحقوق الانسان غياب قانون ينظم المحاكمة عن بعد، التي بدأ العمل خلال فترة جائحة كورونا، كما لم يواكب هذه انطلاق هذه التجربة حملة للتعريف بحقوق المتهمين والضحايا وذويهم خلال المحاكمة عن بعد، خاصة ما له علاقة بالحق في حضور الجلسات لتحقيق العلنية والحق في الاستعانة بالشهود والحق في الاطلاع على ملف القضية، في اطار تحقيق مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع بين أطراف الدعوى العمومية.
كما سجل المجلس أن الاحصائيات الدورية التي تنشرها السلطة القضائية لا تتضمن الإشارة إلى عدد المعتقلين احتياطيا الذين رفضوا تطبيق المحاكمة عن بعد وتمسكوا بحق اجراء المحاكمة الحضورية، ومختلف الاجراءات التي اتخذتها السلطة القضائية قصد ضمان محاكمتهم داخل آجال معقول، فضلا عن تسجيل أعطاب تقنية في عدة جلسات في عدد من المحاكم.
وأوصى المجلس بإعداد إطار قانوني واضح ودقيق لتنظيم المحاكمة عن بعد احتراما لمبدأ الشرعية الجنائية الاجرائية، وتقييد اللجوء إلى المحاكمة عن بعد بموافقة المتهم، وتوفير وسائل تكنولوجية ذات جودة تسمح بعقد جلسات المحاكمة عن بعد في أحسن الظروف.