استنكرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بـ"قوة الحملات المغرضة من الخارج ومن الداخل والتي تهدف إلى المس برموز المملكة ومؤسساتها وهويتها وثوابتها وتاريخها، وتدعو عموم المواطنين والمواطنات إلى الانتباه إلى مراميها الخطيرة والخبيثة ومواجهتها بالالتفاف وراء جلالة الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، باعتباره وحده، بعد الله سبحانه وتعالى، بما يجمع بينه وبين المواطنين من روابط البيعة الشرعية ومقتضيات الدستور، هو رمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، واستقلال البلاد وحوزة المملكة، وصيانة الحقوق والحريات وترسيخ الاختيار الديمقراطي".
ونوه الحزب في بلاغ له، عقب اجتماع امانته العامة يوم السبت الماضي، بـ"قرار محكمة الاستئناف بلندن الصادر يوم 25 ماي 2023، المؤيد للقرار السابق للمحكمة الإدارية، والذي رفض بشكل نهائي الاستئناف الذي سعت من خلاله جهات داعمة للانفصاليين إلى إبطال اتفاقية الشراكة بين المغرب وبريطانيا بدعوى شمول مجال تطبيقها للأقاليم المغربية الصحراوية المسترجعة، وهو قرار جديد في مسلسل الإخفاقات المتتالية لهذه الجهات المعادية لوحدتنا الترابية ولعدالة قضيتنا الوطنية الأولى".
وأوردت أنه "في إطار الموقف المبدئي للحزب الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، تثمن الأمانة العامة رفض المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب للعضوية فيما سمي "لجنة الصداقة البرلمانية المغربية - "الإسرائيلية""، وموقفها من كونها غير معنية قطعيا بهذه اللجنة، وترفض رفضا قاطعا الزيارة المبرمجة لرئيس الكينيست بالكيان الصهيوني للبرلمان المغربي، كما تستهجن وترفض وقاحة ممثل الكيان الصهيوني بتوجيه الدعوة للمجموعة النيابية للحضور فيما سماه "الاحتفال بذكرى قيام هذا الكيان المحتل"، والتي لا تمثل إلا ذكرى النكبة والاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني الشقيق والمتواصل إلى اليوم".
وجدد الحزب تنبيهه لـ"خطورة حالة الارتباك التي تعيشها الحكومة وعجزها على مواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها فئات كبيرة من المجتمع ولاسيما الفقيرة والهشة منها، الارتباك والعجز اللذان لم يعودا يخفيان على الرأي العام الذي يكتوي منذ مدة طويلة بنار غلاء الأسعار، وهو ما كشفه أيضا الحزب السياسي الثاني في الحكومة في بيان يدعو فيه رئيس الحكومة إلى "الحرص على تكثيف التواصل الداخلي الناجع بين القطاعات الحكومية، والحوار الفعال مع وزراء هذا الحزب"، وينبهه إلى "أهمية تعميق التواصل الخارجي ما بين الحكومة والمواطنين، والتواصل المكثف لكافة أعضاء الحكومة..."، وهو بيان يكشف حقيقة الانسجام الذي تدعيه الأغلبية وحالة التخبط داخل الحكومة، وهو ما سبق ونبهت إليه الأمانة العامة للحزب في مختلف بلاغاتها والمجموعة النيابية، كما يذكر برسائل وتنبيهات أحزاب المعارضة في البرلمان والتي قابلها للأسف رئيس الحكومة وحزبه بالمكابرة والتشنج والتهجم والتهرب من المسؤولية".
واستغرب الحزب "التخبط الكبير الذي يطبع تنزيل الحكومة للهندسة اللغوية بالمنظومة التعليمية، وسعيها لفرض هندسة لغوية خارج الإطار الدستوري والقانوني، وهو ما يتجلى من جهة في إحالتها لمشروع المرسوم المحدد للهندسة اللغوية على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وفرضها من جهة أخرى للأمر الواقع الذي يكرس هيمنة اللغة الفرنسية كلغة للتدريس، واعتماد مذكرة لتعميم تدريس اللغة الإنجليزية في السلك الإعدادي في خطوة محدودة ودون المطلوب لا من حيث الموارد البشرية المؤهلة ولا من حيث حجم الزمن المخصص، وتدعوها في هذا الإطار إلى تبني هندسة لغوية منسجمة مع أحكام الدستور باعتماد اللغة العربية كلغة للتدريس، بما يعالج الاختلالات والصعوبات الكبيرة التي يعاني منها المتعلمون والتي برزت بشكل واضح في الترتيب المتدني لمنظومتنا التعليمية، بالإضافة إلى الانفتاح على اللغات الأجنبية وبالأساس اللغة الإنجليزية".
