عرفت الممارسة الجنسية بين الأزواج المغاربة، تطورا كبيرا في الآونة الأخيرة. ولأنها لا تزال محاطة بالكثير من الطابوهات، سنقف في هذه السطور مع متخصصين وخبراء، لتشخيص العلاقات الجنسية بشكل أقرب.
عندما سألنا اختصاصي علم الجنس، عبد الرزاق مسعد، إذا ما كانت الحياة الجنسية للمغاربة سعيدة، فإن جوابه كان صادما: "بالتأكيد لا، فهنالك العديد من الإحباطات سواء من جانب النساء أو الرجال". اليوم، نلاحظ أن العديد من السيدات يذهبن إلى الطبيب لأنهن لا يستطعن الوصول إلى النشوة الجنسية. "كما لدى غالبية الأزواج، تتلخص العلاقة الحميمية في الإيلاج، ما يجعل معظم النساء يعتقدن أن النشوة تأتي من داخل المهبل فقط. في حين أن أحسن طريقة لكي يصلن للنشوة، هي إثارة الأماكن المثيرة في الجسم، مثل البظر"، يضيف مسعد. هذا الجهل الجنسي ضحيته الرجال أيضا، "حيث يعتقدون أنه لا يمكن إمتاع المرأة إلا من خلال الإيلاج"، حسب الأخصائي ذاته.
الجنس المضاعف
يعترف أحمد، 37 سنة، بأنه لا يفهم جسد زوجته سلمى: "عندما نكون بصدد ممارسة الجنس، لا أشعر أنها مستمتعة مثلي، بل يظهر عليها الملل !". المشكل، تعبر عنه الزوجة المعنية "لا أشعر بأي شيء". شيطنة الجنس لدى الذكور، وعدم احترام رغبة المرأة، قد تخلق لها فوبيا من الإيلاج، وهو ما يطلق عليه التشنج المهبلي، الذي يعتبر السبب الأول الذي يدفع النساء لمراجعة الطبيب. تقول أمال شباش أنها تستقبل يوميا 6 حالات من هذا المرض، على الأقل: "خلال مراهقتهن، سمعت هؤلاء الشابات حكايات عن صعوبة ليلة الزفاف، وأنها مرعبة لدرجة أن النساء يغمى عليهن وينتهي بهن الأمر في المستعجلات. هنا يولد خوف من الممارسة، ويزداد مع الوقت". من جهتهم، فاعتراف الرجال بضعفهم الجنسي، يعني التشكيك في فحولتهم، ويعد من المحرمات.
يشكل الرجال 95 بالمائة من المرضى لدى الدكتور عبد الرزاق مسعد. وأكثر من نصفهم يعانون من سرعة القذف. أما الباقي، فمن مشاكل الانتصاب. لكن التوجه صوب عيادة للأمراض الجنسية هو اعتراف ضمني بفشل الفحولة، و"في إحدى المرات، انتظرني أحد المرضى في أسفل العمارة التي توجد بها العيادة ساعات طويلة، لأنه لم يستطع دخول العيادة. لذا من الصعب على الرجل الاعتراف بمشكل جنسي لأنه يعرض شرفه للعار"، يوضح الدكتور، ويؤكد أن عددا كبيرا من مرضاه الذكور، يتناولون أدوية لعلاج ضعف الانتصاب، خفية عن زوجاتهم.
منظومة متناقضة
حسب عالمة الاجتماع سمية نعمان جسوس، فإن المشاكل الجنسية لدى الأزواج المغاربة سببها "التباعد بينهما، بمعنى أن هناك رجل خبير في الجنس، وامرأة بدون خبرة، لأنها أجبرت على قمع حياتها الجنسية منذ بلوغهاّ، بالتالي لا تعرف كيف تصل إلى النشوة". عدم التساوي هذا، يرجع سببه حسب عالمة الاجتماع، إلى عقد مترسخة؛ "فالرجال يرغبون بامرأة عذراء من أجل الارتباط. ثم يتزوجن بفتاة تبلغ بين 25-30، يفترض فيها أن تكون عذراء، أو هي فعلا كذلك، ويشترط ألا تعرف شيئا عن الجنس، أو أن تتظاهر بذلك". في حين، وعلى النقيض، تقول جسوس أن "أفلام البورنو جعلت من الرجال أكثر تطلبا من ذي قبل، حيث يطمحون إلى حياة جنسية متحررة". من جهته يعترف سليمان، 40 سنة: "أحب ممارسة اللواط والجنس الفموي، لكني لم أتجرأ على طلب ذلك من زوجتي".
