لم تنته قضية كميات حليب الأطفال الملوثة ببكتيريا "سلمونيلا"، في مستودعات شركة "لاكتاليس" الفرنسية، بمنع تسويقها، والتصدي لتصدير كميات منها إلى بلدان بينها المغرب، بل عادت القضية إلى الواجهة، بأن أعلنت فرنسا، اليوم (الخميس)، فتح تحقيق في عدم التزام الشركة بقرار المنع، بعد رصد وصول كميات من الحليب الملوث إلى الأسواق. هذا المستجد يأتي في وقت سبق فيه لـ"تيلكيل – عربي"، أن تساءل حول سر وصول كميات من الحليب الفاسد إلى المغرب بعدما كانت غائبة لحظة صدور أول قرار لمنعها بفرنسا.
وفي التفاصيل، ذكرت صحيفة "لوموند" أن برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية بفرنسا، أعلن اليوم (الخميس)، في ندوة صحافية، استدعاء شركات توزيع للمواد الغذائية، على خلفية اكتشاف توزيع وبيع كميات من حليب الأطفال الملوث في متاجر تابعة لها، رغم قرار المنع، مضيفا أنه سيستمع أيضا إلى مسؤولي شركة "لاكتاليس" المصنعة لحليب الأطفال، غدا (الجمعة)، بشأن القضية ذاتها.
ويباشر وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي تحقيقاته لمعرفة كيف وقع التسريب، لأن "ما وقع خطير جدا وأبرز سلوكات غير مقبولة يجب أن تلقى العقاب اللازم"، حسب وزير المالية الفرنسي، الذي توجه بأصابع الاتهام إلى الشركة المصنعة، إذ ذكر بأنه وقع شخصيا في 9 دجنبر الماضي قرارا، يقضي بتعليق بيع حليب الأطفال المعني (600 نوع كميتها الإجمالية 11 ألف طن)، ثم قال "إن الدولة حلت محل شركة فاشلة، تظل هي الوحيدة المسؤولة على جودة وسلامة منتوجاتها الموزعة بالسوق".
وقبل وزير المالية، تضيف "لوموند"، كان إمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، قد قال جهته اليوم (الخميس)، إن "عقوبات ستصدر"، إذا تأكد أن "ممارسات غير مقبولة" تم ارتكابها، في إشارة إلى المعلومات المتعلقة بتسريب كميات من حليب الأطفال الملوث إلى السوق، بعد صدور قرارات منع تسويقها واستهلاكها، مشددا على أن "الدولة الفرنسية قادرة على ضمانة سلامة الأغذية".
وتأتي تحركات الدولة الفرنسية بعدما تأكد أن متاجر في فرنسا باعت بعض منتجات أغذية "لاكتاليس" للأطفال، رغم قرار المنع الصادرعن الدولة، بسبب اكتشاف تلوثها ببكتيريا "السالمونيلا"، ويتعلق الأمر بسلسلة متاجر "كارفور" التي اعترفت ببيع 434 من المنتوجات المعنية من أصل 95 ألف علبة من المنتوجات المعنية كانت في متاجرها، في حين اعترفت سلسلة متاجر "لوكلير"، ببيع 984 علبة من الكميات المعنية بالمنع.
وتحدث تلك التطورات في فرنسا، في وقت سبق فيه لـ"تيلكيل – عربي"، أن أبرز في 13 دجنبر الماضي، تناقضا في ما أعلنته الشركة الموزعة للحليب الفرنسي المعني بقضية التلوث على مستوى المغرب، إذ بتاريخ 12 دجنبر صدرت عن الشركة بالمغرب وثيقة موجهة إلى الصيدليات تطلب فيها سحب أنواع من الحليب الملوث، في حين أن وثيقة أخرى صادرة عنها في 6 دجنبر كانت قد نفت فيها بشكل مطلق أن تكون الكميات الموزعة بالمغرب معنية بقضية التلوث المثارة بفرنسا.
وقد فهم من الوثيقة الثانية، أن بعض أنواع حليب الأطفال المشتبه في تلوثها ببكتيريا "السالمونيلا"، التي تسبب أساسا جفاف الجسم والإسهال الحاد للأطفال، سبق أن وزعت بالمغرب، على خلاف وثيقتين أخريين، واحدة صادرة عن الشركة المستوردة، في 6 دجنبر، وثانية صادرة عن 'لاكتاليس"، المجموعة الفرنسية المصنعة للحليب، وتنفيان بشكل مطلق أن تكون المنتوجات الموجودة بالمغرب، معنية.
وأثارت تلك المعطيات أسئلة، بينها متى وزعت الأنواع في المغرب؟ إذ لحظة انفجار القضية بفرنسا في 4 دجنبر الماضي، اتصل "تيلكيل" بعدد من الصيادلة، وعرض عليهم لائحة المنتوجات التي طلبت وزارة الصحة والتضامن الفرنسي من مواطنيها عدم استهلاكها وقررت سحبها من السوق، فخلصوا بعد معاينة ما يوجد لديهم في الصيدليات، أن أرقام سلسلة المنتوجات المعلنة بفرنسا، كلها من سلسلة تبدأ بـ"17س"، بينما الموجودة لديهم في المغرب، هي من سلسلة تبدأ بـ"16س"، ما استنج منه حينها، أن الكميات المشتبه في تلوثها، لم تصل بعد المغرب، قبل أن تأتي وثيقة 12 دجنبر لتؤكد وجودها.
وكانت فرنسا قد أعلنت في 10 دجنبر الماضي، بأن حكومتها، وفق قصاصة لوكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب"، قامت بسحب كميات كبيرة من 600 نوع حليب الأطفال المصنع من قبل مجموعة "لاكتاليس"، بلغ مجموع كميتها 7000 طن، وكانت موجهة للتصدير إلى المغرب، و10 بلدان أخرى، ناسبة إلى متحدث رسمي باسم مجموعة "لاكتاليس" قوله "لست مخولا للحديث عن الكميات التي سبق استهلاكها".
وكانت وزارة الصحة بالمغرب، قد قررت في 12 دجنبر الماضي، من خلال مديرية الأدوية والصيدلة، سحب 12 نوعا تجاريا من منتوجات الشركة الفرنسية الموزعة في أوقات سابقة بالمغرب، فقالت إنه "كإجراء احتياطي، تقرر تعليق تسويق منتوجات "بيكوتPICOT" الخاصة بتغذية الرضع، المصنعة من قبل المجموعة الفرنسية "لاكتاليس نوتريسيون Lactalis Nutrition Santé "، والتي يتم تسويقها بالمغرب من قبل إحدى الشركات، مع طلب هذه الأخيرة بالسحب الفوري من السوق المغربية لجميع الأصناف المرتبطة بهذا المنتوج.