أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أن "النهوض بالرأسمال البشري، وجعله رافعة للعدالة الاجتماعية، ليس مجرد شعار ظرفي، وإنما خيار استراتيجي يفرض على السلطات العمومية إعادة ترتيب أولوياتها، بالتركيز على بناء الإنسان وتقليص التفاوتات".
وقالت بوعياش، اليوم الثلاثاء، في كلمة افتتاحية لأشغال المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، الذي ينظمه مجلس المستشارين، في موضوع: "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية"، إن "إعادة ترتيب الأولويات تقتضي رصد اعتمادات مالية ضخمة لأوراش إصلاح وتأهيل قطاعات الاستثمار في الرأسمال البشري؛ على رأسها التعليم، والصحة والحماية الاجتماعية".
وشددت رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن "حفظ كرامة المواطنات والمواطنين تتطلب تعزيز قدراتهم، وضمان الولوج إلى حقوقهم الأساسية، بشكل عام، لاسيما الحقوق التمكينية، المتمثلة في الحق في الصحة والحق في التعليم"، مضيفة إلى أن حمايتهما تعتبر "شرطا أساسيا لتعزيز وتقوية الرأسمال البشري الوطني، ومعيارا لقياس مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية، التي تواجه تحديات كبيرة لترسيخ مبادئها في بلادنا".
وتابعت بوعياش أن "التعليم يعتبر مصعدا اجتماعيا يتيح لفئات عريضة من المجتمع فرصة الترقي والتطور الذاتي"، وأن "الحق في الصحة، باعتباره حالة من اكتمال السلامة الجسدية والنفسية والاجتماعية، هو شرط قبلي للاستفادة من باقي الحقوق".
واعتبرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن "أي مقاربة حقوقية لتعزيز دور الرأسمال البشري في مواجهة التفاوتات ينبغي أن تتأسس على وعي عميق بأن التفاوتات الاجتماعية والمجالية تعود، في جوانب كثيرة منها، إلى اعتماد المقاربة المبنية على الحاجيات في معالجة القضايا التنموية، وضعف استحضار تمفصلات التنمية مع الحقوق والحريات"؛ حيث دعت إلى "ضرورة اعتماد المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء السياسات العمومية، ودعم فعلية الحقوق، باعتبارها ضرورة يقتضيها تدبير العقد الاجتماعي الجديد بين المواطن والدولة".
كما أوضحت بوعياش أن "تكريس البعد التعاقدي، بما يحيل عليه من إقرار لفعلية للحقوق والحريات، سيساعد على معالجة التفاوتات والتهميش، بمختلف مستوياتها الاجتماعية والمجالية"، لافتة إلى أن "استمرار تدني مستوى فعلية الحقوق والحريات يشكل تهديدا حقيقيا للاستقرار والتماسك الاجتماعي"، مضيفة أن "أهم الدروس المستخلصة من تجربة الإصلاح في المغرب، وفي تجارب أخرى مشابهة، هو أن سن القوانين والتشريعات وإحداث مؤسسات هو أمر ضروري، لكنه يبقى غير كاف لتحقيق التغيير والإصلاح المنشودين، معتبرة أن "نظام القيم السائد والمعادي، في جوانب كثيرة منه، لقيم حقوق الإنسان، يتميز بقدرة كبيرة على مقاومة الحمولة الإصلاحية للمؤسسات والقوانين".
وشددت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على "ضرورة العمل على إعادة الاعتبار للبعد الثقافي والقيمي في النقاش حول العدالة الاجتماعية، باعتبارها بناء أخلاقيا وسياسيا يروم تحقيق المساواة في الحقوق والتضامن الجماعي بين أفراد المجتمع، عبر التفكير في أنجع السبل لتمكين مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية منها، والجديدة من الاضطلاع بدور ناجع في تعزيز البعد المواطن للرأسمال البشري، بما يسمح بتكوين مواطن متشبع بثقافة الحقوق والحريات".