انتهت الانتخابات التشريعية التي نظمت بالمغرب، يوم الـ8 من شتنبر الجاري، بتصدر حزب التجمع الوطني للأحرار للمشهد السياسي داخل قبة البرلمان، ما سيمنحح حسب الفصل 47 من الدستور، رئاسة الحكومة، والتي غادرها حزب العدالة والتنمية منهزماً، بعد حصده لـ13 مقعداً فقط.
وينتظر أن يسمي الملك محمد السادس، خلال الساعات القادمة، الشخصية التي سوف تقود الحكومة خلال الخمس سنوات القادمة، ولا يفرض الدستور أن يكون رئيس الحكومة هو الأمين العام للحزب الفائز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، إذ يمكن للملك أن يسمي أي شخصية أخرى من نفس الحزب.
وبدأت التكهنات في ما يتعلق بتشكيلة الأغلبية الحكومية، والتي سيكون أحد أضلاعها حسب ما هو متوفر من معطيات، حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاتحاد الدستوري، اللذين كانا بشكل واضح حليفي حزب التجمع الوطني للأحرار، ومنحاه قوة عددية إضافية، وسياسية أيضاً، خلال الفترة الماضية، في مواجهته للحضور القوي لحزب العدالة والتنمية.
كما مكن الكاتب الأول للاتحاد إدريس لشكر، رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، موقعاً مريحاً في التفاوض على اخراج تشكيلة الأغلبية الحكومية بعد انتخابات 2016، وأيضاًَ، مساهمته القوية في إنهاء مشاورات ابن كيران لتشكيل الحكومة ما قاد إلى اعفائه وتسمية سعد الدين العثماني عوضه، فضلاً عن تحزيز حزب "الوردة" لمكانته التشريعية بعدما تمكن من حصد 35 مقعداً، ليحل رابعاً في الترتيب.
وأيضاً، استمر حزب الاتحاد الدستوري في دعم التجمع الوطني للأحرار، وشكل الحزبان طيلة الولاية التشريعية الماضية تحالفا تحرك كفريق واحد تحت القبة.
يبقى حزب الحركة الشعبية، أيضاً، من الأحزاب المرشحة للالتحاق بالتحالف الحكومي، بالنظر إلى حصوله على 29 مقعداً، دون اغفال قدرة قادته، خاصة أمينه العام امحند لعنصر، في التأقلم لسنوات مع كل التغييرات التي تطرأ على المشهد السياسي.
حزب الاستقلال، الذي حل ثالثا في الانتخابات التشريعية بـ81 مقعداً، أرسل أمينه العام نزار بركة، خلال كلمته الأولى بعد إعلان النتائج، تلميحاً لاستعداده نقاش مشاركتهم في الحكومة.
وقال بركة، إن حزبه يعول على تشكيل حكومة قوية ومنسجمة قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه المغرب، بالنظر إلى عدد مقاعد الحزب، وإرثه التاريخي، والكفاءات التي استطاع الحفاظ عليها رغب الهزات التي ضربته مؤخراً، من المرجح بقوة أن يكون أحد أضلاع الأغلبية الحكومية.
وما يعزز فرضية دخول "الاستقلال" للحكومة، هو أنه ثالث قوة تشريعية، بـ81 مقعداً، وقبله حزب الأصالة والمعاصرة بـ86 مقعداً، وحسب التفاعلات التي تلت إعلان نتائج الانتخابات يمكن الوقوف على مجموعة من الوقائع التي تصعب عملية ضم "البام" للأغلبية.
أولها، أن ضم حزب "الجرار" سوف يفرغ البرلمان من المعارضة، خاصة وأن الأقرب للالتحاق بالحكومة وله عدد مقاعد مهم هو حزب "الميزان"، إذ أن خيار أن يضع عزيز أخنوش يده في يد عبد اللطيف وهبي، لن يترك في الساحة من ينتقد سياسة الحكومة المرتبقة من موقع المعارضة من داخل المؤسسات.
دون أن نغفل أن تصريحات وهبي، في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة 9 شتنبر، زادت من صعوبة التحاق حزبه بالحكومة، وهو الذي وجه اتهامات جاء في مضمونها أنه "تم إغراق الساحة بالمال".
بالإضافة إلى معطيات موثوقة حصل عليها "تيلكيل عربي"، تفيد بأن رئيس حزب التجميع الوطني للأحرار، وعشية الانتخابات حين كان متواجدا بأكادير، تحدث إلى عدد من رجال الأعمال الذين دعموا حملته الانتخابية المحلية، وأخبرهم بأنه يستبعد وضع يديه في يد وهبي إذا ما فاز حزبه بالرتبة الأولى.
هذا الوضع إن تحقق، سوف يطرح تحدياً قوياً أمام حزب الأصالة والمعاصرة، ويضعه أمامه إمكانية الصمود والاستمرار بنفس القوة انتخابياً، إذا ما تموقع لخمس سنوات إضافية في المعارضة، دون أن يكون له حضور قوي على مستوى جهات وأقاليم وجماعات المملكة.