منحت لجنة المناقشة، الباحث التونسي حاتم الغماري، لقب دكتور بميزة مشرف جدا، مع التوصية بنشر العمل، بعدما قدم أطروحة في القانون العام والعلوم السياسية تحت عنوان "الملك محمد السادس وتحولات مؤسسة الدولة بالمغرب بعد 1999"، يوم الجمعة 18 مارس 2022، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط.
وخلصت الأطروحة إلى أن "تأطير مفهوم الأمة-الدولة المغربية، فالأمة المغربية الممتدة خلال أزيد من ثلاثة عشر قرنا تمت صيانتها في كل الدساتير المغربية، لتأتي ديباجة دستور 2011 مفصلة لروافد هذه الأمة الممتدة عربيا ومتوسطيا وإفريقيا، بانصهار مكوناتها العربية-الإسلامية والأمازيغية، والصحراوية الحسانية. والغنية بروافدها "الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية"ـ، فمعادلة الأمة-الدولة التي ظلت حاضرة ومؤطرة لمسار المغرب طيلة ثلاثة عشر قرنا، بدا أنها ضرورية في الصراع الحضاري منذ أواخر القرن العشرين، لذلك جاءت فكرة إعادة الصياغة الدستورية مرة أخرى بشكل فريد".
وأوضح الغماري في تقديمه لبحثه، أن "معادلة الأمة-الدولة التي ظلت حاضرة ومؤطرة لمسار المغرب طيلة ثلاثة عشر قرنا، بدا أنها ضرورية في الصراع الحضاري منذ أواخر القرن العشرين، لذلك جاءت فكرة إعادة الصياغة الدستورية مرة أخرى بشكل فريد".
وأشار إلى أن "صفة أمير المؤمنين وحقل إمارة المؤمنين ثابتا مركزيا في مسار تطور الدولة-الأمة، لدرجة أن إمارة المؤمنين ظلت ممتدة في عمق إفريقيا وفي الفضاء المتوسطي والأوروبي، تخاطب الديانات السماوية الثلاث، وتلعب دور توازن روحي وجيو أمني جديد، ويوضح مسار ما بعد 1999، كيف استطاع الملك محمد السادس بمقاربته وفعله في الميدان أن يجعل الدولة المغربية متوازنة داخل ثنائية الدولة الاجتماعية والدولة الليبرالية، فوظائف الدولة تتغير بين الاجتماعي والليبرالي حسب حاجيات المجتمع".
وأكد أن "وظيفة الدولة تغييرت، إذ لم تعد الوظائف ممركزة في تقديم الخدمات العمومية أو أن الدولة أمام خيار وحيد كما كان في الماضي، بالذهاب نحو الخوصصة، بل تم اعتماد أساليب التدبير الجديدة كعقود الامتياز والتدبير المفوض، وهي الأساليب التي كان لها انعكاس على الخدمات الموجهة للمجتمع".
ولفت إلى أن "الملك محمد السادس بادر إلى بناء فلسفة ترابية جديدة داخل الدولة المغربية، وذلك لما دفع بالنمط الترابي نحو جهوية متقدمة مقرونة بجهات نموذجية بالأقاليم المغربية الجنوبية، فالأمر يتعلق بمقاربة عميقة لها هدفين أساسيين: يتمثل الأول في خلق وحدات ترابية وتوزيع الثروة من المركز نحو الجماعات الترابية، ويتمثل الثاني في حل نزاع ترابي بتقديم مقترح الحكم الذاتي".
وشدد على أن "الملك محمد السادس تمكن من بناء انتقال في الدولة المغربية من النمط القديم إلى النمط الجديد، عن طريق أدوات المصالحة والتقارير المشخصة للماضي والمتوجهة بتوصيات نحو المستقبل، فالأمر كان فيه انتقال وبناء لنموذج تنموي أول وثان، وهي الأدوات التي حولت المغرب إلى دولة جديدة تحافظ على التقاليد والموروث، وتلج التحديث المؤسساتي وتقدم نموذجا قابلا للقراءة في التقارير الدولية، وقادرا على ولوج عالم المقارنات مع الدول الغربية الديمقراطية".
وأبرز أن "الملك محمد السادس، استطاع أن يضبط موازين انتقال القوة في المحيط الإقليمي للمغرب داخل منطقة شمال إفريقيا والمنطقة المتوسطية وإفريقيا والعالم العربي، ليتحول المغرب إلى قوة إقليمية ذات تأثير جيوسياسي واقتصادي وجيواستراتيجي".
ويشار إلى أن "لجنة التحكيم ضمت، فريد الباشا (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط رئيسا)، وعبد الرحيم المنار اسليمي (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بالرباط مشرفا وعضوا)، وعبد الحفيظ ادمينو (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق السويسي عضوا)، والطيب البكوش (أمين عام اتحاد المغرب العربي عضوا)، ومحمد الغالي (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق مراكش عضوا)، والحسين اعبوشي (أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمراكش عضوا).
ويذكر أن الدكتور حاتم الغماري، هو نجل المدير السابق في المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم محمد الغماري الذي ناقش في سنة 1988 أطروحة تحت عنوان: "قراءة فى الفكر السياسي للملك الحسن الثاني"، ثم إلتحق إثرها بالديوان الملكي المغربي كمكلف بمهمة قبل أن يتم تعيينه في منظمة "ايسيسكو" التي تقلد فيها عدة مهام قيادية.