تعاني ساكنة دواوير إقليم أزيلال، منذ ثلاثة أيام، تحت وطأة الثلوج، التي وصل ارتفاعها، في بعض دواوير الإقليم، إلى ثلاثة أمتار. ''تيل كيل عربي'' تحدث إلى سكانٍ يقطنون في بعض تلك الدواوير، واستمع إلى شكواهم من معاناة يعانقونها كل فصل شتاء، بسبب قسوة الطبيعة والتهميش.
توقف الحياة
''الجَّارْ مَكَيْوْصَلْ للجَّارْ''، كان هذا وصف سعيد أوداد، أحد سكان زاوية أحنصال في إقليم أزيلال، للوضعية التي تعيشها الزاوية منذ ليلة الجمعة؛ الطريق الموصلة إلى الزاوية تغلقها الثلوج، التي يبلغ ارتفاعها مترين في الطريق، وثلاثة وسط الزاوية. ورغم تقطيع وتخزين ساكنة الزاوية لخشب التدفئة في فصل الصيف، استعدادا لهذه المحنة، إلا أنهم يعانون، حاليا، من خصاص في المواد الغذائية، وأعلاف المواشي، في ظل انسداد الطريق المؤدية إلى أقرب سوق للمنطقة، بفعل الثلوج، وهو سوق مركز أيت عبدي التابع لإقليم أزيلال، وفق شهادة عبد الرحمن أوداد لـ ''تيل كيل عربي''.
في جماعة آيت بوغماز، في إقليم أزيلال، بدأت الثلوج تتساقط ليلة الجمعة الماضية، وتوقفت عن التساقط في الساعة الثانية من صباح اليوم (الثلاثاء). معطيات أكدها لـ ''تيل كيل عربي سعيد مرغأدي، أحد ساكنة الجماعة. المتحدث قال إن ''النَّاسْ مْبْلُوكِينْ هْنَا مْنْ نْهَارْ الجمعة''، وذلك بفعل الثلوج، البالغ ارتفاعها نصف متر في الهضبة السفلى للجماعة، ومترا و20 سنتيمترا في هضبتها العليا، والتي منعت سكان الجماعة من السفر، وعرقلت تنقل النساء الحوامل والمرضى إلى المستشفيات، فضلا عن عدم قدرتهم على جلب الأعلاف لتغذية مواشيهم.
أما في دوار آيت عبي، الواقع، كذلك، في إقليم أزيلال، فقد توقفت حركة السير في الطريقين المؤديين إليه، بفعل الثلوج التي وصل ارتفاعها، هناك، إلى متر و20 سنتيمترا؛ طريق من أزيلال عبر زاوية أحنصال، والثانية من جماعة تِلْكِيتْ، وكلاهما عبارة عن ''بِيسْتْ''، وغير معبدتين.
نضال جمودي، أحد سكان آيت عبي، أفاد، ''تيل كيل عربي''، أن الساكنة لن تقدر على الذهاب إلى السوق الأسبوعي، يوم الخميس المقبل، وستعتمد خلال الأيام المقبلة على ما خزنته من طعام. الدوار المذكور، غير مجهز بشبكتي الكهرباء والماء، وحُفِرَ فيه بئر، لكن السكان لا يحصلون منه على الماء، لأن أشغال تجهيزه لم تنه إلى حد الآن، مما يضطرهم إلى التزود بالماء من الْعُيُون، التي يصدهم الثلج، منذ أيام، عن الوصول إليها.
محمد عمار، واحد من ساكنة دوار إِيمْدَّاحْنْ أَنْرْكِي، أحد دواوير إقليم أزيلال المتضررة، كشف، للموقع، انقطاع تيار الكهرباء، في الدوار، لمدة ليلة ويوم، في ظل تساقط الأمطار والثلوج في المنطقة، منذ الرابعة صباحا من يوم السبت الماضي، إذ انقطعت الطريق الرابطة بين الدوار والمركز الحضري تَاكْلْفْتْ، الذي يبعد عن الدوار بـ 51 كيلو مترا، بفعل ثلوج تراوح ارتفاعها، في السفح، ما بين 35 و40 سنتيمترا، بينما وصل في جبل مُورِيقْ، وهو أعلى قمة جبلية في الدوار، إلى 80 سنتيمترا.
