بعد جامعة الحسن الأول بسطات، ومدرسة ENCG بوجدة، ومدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، تفّجر ملف تشوبه شبهة "التستر" على ملف بـ"التحرش الجنسي" و"التهديد" تعرضت له أستاذات وطالبات من طرف المشتبه به، وهو رئيس سابق لشعبة بالمدرسة العليا للتكنولوجيا التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
شُبهة "التستر" على الرئيس السابق للشعبة تقنيات، والذي لا زال يشغل اليوم في نفس المؤسسة مهمة أستاذ، ويتابع في قضية "التحرش الجنسي والسب في حق امرأة" أمام المحكمة الزجرية في حالة سراح، وتم تأخير الجلسة إلى 25 يناير المقبل، (شبهة) قد تطال مسؤولا داخل المؤسسة المذكورة ومسؤولة بجامعة الحسن الثاني، وموظف سام في الوزارة.
100 شكاية
وكشف مصدر لـ"تيل كيل عربي" أن "عدد الشكايات ضد الرئيس السابق للشعبة وصلت إلى قرابة 100 شكاية وُضعت على طاولة مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء، طيلة سنوات، ووصل بعضها إلى المسؤولة السابقة برئاسة الجامعة، ولم تتخذ أي إجراء في حقه".
وأضاف المتحدث ذاته، أن "بعض الشكايات وصلت إلى وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في عهد سعيد أمزازي، وفعلا، شرعت حينها المفتشية العامة للوزارة في الاستماع للأستاذات المشتكيات إلا أن الملف بقي كما هو دون نتيجة، ويروج أن الموظف السامي تربطه علاقة صداقة بالمشتكى به".
التحرش بالأستاذات
إحدى هذه الشكايات المؤلفة من احدى عشرة صفحة اطلع عليها "تيل كيل عربي"، تقدمت فيها تسع أستاذات وثلاثة أساتذة بالمدرسة العليا للتكنولوجيا برسالة تذكير مع طلب مآل الشكاية إلى رئيسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أنذاك عواطف حيار، تحت إشراف مدير المدرسة، وذلك عن طريق محامي بهيئة الدار البيضاء يومه 13 فبراير 2020، ضد المسؤول المتهم بعدة ممارسات منها التحرش.
وحكت أستاذة أن المشتكى به "تحرش بها عدة مرات بل وصل به الأمر إلى حد انتقاله صُحبة أستاذ إلى مقر إقامتها خارج الدار البيضاء، حيث عمد إلى الاتصال بها هاتفيا عارضا ملاقاتها بمقهى، وعند استفسارها له عن سبب ملاحقتها، أخبرها بأن الأمر في غاية الأهمية، وبعدما تعرضت للتهديد، أغلقت هاتفها".
وصرحت أستاذة في نفس الشكاية عن "تعرضها لمضايقات من طرف المشتكى به خلال فترة استعدادها للسفر لإسبانيا للمشاركة بندوة علمية، إذ أصر المشتكى به على السفر معها، دون مبرر علمي، مما حدا بالأستاذة إلى إلغاء مشاركتها بهذه الندوة العلمية، خوفا من تحرش المشتكى به".
وأوضح المصدر ذاته، أنه "بعد تقديم المشتكى به استقالته من رئاسة الشعبة، فإن بعض الضحايا كسرن حاجز الصمت وعبرن عن رغبتهن في الإدلاء بشهادتهن في الموضوع، خاصة وأن المشتكى به وصل حد، إهانة وترهيب أستاذة خلال فترة حملها وتعريضها للضغط النفسي، باقترافه لمضايقات غير أخلاقية في حقها ونعتها بعبارة (العروبية) وغيرها من النعوت القدحية".
وجاء في الشكاية أن "بعض الأساتذة المشتكين بالمعني بالأمر، توصلوا بمجموعة من الشكايات الشفوية من بعض الطالبات الباحثات في سلك الدكتوراه والكاتبات وغيرهن بخصوص تعرضهن من طرف المشتكى به، لأقوال وأفعال وإيماءات تخرج عن نطاق اللياقة، وأن القصد من ورائها كان هو رغبته في استمالتهن".
وذكر المصدر ذاته، أن "العارضين قد بلغ إلى علمهم مؤخرا أن المشتكى به كانت له سابقة للتحرش الجنسي حينما كان يزاول التدريس بمدينة مكناس، وعلى إثرها تم تنقيله لمدينة الدار البيضاء، وبمجرد تقديم المشتكى به لاستقالته من رئاسة الشعبة وقبل تسليمه المهام لمنسقة الشعبة الجديدة، عمد إلى إحضار مجموعة من الأشخاص الغرباء عن المؤسسات، ساعدوه في نقل جميع الوثائق ومعدات وأرشيف الشعبة على متن سيارته، كما حاول إجبار بعض الأساتذة على تغيير النقط وهو ما كان يتم رفضه من جميع الأساتذة".
واقعة تونس
المحامي أورد في رسالة تذكيرا بأنه "توّصل من مشتكية بشهادة مكتوبة تطرقت فيها إلى محاولة اغتصابها من قبل المشتكى به أثناء مشاركتها معه في مؤتمر علمي بتونس، وإلى المضاعفات النفسية الخطيرة التي لا زالت تعاني منها"، هذه الشكاية توصل بها كل من مدير المدرسة ورئيسة الجامعة آنذاك يوم 03 مارس 2020، شكاية يتوفر "تيل كيل عربي" على نسخة منها.