نسمة، 30 سنة، هي الأخرى سبق أن عاشت هذا التناقض، خلال ليلة دخلتها: "تعجب زوجي كيف لي أن أكون مرتاحة، حيث سألني أثناء ممارسة الجنس من أين تعلمت كل هذا، وقد كان عصبيا لأنه ظن أنني لست عذراء. بعد أن أجبته أنني قرأت قليلا لكي لا أكون متوترة في التجربة الأولى، جعله مرتاحا لأني تعلمت هذه الأشياء". هذا يجعل من الصعب على المرأة أن تحترم في الوقت نفسه، رمز عفتها ورغباتها الجنسية.
من أجل متعة أفضل
"في البداية، كنت أشعر بالملل عندما أمارس الجنس مع زوجي. بعدها قمت بمشاهدة شريط على اليوتوب، يشرح الوضعيات الجنسية التي تجلب متعة ونشوة أكبر، وهو ما غير حياتي"، تقول ندى، 29 سنة.
مع انتشار الأنترنت، أصبح من السهل مشاهدة فيلم بورنوغرافي مجانا، أو قراءة مقالات عن عجائب البظر. وهو ما مكن الرجال والنساء، على حد سواء، من توسيع رؤيتهم للجنس، وتطوير ممارساتهم باكتشاف طرق جديدة.
بالنسبة للاختصاصية أمال شباش، فإن المغربة أصبحوا على وعي أن الجنس هو تعلم في البداية؛ "أصبحت أتلقى زيارات من أشخاص في فترة الخطوبة، أو بعد عقد القران، يرغبون في التعلم من أجل حياتهم الجنسية المستقبلية، ويسألون عن كيفية ممارسة المداعبة، كيفية التصرف في الليلة الأولى.." وهو ما كان مستحيلا، قبل سنوات، حسب متحدثتنا.
إذا كان التوجه للطبيب المتخصص من أجل التشخيص والعلاج، لا يزال نادرا، فإن معظم أخصائيي الجنس الذين حاورناهم، يؤكدون أن الأزواج أصبحوا أكثر إقبالا على طلب المشورة. "معظم مرضاي هم من الرجال، لكني أستقبل العديد من النساء أيضا، اللواتي يأتين من أجل تحسين حياتهن الجنسية"، يقول الاختصاصي عبد الرزاق مسعد. النساء أيضا يقبلن أكثر فأكثر على متخصصي الجنس، "عندما انطلقت في المجال قبل 16 سنة، لم تكن النساء تأتين للتشخيص، اليوم عددهن يزداد كل يوم. كما لدي رجال يأتون أيضا من أجل التشخيص والتعلم، وذلك بغية إرضاء رغبات زوجاتهم الجنسية"، تقول أمال شباش بفرح.
أثير الجنس.. عبر الراديو
"هل أواجه خطر العجز الجنسي إذا كنت أمارس العادة السرية؟"، "هل يمكن لزوجتي أن تحمل بعد علاقة جنسية من الدبر؟". يوميا، يجيب الدكتور صمد (Doc Samad)، المتخصص في الجنس وعلم النفس، على هذه الأسئلة، من خلال برنامجه اليومي "نسمعوك" (On t'écoute)، على أمواج إذاعة "هيت راديو"، وهي مساحة سمحت للمغاربة، بفضل حماية هوياتهم، من البوح بصراحة وسرية.
"أغلب من يتصل بنا هم شباب محبطون، قد لا تكون لديهم الإمكانيات من أجل زيارة اختصاصي جنسي، يخافون الحديث مع محيطهم أو بدافع الوازع الديني"، يقول دوك صمد بأسف. وإذا كان بإمكان المغاربة، اليوم، الحصول على جميع المعلومات حول الجنس من خلال الأنترنت، فإن ما يجدونه لا يكون دقيقا أحيانا. "ما يريده هؤلاء، هو الحصول على رأي متخصص، ودورنا هو الاستماع لهم وتأطيرهم"، تشرح أمال شباش، الاختصاصية في العلاج النفسي والجنسي، ومنشطة برنامج "افتح قلبك" على دوزيم.
إذا كانت هذه النوعية من البرامج تشكل مساحة تعبير حر، فإن الطابوهات لا تزال تكبل البعض، حتى الكلام عنها يصعب نطقها. ورغم الحديث الدائم عن المشاكل الزوجية، فإن ذلك يتم من خلال تعبيرات مجازية. "من أجل الحديث عن القضيب، يستعمل الرجال مصطلح 'قلم'، وتقول النساء 'لا أشعر بشيء' في الحديث عن النشوة"، توضح شروق غريب، منشطة البرنامج اليومي "نوضح ليك"، على إذاعة أطلانتيك، الذي يناقش هو الآخر المشاكل الحميمية بين الأزواج.