حاولت الأطراف الأربعة المتهمة بالتخطيط وتنفيذ عملية تصفية البرلماني الراحل عبد اللطيف مرداس، اليوم الاثنين أمام هيئة المحكمة، دفع التهم الموجهة إليها.
وكانت أبرز الاعترافات أمام قاضي الجلسة، ولأول مرة، ما كشفته زوجته وفاء، التي حاولت طيلة الجلسة نفي أي صلة لها بالواقعة. جلسة تم تأجيل مناقشة ملفها إلى غاية يوم ال25 من الشهر الجاري.
داخل القاعة 7 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أدار رئيسة هيئة الحكم في تصفية البرلماني الراحل مرداس، حسن عجامي، بعفوية يضبضها التدقيق، وهو يطرح أسئلته على المتهمين.
وكان محور جلسة المحاكمة اليوم، زوجة الضحية، وفاء، هذه الأخيرة، روت تفاصيل ليلة الجريمة، وكشفت لأول مرة عن معطيات تهم لحظة توصلها بالخبر، وما دار بينها وبين المتهم هشام مشتاري، وصديقتها رقية، المتابعة بدورها في حالة اعتقال على خلفية القضية، قبل وأثناء وبعد تنفيذ عملية تصفية مرداس.
ليلة الجريمة.. العشاء الأخير
سأل قاضي الجلسة، حسب قرار احالة قاضي التحقيق، وفاء زوجة مرداس، "هل اتصل بك هشام مشتري وأخبرك صافي صفيتو؟ وأجبته شكون؟ ليجيبك بدوره راجلك".
جواب زوجة البرلماني الراحل جاء ب"النفي"، وتابعت أنها، تلقت اتصالا من ابنتها تخبرها فيه أن أنا والدها تعرض لاعتداء داخل سيارته بحجرة.
وأضافت وفاء، أنها تلقت الاتصال عندما كانت في بيت أمها، وهرعت بعد ذلك إلى مكان وقوع الجريمة، أمام مقر سكناهم بحي كاليفورنيا، والذي يبعد عن مقر سكن أهلها عشرة دقائق فقط.
وأمام تشدد القاضي في طرح الأسئلة عن اتصالات بينها وبين هشام مشتري، ظلت وفاء، تكرر "انتفاء أي اتفاق معه على تصفية زوجها مرداس".
قاضي الجلسة، حسب ما تابع "تيل كيل عربي"، ركز على سبب عودة مرداس إلى منزله وقت تصفيتها، وسأل زوجته، "لماذا اتصلت بابنتك لتخبريها بالاتصال بزوجك الراحل لجلب وجبة العشاء إليهم عوض أن تتصلي أنت به؟ ولماذا لم تجليبها لهم أنت بما أن بيت أهلك قريب من مقر سكناكم؟".
أسئلة بحث من خلالها القاضي عجامي عن أجوبة لتهمة استدارج الضحية إلى مسرح الجريمة، وواجهتها وفاء بالقول: "لا يمكن أن أتصل به لأنه حسب علمه لا أتوفر على هاتف، وعندما أرغب في الاتصال به، أقوم بذلك من هاتف والدتي. ثانيا، علاقته ببناته أقوى من علاقتي بهم وأشد ارتباطا، وأنا أعرف أنه لن يرفض لهم هذا الطلب، والعكس سوف يحصل إذا اتصلت به أنا".
وفور وصولها إلى مكان الحادث، بحسب تصريحاته أمام المحكمة، قالت وفاء إنها انخرطت في هستيريا من الصراخ، واتصلت فورا بعائلته وأصدقائه وأصدقائها ومن بينهم المتهة بمقتله رقية، وأخبرتهم أنه أصيب خلال اعتداء بحجرة داخل سيارته، قبل أن يتدخل رجل أمن بعين المكان، وأخبرها أن زوجها قتل، ولا فائدة من مطالبتها بحضور سيار الاسعاف.
وعن مكالمتها الهاتفية مع المتهم هشام مشتري، ردت وفاء عن ما ورد في قرار الاحالة من قبل قاضي التحقيق، أنه اتصل بها مرة واحدة فقط، وذلك بعد شيوع خبر وفاته، وعزاها حسب قولها "كأيها الناس".