تفاصيل الواقعة وردت في وثيقة منفصلة، وهي شهادة مكتوبة موقعة بتاريخ 23 فبراير 2021 يتوفر "تيل كيل عربي" على نسخة منها، لأستاذ محاضر في جامعة تونس قائلا: "في دجنبر 2016 أثناء المؤتمر الدولي الذي نظمته جامعة تونس مع مجمع idrac، وجامعة نيس الفرنسية، قامت إحدى المشاركات من جامعة المغرب بالاتصال بي وبعميدة كلية البحوث العلمية لمجمع idrac في الليل بعد انتهاء اليوم الأول من المؤتمر، وكانت مصدومة وخائفة، لأنها حسب قولها، تعرضت لمحاولة اعتداء جنسي اعتداء جنسي مت طرف المشتكى به".
وأضاف الأستاذ في جامعة تونس أن "المنسق بعدما طلب منها المرور بغرفته لإعطائها الهدية التي تركناها لها كجامعة تونس، اغتنم الفرصة وحاول تقبيلها راكنا إياها على الحائط، من جهة أخرى أشهد أنني خلال ملتقيات علمية أخرى في المغرب، لاحظت أن السيد لديه سلوك غير محترم مع النساء الباحثات وهو دوما يعاكسهن ويلمسهن".
وسردت إحدى المشرفات على النشاط العلمي التي كانت حينها عميدة الكلية والبحوث العلمية بمجتمع idrac الفرنسي، وأيضا تشغل منصب أستاذة محاضرة بجامعة تولون بفرنسا، في شهادتها المكتوبة موقعة بتاريخ 24 مارس 2021 نفس ما قالته الأستاذة المشتكية والأستاذ المحاضر في جامعة تونس في حق المشتكى به، بل أكدت أنه "طلبنا منها إبلاغ الشرطة، لكنها رفضت، وصرحت أنها لت تتجه إلى شرطة بلد أجنبي حفاظا على سمعة الجامعة المغربية".
وكشفت الأستاذة المحاضرة بجامعة تولون بفرنسا في نص شهادتها أنه "لقد أعلمت أنا ورئيسي الجامعة المغربية الحسن الثاني بالدار البيضاء، بهذا الحدث، واطلع على تفاصيله كل من الرئيس السابق إدريس منصوري والرئيسة الحالية، ونتوفر على ما يؤكد صحة ما تقدمنا به، إضافة إلى ذلك، تلقينا العديد من الشكايات من نساء أخريات شاركن في لقاءات علمية أخرى حضرها المشتكى به".
أستاذة جامعية بفرنسا ضحية
وأوضحت شكاية الأساتذة الموجهة إلى رئيسة الجامعة أنذاك، والوزيرة الحالية أن "منسقة الشعبة الحالية، توصلت بشهادة مكتوبة ومفصلة من أستاذة جامعية بفرنسا، فيها، وبشكل مفصل، جميع هذه السلوكيات المرفوضة المرتكبة من قبل المشتكى به في حقها وفي حق غيرها".
ويتعلق الأمر بأستاذة محاضرة في جامعة باريس أوردت في شهادتها المكتوبة بتاريخ 19 مارس 2021 أنه "أثناء مشاركتي في ندوة علمية سنة 2016 التقيت بالمشتكى به، ولم ترق لي طريقته في التعامل معي لأنه كان يرمقني بنظرات معاكسة وغير محترمة".
الأستاذ يلجأ للقضاء
وقام "تيل كيل عربي" فوّر توصله بالوثائق المذكورة، والمتعلقة بالشكايات ضد الأستاذ بالبحث عن آخر تطورات الملف، وحسب مصادره من داخل وزارة التعليم العالي، فإن الوزيرة الحالية عواطف حيار، التي كانت ترأس الجامعة حينها، قامت خلال السنة الماضية بتكليف مسؤولة متخصصة في هذا المجال بالاستماع إلى الضحايا المفترضات، ورفعت على إثر ذلك تقريرا إلى ديوان الوزير السابق سعيد أمزازي، جاء فيه أن "المشتكيات لا يملكن دلائل مادية تؤكد وقوع فعل التحرش الجنسي بهن"، وقالت في تقريرها إن "الملف موضوع تصريحات المشتكيات وتصريحات مضادة للمشتكى به".
وجاء في التقرير ذاته، أن "الأستاذ مدعوم بشهادات زملاء له"، وحاولت حيار وقتها، حسب المعطيات التي حصل عليها "تيل كيل عربي"، "عقد جلسة صلح بين الأستاذ والمشتكيات والمشتكين به، وبعد فشل عقد هذه الجلسة، اتصلت المشتكيات حينها بديوان الوزير السابق سعيد أمزازي، وطلبن عقد لقاء معه، وقام الوزير حينها، بتكليف مدير الديوان باستقبالهن والاستماع إليهن، لقاء ترتب عنه إيفاد مفتشية من الوزارة للتحقيق في الملف، لكنها لم تكمل عملها، عكس ما يُتداول حول "التستر عن ما خلصت إليه من نتائج".
وكان سبب توقف تحقيق المفتشية وفق المصدر ذاتها، هو "لجوء الأستاذ المشتكى به إلى القضاء ضد من يتهمونه بالوقائع السابق ذكرها".
فتح تحقيق داخلي
وخلال إعداد "تيلكيل عربي" لهذا التقرير، قررت وزارة التعليم العالي إعادة البحث والتحقيق في الملف عبر المسطرة الإدارية الداخلية.
وحلت لجنة تفتيش وزارية، برئاسة المفتش العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وبأمر من الوزير عبد اللطيف الميراوي، صباح اليوم الثلاثاء، بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء، للاستماع للضحايا المفترضات بـ"التحرش الجنسي".
وقالت مصادر للموقع، إن "اللجنة من المرجح أن تستمع هذا الصباح للضحايا، فيما سيتم الاستماع للمتهم في القضية زوال اليوم".
ومن المنتظر أيضا، أن يتم النطق بالحكم في الملف يوم 25 يناير أمام المحكمة الزجرية بعين السبع.