قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، اليوم الخميس بمراكش، خلال المائدة المستديرة الأولى بعنوان "تحديات ووجهات النظر حول الأنظمة الصحية في العالم: إفريقيا نموذجا"، إن عقد المؤتمر الإفريقي الأول للحد من المخاطر الصحية يأتي بالنظر للعمق التاريخي والإمكانيات الديموغرافية والاقتصادية التي تتمتع بها القارة الإفريقية، وبسبب تعرضها المشترك للمخاطر الصحية والبيئية.
وذكر آيت الطالب في كلمته التي ألقاها خلال المؤتمر، حول التجربة المغربية في ما يخص إدارة المخاطر الصحية، وتحديات النظم الصحية ومنظوراتها، "التنوع البيولوجي الذي تتمتع به القارة؛ حيث تعتبر الرئة الخضراء الثانية على كوكب الأرض، وتصنف الخامسة عالميا بتوفرها على جميع الأنواع المعروفة من الثدييات والطيور والنباتات، فضلا عن حصولها على 8 نقاط من أصل 34 نقطة حول العالم للتنوع البيولوجي".
وأبرز آيت الطالب أن "المغرب عرف وحدة استجابة تحت قيادة الملك محمد السادس، وأن عملية صنع القرار الشاملة كانت على أساس تعزيز حماية حياة المواطنين وحماية الفئات الهشة، والحفاظ على الأمن الصحي للبلاد وسيادته، وتوقع المخاطر والاستجابة لها، ونهج شامل متكامل متعدد القطاعات، وتكامل وتآزر العمل العام، بالإضافة إلى الشفافية والاستماع المستمر".
وعدّد الوزير المجالات الرئيسية للتدخل في سبعة مجالات؛ أولها التدخل الحكومي؛ حيث تم إعلان حالة الطوارئ الصحية، وتفعيل النظام الوطني لإدارة الأزمات، وإنشاء هيئات القيادة والاستشارات والرقابة، فضلا عن التكامل والمساءلة لجميع فروع الدولة.
أما المجال الثاني، فخص التمويل، حيث تم إنشاء صندوق التضامن الوطني الخاص بإدارة ومواجهة الجائحة. بينما تمثل المجال الثالث في التدخل من أجل إدارة المخاطر الصحية، عن طريق تعزيز نظام المراقبة الوطنية والمراقبة الوبائية والإنذار، وتعزيز الضوابط الصحية على الحدود، وفرض القيود الصحية الفردية والجماعية، ووضع استراتيجية الاتصال.
وفيما يخص المحور الرابع للتدخل ومرونة النظام، فتم الارتقاء بالنظام الصحي الوطني، عن طريق إعادة توزيع الأولويات والموارد. كما تم تأمين توريد الأدوية والسلع الطبية الاستراتيجية، وإعادة تحويل الفروع الصناعية نحو تركيز جهود الاستجابة للحاجيات الوطنية، وزيادة سعة الاستقبال بالمستشفيات الثابتة والمتنقلة، والتعميم التدريجي لعرض الفحص والتشخيص لـ"كوفيد19-"، مع استمرارية الرعاية غير المصابة بفيروس "كورونا".
وفيما يتعلق بالمحور الخامس للتدخل مرونة الأنظمة الأخرى (اجتماعي، اقتصادي، إلخ)، فهم تأمين توريد الضروريات الأساسية، ودعم الأسر والموظفين، ودعم نسيج ريادة الأعمال والحفاظ على العمالة، بالإضافة إلى تدخل قضائي، ودعم القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وزيادة في قدرات الاتصالات.
وبخصوص المحور السابع للتدخل التضامن الدولي، فتمثل في تنفيذ حملة إعلامية خاصة بالتلقيح ضد فيروس "كورونا"، وزيادة أماكن التطعيم وتحسينها، وتنفيذ نظام إلكتروني لإدارة حملة التطعيم ضد فيروس "كورونا"، وتقوية نظام اليقظة الدوائية للقاح، بالإضافة إلى المشاركة في التجارب السريرية المتعلقة باللقاح المضاد للفيروس، ودعم الدول الصديقة، وتبادل الممارسات الجيدة وأوجه التعاون في جهود الاستجابة الدولية.
واعتبر الوزير أن حالة المغرب تعد تجربة وطنية في إدارة المخاطر، مشيرا إلى مشاريع الإصلاح الحالية على ضوء الدروس المستفادة من إدارة جائحة فيروس "كورونا".
كما أشار إلى مفهوم "المسؤولية والنمو" الذي طوره الملك محمد السادس، في خطاب العرش لعام 2019.
وتابع أن للمغرب عقيدة تنظيمية تقوم على التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي، ودولة ذات رؤية واستراتيجية، ودولة حامية ومنظمة، ودولة ذات كفاءة.
وأضاف آيت الطالب أن نموذج التطوير الجديد يوفر المكونات الضرورية لما يلي: استدامة جهود التنمية المستدامة والإصلاحات الاجتماعية المنفذة، ومرونة وتفاعلات الأنظمة القائمة، وتقارب السياسات العامة لصالح القطاع الصحي، والأمن الصحي للسكان والسيادة الصحية للأمة، وتقوية أواصر التضامن والتعاون التي توحد المغرب بعمقه الإفريقي، وإصلاح نظام الحماية الاجتماعية الوطني، المرتكز على أربعة أركان هي؛ تعميم التأمين الصحي الإجباري (AMO) لجميع السكان بحلول نهاية عام 2022، وتعميم المساعدات العائلية للأطفال في سن التمدرس بحلول عام 2024، مع توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد، بحلول عام 2025، وتعميم إعانات فقدان الشغل (IPE) بحلول عام 2025.
وفيما يتعلق بإصلاح شامل للنظام الصحي الوطني، فيرتكز على آليات حوكمة وتنظيم جديدة، وتثمين الموارد البشرية، ورفع مستوى العرض الصحي، ورقمنة النظام الصحي.
وأكد الوزير أن الأمن الصحي الوطني والسيادة لا ينفصلان عن تلك التي في القارة ككل: استبدال - بكل تعقيداتها - إدارة المخاطر الصحية وتأثيرها على النظم البيئية، وإعادة التفكير في النهج والأولويات، وتعزيز القيم المشتركة، ووجهات نظر لتوقع التهديدات الصحية في المستقبل: التعبئة المشتركة لإفريقيا الغد، والقيادة الشاملة التي تحقق أفضل استخدام ممكن للمهارات والخبرات والفرص المتاحة. خطط تعاون طموحة وواضحة، والتحول الرقمي والتكنولوجي لصالح الصحة.
وتابع أن صندوق الأمن الصحي القاري المستقل يعد فرصة تاريخية لوضع ميثاق إفريقي لمرونة النظم الصحية، تحت القيادة الشاملة لشبكة إفريقية رفيعة المستوى للإدارة المتكاملة للمخاطر الصحية متعددة القطاعات.
وخلص آيت الطالب إلى أن الصحة هي الصالح العام المشترك الذي يدر الثروة ويعزز التنمية.
أما عن المخاطر الصحية، حسب الوزير، فتتمثل في حجم التأثير وعدم التجانس والتعقيد، وقابلية التوسع وعدم القدرة على التنبؤ بالتحديات التي يجب مواجهتها مع تطور المجتمعات.