أعرب المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية عن "قلقه البالغ إزاء الالتهاب المتصاعد لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، في السوق الوطنية، وفي مقدمتها، أسعار المواد الغذائية، وأساسا الخضر والفواكه واللحوم والأسماك والبيض والزيوت والحليب، لاسيما ونحن على مشارف شهر رمضان".
وقال المكتب السياسي في بلاغ توصل موقع "تيلكيل عربي" بنسخة منه، عقب الاجتماع المنعقد، أمس الثلاثاء، إن "هذا الغلاء الفاحش والمتواصل، بتداعياته الوخيمة، بل والخطيرة، على القدرة الشرائية للمغاربة، يولد ردود فعل واحتجاجات متصاعدة، انطلاقا من أجواء الاستياء والسخط والغضب والاحتقان لدى شرائح واسعة، ولاسيما في أوساط الفئات المستضعفة والمتوسطة"، مؤكدا أن "هذا الواقع المقلق يتطلب من الحكومة تحركا قويا وناجعا وسريعا، تفاديا لتدهور الأوضاع، وحفاظا على السلم الاجتماعي".
واعتبر الحزب، مستحضرا العوامل الموضوعية لغلاء الأسعار، وأساسا ما يتعلق باستمرار تداعيات الجائحة، والاضطرابات الدولية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، وتفاقم التضخم المصحوب بالركود عالميا، وحالة الجفاف وباقي عوامل المناخ، أنه "من غير المقبول، بل وغير المسؤول، إصرار الحكومة على اعتماد خطاب يكتفي بالتشخيص والتبرير، دون اتخاذ قرارات تدخلية ملموسة ذات وقع اقتصادي واجتماعي، وفعلي وإيجابي، من شأنها التخفيف من وطأة الغلاء على المغاربة".
كما جدد "إثارة انتباه الحكومة إلى ضرورة التخلي عن مقاربتها التكنوقراطية والدوغمائية الضيقة، العاجزة عن معالجة هذه الأوضاع الصعبة، في غياب لأيّ رؤية سياسية شاملة تتأسس على ما يلزم من مبادرة واستباق وجرأة وإبداع وتخطيط".
وفي هذا الإطار، أكد المكتب السياسي على كافة المقترحات والبدائل، التي أدلى بها حزب التقدم والاشتراكية، على مدى أزيد من سنة، "سعيا منه نحو المساعدة في أن تتجاوز بلادنا هذه المرحلة العسيرة، بل وأن تحولها إلى فرصة للنهوض الاقتصادي والتقدم الاجتماعي"، مضيفا أنها "حلول وجيهة عملت بها عدد من الحكومات في بلدان أخرى، وأصرت الحكومة الحالية في بلادنا، ولا تزال، على تجاهلها والاستهتار بها".
وجدد حزب التقدم والاشتراكية دعوته الحكومة من أجل "إعطاء الأولوية للأمن الغذائي الوطني، مع ما يستلزمه ذلك من تقييم موضوعي وجريء لنتائج مخطط "المغرب الأخضر"، ومراجعة عميقة للسياسات الفلاحية، التي لم تنجح، إلى حد الآن، في تأمين المخزون الاستراتيجي وتحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني من المواد الغذائية".
كما دعاها إلى "التدخل الفعال والمعقلن، عبر الآليات الجبائية والجمركية، وعبر دعم تكاليف ومدخلات الإنتاج، من أجل خفض الأسعار وضمان التموين العادي والسلس للسوق الوطنية بالمواد الاستهلاكية الأساسية".
وشدد الحزب على "ضرورة أن تُحسن الحكومة توظيف الموارد المالية الإضافية والاستثنائية في تقديم الدعم المباشر للأسر الفقيرة، وللقطاعات المتضررة، وفي تحسين دخل عموم الأجراء"، وعلى "ضرورة أن تفعل الحكومة كافة الآليات، من أجل مراقبة السوق الوطنية، والتحكم في سلسلة التسويق، بدءا بضمان الإنتاج، ووصولا إلى مراقبة بيع المنتجات بالتقسيط، مرورا بزجر ممارسات السماسرة والوسطاء"، معتبرا أنه "السبيل الأنجع للمحاصرة الصارمة والردع الحازم لكل الممارسات التجارية غير المشروعة، بل الإجرامية، بما فيها المضاربات والاحتكارات والادخار السري للسلع والتلاعب بالأسعار والجودة".
وسجل حزب التقدم والاشتراكية أن "دعم أرباب النقل لم يظهر له أثر فعلي على أسعار المواد الاستهلاكية، ولا على المستوى المعيشي للمواطنات والمواطنين"، داعيا الحكومة إلى "الإسراع في إجراء تقييم لهذا التدبير المعزول، بهدف مراجعته".
كما جدد مطالبته الحكومة بـ"إعادة تشغيل مصفاة "لاسامير"، بالنظر إلى أدوارها الحيوية في تكرير وتخزين المواد البترولية، وبالتالي، في خفض أسعار المحروقات عند البيع، وفي توفير الأمن الطاقي الوطني، وفي التأثير الإيجابي على أسعار باقي المواد الاستهلاكية في اتجاه انخفاضها".
وختم الحزب بلاغه بدعوة الحكومة، "بكل قوة وإلحاح"، إلى "اتخاذ قرارات عاجلة وشاملة وناجعة، لأجل حماية ودعم القدرة الشرائية للمغاربة، وتوفير التموين الكافي من المواد الاستهلاكية والغذائية في السوق الوطنية، بأسعار معقولة"، وإلى "التخلي عن لامبالاتها بالأوضاع الاجتماعية المتدهورة، وبردود الفعل المرشّحة للتفاقم".