وأشار إلى "الإشكاليات الدستورية والديمقراطية التي يطرحها نزوع الحكومة إلى الحلول السهلة في توفير التمويل لمجموعة من البرامج والمشاريع المتوقعة وغير الطارئة من خلال لجوئها المتكرر لتصحيح أخطائها في التقدير والتوقع وضعفها في البرمجة المالية إلى مراسيم لفتح اعتمادات إضافية وتهربها من اعتماد الطريق الصحيح دستوريا وسياسيا وقانونيا من خلال قوانين المالية المعدلة، وذلك بالرغم من صوابية وسهولة هذا الطريق ومن توفرها على أغلبية عددية كبيرة بالبرلمان".
وأكد البيان أن "المرسوم الأخير الذي اعتمدته الحكومة يوضح بما لا يدع مجالا للشك هذا الارتباك ويؤكد ضعف التوقع والبرمجة، وذلك لكون الحكومة وهي تفتح اعتمادات إضافية بمبلغ 4 مليار درهم لفائدة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، و3.3 مليار درهم لمعالجة آثار التضخم دون توضيح كيفيات صرف وتخصيص هذا الدعم، فهي إنما تعالج خطأها في التقدير واعتمادها، رغم تنبيهات المعارضة، لنسبة تضخم غير واقعية لا تتجاوز 2%، وهي كذلك وهي تفتح اعتمادات إضافية بمبلغ 1.5 مليار درهم لتغطية النفقات الإضافية التي يتطلبها تنزيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027؛ بعد التوجيهات الملكية خلال جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك يوم الثلاثاء 9 ماي 2023 لمتابعة البرنامج الوطني لإمداد مياه الشرب والري، و1.2 مليار درهم لدعم قطاع السياحة، إنما تستدرك وتصحح ضعفها في التوقع وسهوها عن برمجة الاعتمادات المالية اللازمة في قانون المالية السنوي لفائدة برامج ومشاريع قطاعية أكدت الحكومة غير ما مرة أنها ذات أولوية لها، بل وتصرح بأنها وقفت بخصوصها على تأخر الحكومات السابقة وتعطيلها لمجموعة من المشاريع ولاسيما فيما يتعلق بقطاع الماء، وأنها قامت بما يلزم لتسريع هذه المشاريع ولتدارك هذا التأخر، وهو ما يكذبه عدم برمجتها للاعتمادات المالية لهذه المشاريع في قانون المالية، واضطرارها لتدارك ذلك بفتح الاعتمادات المالية بمرسوم".
وثمن البيان "البرنامج الاستعجالي لدعم الفلاحين، الذي تم اعتماده تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، بغلاف مالي يقدر بـ 10 ملايير درهم، لدعم الأعلاف المخصصة للمواشي والدواجن؛ ودعم المواد الأولية الفلاحية، وتعزيز قدرات تمويل القرض الفلاحي للمغرب من أجل الرفع من تدخله في مواكبة الفلاحين؛ إضافة إلى تخصيص اعتمادات مالية لاستيراد القمح اللين، لضمان التزويد العادي للسوق، وتدعو الحكومة إلى الحرص على بلوغ الدعم لمستحقيه بما يحقق أهدافه ومراميه الاجتماعية".
وأبرزت أن "الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة لتسهيل استيراد الأبقار وأضاحي العيد بهدف توفيرها وخفض أسعارها، من خلال وقف استيفاء رسوم الاستيراد، و"الإعفاء" دون سند قانوني، من الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، بالإضافة إلى صرف دعم مالي لمستوردي الأغنام مقداره 500 درهم عن كل رأس مستورد، يطرح إشكاليات كبيرة حول طبيعة وآثار هذا الدعم على الإنتاج الوطني من المواشي، بالإضافة إلى إشكاليات دستورية وقانونية:
- فمن جهة، وعوض تركيزها على دعم المستهلك ودعم الكسابة ومربي المواشي لتشجيع الإنتاج الوطني، فضلت الحكومة مرة أخرى دعم وتسهيل الاستيراد، وهو ما ينذر إذا ما واصلت الحكومة هذه السياسة بفقدان المغرب للإنتاج الوطني من الأبقار والأغنام وتعويضه بالاستيراد الميسر بالإعفاءات وبالدعم المالي، وهو نفس الطريق الخطير الذي أدى للأسف إلى تراجع الإنتاج الوطني من الحبوب والاعتماد على الخارج وتهديد أمننا الغذائي.