في زاوية أحنصال ودواري إيمداحن أنركي وآيت عبي، يعد حطب التدفئة متوفراً، لأن المنطقة غابوية. والسكان يخزنونه في فصل الصيف، استعدادا لهذه الظروف الجوية القاسية. أما في جماعة آيت بوغماز، فيشترى الحطب بأثمنة وصفها سعيد مرغادي بـ ''المرتفعة''، إذ يصل ثمن الكيلو الواحد من خشب التدفئة، هناك، في فصل الشتاء، إلى دِرْهَمٍ، مقابل ما بين 0.60 و0.80 درهماً في فصل الصيف. وتحتاج ساكنة آيت بوغماز إلى قطع مسافة تقدر بـ 50 كيلومترا، لشراء الحطب من الجماعة القروية آيت امحمد، الواقعة، أيضا، في إقليم أزيلال.
الدراسة، أيضا، توقفت يوم أمس (الإثنين)، في زاوية أحنصال، التي تبعد عنها المدرسة بكيلومتر، وكذلك في جماعة آيت بوغماز، التي لم يَعْلَم تلاميذها بالقرار، مما اضطرهم إلى العودة إلى منازلهم، بعد سيرهم، على الأقدام، مسافة تقدر بـ 6 كيلومترات؛ ذهابا وإيابا إلى المدرسة. وشمل القرار، كذلك، دواري إيمداحن أنركي وآيت عبي.
ضعف التطبيب
سعيد أوداد اشتكى من غياب مستشفى في زاوية أحنصال، خصاص يجعل ساكنة الزاوية تتنقل إلى غاية أزيلال، من أجل تلقي الخدمات الطبية. وفي جماعة آيت بوغماز، هناك مستوصف طبي في المركز، تَلِدُ فيه النساء، لكنه ''عْلَى قْدْ الْحَالْ'' حسب وصف سعيد.
أما في دوار آيت عبي، فقد كان مقررا أن تنهى أشغال بناء المستوصف الموجود هناك في 2002، لكن ذلك لم يتم، وشيدت، فقط، الجدران، في دوار تحتاج فيه سيارات الإسعاف إلى حوالي 4 ساعات، لنقل المرضى منه إلى أزيلال، مقابل 400 درهم، وفق شهادة نضال جمودي.
ويوجد مسنشفى في مركز دوار إيمداحن أنركي، فيه طبيب عام، وممرضتين، إلى جانب طبيبتين تسهران على عمليات الولادة، إضافة إلى دار ولادة، تقيم فيها النساء اللواتي اقتربت مواعيد ولاداتهن.
إزالة الثلوج
تشتغل السلطات، حاليا، على إزالة الثلوج المحاصرة لزاوية أحنصال؛ بحيث أزالوا، مساء أمس (الإثنين)، الثلوج الموجودة في الطريق الرابطة بين أزيلال والزاوية، وبدؤوا، في السادسة من صباح اليوم (الثلاثاء)، في فك الحصار الثَّلْجِي عن مركز المنطقة، باستعمال جرافات. ولم يوزعوا، لحد الآن، أية مساعدات؛ مثل المواد الغذائية، أو الأدوية، أو الأفرشة، فضلا عن الأغطية، والملابس.
سعيد مرغأدي، من جهته، أوضح أن السلطات في جماعة آيت بوغماز، تعمل على إزالة الثلوج، لكن آلياتها الخاصة بذلك غير كافية. كما أن إحدى الجرافات، التي خصصت للغرض المذكور،وهي تابعة لوزارة التجهيز والنقل، تحطمت مقدمتها ''لَالَامْ''، أثناء عمليات إبعاد الثلوج عن طرق الجماعة.
وفي دواري إيمداحن أنركي وآيت عبي، لا تزال الثلوج تغلق الطرق، ولم توزع السلطات أية مساعدات هناك، بحسب أبناء المنطقة.