أكد حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أن "اضطرار الحزب إلى التموقع طويل الأمد في المعارضة، وتركيز الجهود على تحصين ذاته وتمنيعها، لا شك ساهم إلى حد بعيد في جعل التنظيم غاية وليس مجرد وسيلة، وساهم في تكريس محورية الأجهزة الحزبية التي تحولت في الظروف الاستثنائية الضاغطة إلى بنيات موجودة لذاتها ولا تشتغل غالبا إلا بذاتها".
وأضاف مشروع الأرضية التنظيمية من أجل نموذج تنظيمي جديد، أن "الانشغال ببناء التنظيم وإعادة بنائه، وبتدبير أزمات التنظيم وحل مشكلاته، استمر أحيانا على نفس المنوال حتى خلال فترات الانفراج السياسي وتوسيع هامش الحريات، إلى أن أصبح الاشتغال بالتنظيم يستغرق من الوقت ومن الجهد ما كان يجدر صرفه في الاشتغال بالمجتمع وقضاياه الأساسية".
وأوضحت الورقة أن "تقلص مساحات التمثيلية في المؤسسات المنتخبة، وتعرض المناضلات والمناضلين لأشكال من التهميش والإقصاء في الإدارات العمومية، جعل التنظيم هو المجال الحيوي الوحيد للإبداع ولتحقيق الذات وتصريف الطاقات، فضلا على أن العضوية في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال سنوات الرصاص كانت تتم عن شجاعة ونكران للذات، أما تقلد المسؤولية في جهاز من أجهزته فإنه مبعث فخر واعتزاز".
وأوضح الحزب أن "هذا ما يفسر تلك الجاذبية التي تمارسها على المناضلات والمناضلين فرصة تكليفهم بتحمل المسؤولية في الأجهزة الحزبية وارتقاؤهم في مراتبها التنظيمية، حيث يمكن القول إن التنظيم في حد ذاته كان قادرا على إنتاج أوضاع اعتبارية تشكل مجالا حيويا للتدافع والتنافس بين المناضلين، وفي بعض الأحيان في تجاوز تام للضوابط التنظيمية ذات الصلة".
وأورد أنه "بناء على هذه المعطيات المرتبطة بعامل النشأة متعددة الروافد، وعامل المعارضة طويلة الأمد، يمكن أن نخلص إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استطاع أن يطور أداته التنظيمية، ويلائم آليات اشتغالها مع تحولات المجتمع وتطوراته السياسية، غير أنه لحد الآن لم يستطع الانتقال إلى نموذج تنظيمي جديد يتناسب مع ثقافته السياسية ومشروعه المجتمعي، إذ لا زال يشتغل من داخل نفس النموذج الذي أدى مهمته التاريخية ولم تعد آلياته تتلاءم مع متطلبات العمل السياسي في مغرب اليوم".
ودعت إلى "قطع النموذج التنظيمي الجديد مع تلك الثنائية المفتعلة بين المناضل الحزبي والفاعل الانتخابي، وأن يرتكز في ذلك على المزاوجة بين الشرعية التنظيمية والشرعية الانتخابية، بما يتيح إدماج المنتخبين الاتحاديين في مختلف المؤسسات المنتخبة، ضمن الحياة الحزبية المحلية والوطنية، وذلك عبر أجهزتها التقريرية والتنفيذية".
ونبهت إلى أنه "كما يتعين القطع مع تلك الازدواجية المصطنعة بين المناضل والكفاءة، من خلال خلق بنيات استقبال داخل التنظيمات الحزبية تكون مفتوحة لكل الكفاءات، من أجل إنجاز المهام المتعلقة بإعداد السياسات القطاعية والتقارير التشخيصية على صعيد الجهات والأقاليم، كما يسهر المكتب السياسي على تفعيل مؤسسة المشروع وفق تصور جديد يليق بمؤسسات البحث والتكوين".