زوجة الراحل مرداس، صرحت اليوم، أن عناصر الأمن ساعدوها في نزع مظاهر الزينة من الفيلة، قبل أن تحاصرها النيابة العامة بسؤال: "لماذا استخدمت سيارة زوجك الراحل حين التقيت هشام مشتري وكانت المرة الأولى التي تستقلينها وحرصت على اخباره بأنها ملك له". لتجيب "كانت مجرد صدفة". ويرد ممثل النيابة العامة: "هل يمكن تصديق أن كل هذه الوقائع صدفة".
وقبل أن تنصرف، بعد ادلائها بتصريحاتها، قالت وفاء "أرغب في اخراجي من هذه الدوامة، الأمن أخبرني قبل اتهامي بأن التصفية لها علاقة بالعصابات، وما قلته لدى "البسيج" في سلا كان تحت الضغط، لأنهم كانوا يواجهونني باعترافات خطيرة صدرت عن هشام، وكنت خائفة، لأنهم وضعوني في مكان لم أميز فيه بين الليل والنهار".
علاقة وفاء بهشام مشتري
خلال بحث قاضي الجلسة عن جوابا على طبيعة العلاقة بين وفاء زوجة مرداس الراحل، والمتهم بقتله هشام مشتاري، أقرت صديقتها رقية شهبون، التي عرفتهما على بعضهما بالقول: كانو مصاحبين". ليسألها القاضي بحثا عن مزيد من الدقة: "تقصدين مصاحبة ديال الزنقة". لتجيب رقية "نعم ديال الزنقة".
بدرورها، اعترفت وفاء بحديث دار بينها وبين هشام، نصحها فيه الأخير بطلب الطلاق من زوجها، كما تحدثت عن فتور العلاقة بينها وبين مرداس قيد حياته، ولم يعد يجمعهما غير التحضير لحملاته الانتخابية البرلمانية وما يعقبها من التزامات مع الداعمين له.
معطى آخر شدد قاضي الجلسة على انتزاع الاعتراف حوله من رقية، صديقة وفاء، وهو تكليفها من طرف هشام مشتري بجلب هاتف نقال كان بحوزة زوجة مرداس، بعد الواقعة، نفت ذلك طيلة أطوار الجلسة، لكنها طلبت الحديث قبل اعلان قرار تأجيل المناقشة.
وأخبرت المتهمة القاضي أنها فعلا أخذت هاتفا من وفاء وسلمته لهشام بطلب من الأخير، وعن السبب وراء ذلك، كشفت رقية أن وفاء أخبرتها بوجود صور تجمعها هي وهشام في الهاتف، وتخاف أن تقع بيد الشرطة أثناء التحقيق.
هنا قام القاضي بعرض مجموعة من الهواتف التي حجزت لدى المتهمين، لكن رقية نفت أن يكون أي منها الهاتف الذي قامت بنقله من وفاء إلى هشام.
حكاية 6 مليون سنتيم
ومن بين ألغاز قضية مقتل مرداس، مبلغ ستة مليون سنتيم، سلمته وفاء لصديقتها رقية مباشرة بعد واقعة تصفية زوجها.
رواية المبلغ ومآله اختلفت، وتقول عنها وفاء، إنها حضرت رفقة نسيبها وعناصر الأمن خلال فتح خزنة زوجها، ووجدوا داخلها مبلغ 20 مليون سنتيم بالاضافة إلى مبلغ آخر لم تحدد قيمته بعملة اليورو، وصرحت أنها أخذت منه ستة ملايين سنتيم أودعتها لدى رقية كأمانة، كانت ترغب في استردادها فيما بعد لتدبر مصاريفها رفقة بناتها، لكن رقية طلبت منها سلفة لمنحها لحمزة مقبول، ابن أخت مشتري، والمتهم بدوره في القضية، قصد تمويل سفره إلى تركيا.
رواية وفاء نفتها رقية، فيما يخص غاية تسلمها للمبلغ، وصرحت من جهتها، أنها قبلت بتسلم المبلغ، لأن زوجة مرداس أخبرتها بظهور عدد من الدائنين المطالبين بمستحقاتهم من زوجها الراحل، ويجب أن تؤدي مبلغ 9 ملايين سنتيم لبائع ذهب، وشددت على أنها لم تسلم أي فلس منها لهشام، عكس ما صرحت به وفاء، والتي تحدثت عن وجود اتصال بينهما بهذا الخصوص.