صادق المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي خلال دورته 13 المنعقدة بالرباط أمس الجمعة على مشروع ورقة حول مساهمة المجلس بخصوص إعادة النظر حول النموذج التنموي تفاعلا مع الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة.
الوثيقة، التي حصل عليها موقع "تيلكيل عربي" اعتبرت أنه لا يمكن تنمية الرأسمال البشري إلا بواسطة تربية تقوم على أركان العدالة الثلاثة، وهي العدالة اللغوية، والعدالة المعرفية، والعدالة الرقمية. وقالت الوثيقة "اإن أول ظلم يتعرض له الطفل هو الإجحاف اللغوي،لأن مقدمة كل تربية هي التمكن من اللغة باعتبارها شرطا مسبقا لاكتساب المعارف، وتضيف "إن كل فجوة لغوية بين الذين يتوفرون على الرصيد اللغوي الضروري للتواصل واكتساب المعارف، والذين يفتقرون إلى ذلك الرصيد، تزيد من حدة الفوارق في الحصول على تربية ذات جودة"، معتبرة أن التمكن من اللغة الفرنسية أصبح عاملا مهما من عوامل التميز بين الشباب في ولوج سوق الشغل والترقي الاجتماعي. ودعت الوثيقة إلى عدالة لغوية بين كل تلاميذ المغرب، عدالة تخصص للعربية والأمازيغية المكانة اللائقة مع التمكن من الفرنسية والانجليزية.
العدالة المعرفية والحق في الثقافة
اعتبرت الوثيقة أن التربية الضعيفة والرديئة تنتهك حقوق الأطفال في الثقافة، مضيفة أن انعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية بين التلاميذ، وبين الأوساط المحيطة بالمدارس والتراتبية القائمة بين المدرسة الخصوصية والمدرسة العمومية تؤثر في إمكانات حصول الأطفال على الثقافة تبعا لأصلهم الاجتماعي وللرأسمال الثقافي لأسرهم.
وترى الوثيقة أن العدالة المعرفية تمر عبر تربية جيدة للجميع، تربية تشمل الروح النقدية وقيم المسؤولية والديمقراطية، والمواطنة من خلال الحصول على ثقافة قوامها تعلم الابتكار والفنون والموسيقي، التي يجب أن تدرج في المقررات الدراسية، مع تزويد مكتبات المدارس بالكتب اللازمة وتشجيع التلاميذ على القراءة.
العدالة الرقمية
تقف الوثيقة عند عدم توفر البنيات التكنولوجية بالمدرسة المغربية، واتساع الهوة بين العالم الحضري والعالم القروي الذي لازالت كثير من مدارسه غير مزودة بالكهرباء، مشيرة إلى أن جيلا من الشباب القروي ولد في زمن العصر الرقمي، لكنه لا يستفيد من الانترنت، داعية إلى تمكين الجميع من ولوج الأنترنت، وتطوير المحتويات البيداغوجية على غرار البلدان الأسيوية التي اتخذت من الرقميات وسيلة لتحقيق الجودة والانصاف التربويين.
يذكر أن الوثيقة التي صاغتها كل من رحمة بورقية وربيعة الناصري، ونادية البرنوصي جاءت تحت عنوان " مدرسة للعدالة الاجتماعية مساهمة في التفكير حول النموذج التنموي"، واعتبرت أن أزمة التعليم في المغرب هي أزمة بنيوية وأخلاقية، لأنها تهدد مستقبل الأجيال الناشئة ومصير البلاد، وتشكل تحديا للأمة".
وترى الوثيقة أن النموذج التربوي يجب أن يعطي نفس الفرص لجميع المتعلمين، وعدم إهمال أي شخص، في إطار طموح الأمة إلى تربية ذات جودة للجميع، وهو ما يستدعي قبل كل شيء تقليص الفوارق في التربية والتعليم، بضمان تعليم جيد وحافل بالفرص للجميع، داعية إلى القيام بعمليتين مترابطين لانجاز هذا الطموح هما محاربة الفوارق، وضمان تنكية اقتصادية مستدامة.