- ومن جهة أخرى، وإذا كان وقف استيفاء رسوم الاستيراد يجد له سندا قانونيا في الدستور وفي مدونة الجمارك وفي قانون المالية السنوي، فإن "الإعفاء" الذي منحته الحكومة من الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، لا يتوفر على أي أساس دستوري أو قانوني ويدخل ضمن الإعفاءات التي لا يسمح قانون المالية للحكومة بمنحها، وبالتالي فإن القرار الوزاري بتحمل الميزانية العامة لهذه الضريبة يعتبر منح إعفاء دون إذن تشريعي وهو ما يخالف مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي لقانون المالية وقانون المالية السنوي، وكان على الحكومة أن تلجأ إلى قانون المالية المعدل لإقرار هذا الإعفاء باعتباره أمرا تشريعيا خالصا ولا يجوز نهائيا من خلال قرار وزاري.
واستغرب البيان من "عودة أعضاء رئيس الحكومة وبعض من أعضائها بطريقة متكررة وغير مسبوقة ومن خلال مقارنات خاطئة وغير مسؤولة مع الحكومات السابقة، والتي كان آخرها ما ورد في جواب الوزير المنتدب في الميزانية بمجلس المستشارين بكون ما سيكلفه الحوار الاجتماعي في متمه سنة 2024 سيبلغ 14 مليار درهم، "وأنه يفوق المبلغ الذي خصص لثلاثة حوارات اجتماعية على الأقل في ثلاث ولايات حكومية سابقة"، ودعوتها للحكومة إلى توخي الدقة والموضوعية والصدقية في الأرقام والأحكام".
وذكر المصدر ذاته، أن "حكومة العدالة والتنمية في الولاية الأولى، ووفاء منها باتفاق 26 أبريل 2011، أدت ابتداء من 2012 مبلغا سنويا يبلغ مجموعه 16,2 مليار درهم، منها 13,2 مليار درهم سنويا برسم الزيادة العامة في أجور الموظفين والمستخدمين، و3 مليار درهم سنويا برسم رفع الحصيص السنوي للترقي إلى %33 وتحديد سقف الانتظار في أربع سنوات للترقية بالاختيار، وذلك بالرغم من عجز الميزانية الكبير الذي ورثته الحكومة آنذاك والذي بلغ نسبة 7,6% من الناتج الداخلي الخام سنة 2012، وأن حكومة العدالة والتنمية في الولاية الثانية خصصت للقطاع العام، ابتداء من 2019 مبلغا سنويا يبلغ 8 مليار درهم لتحسين الدخل بالزيادة العامة في أجور الموظفين والمستخدمين في إطار اتفاق 25 أبريل 2019".
ونبهت الأمانة العامة إلى أنه "في الوقت الذي مازال الرأي العام ينتظر تنفيذ الوعد العلني بنشر نتائج التحقيق وتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات الإدارية والقانونية والقضائية في قضية تدبير ملف تذاكر مباريات المنتخب الوطني بمونديال قطر، يلاحظ تنامي ظاهرة اختلاط السياسة والحزبية بالرياضة، وتحذر من خطورة هذا الخلط غير السوي على المكتسبات التي حققتها بالدرجة الأولى كرة القدم ببلادنا وكذا باقي الرياضات، وتدعو إلى القطع مع هذه الممارسات وتكريس الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد والريع وعدم استغلال الرياضة في أغراض وأجندات حزبية لا تفيد لا الرياضة ولا السياسة.
وأشارت الأمانة العامة إلى "حجم التسيب الذي يطبع عملية التعيين في المناصب العليا على مستوى المجلس الحكومي وحملة التعيينات المتتالية التي تتم كل أسبوع وبالجملة وضدا على مبادئ المشروعية والشفافية والكفاءة والجدارة، ويستغرب سكوت الصحافة والإعلام على هذه التعيينات في الوقت الذي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها بدون وجه حق حول التعيينات في الولايات السابقة، بالرغم من كونها كانت تتم وفق معايير الشفافية والكفاءة والاستحقاق".
وسجلت "الأمانة العامة أهمية ملف محاربة الفساد وبضرورة إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتؤكد على الأدوار الهامة التي ينبغي أن يضطلع بها المجلس الأعلى للحسابات للمساهمة في تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، إلا أنها تستغرب كون المجلس أصبح يركز ويهتم فقط ويختزل هذا الملف الحيوي في علاقته بالأحزاب السياسية وبالمنتخبين، دون غيرهم من المسؤولين المعينين على مستوى السلطات المركزية والترابية ومختلف الإدارات والمؤسسات والأجهزة العمومية".
وحذرت من "كون هذه المنهجية الانتقائية، وبالإضافة لكونها تغفل مخاطر كبيرة في مجال التدبير العمومي والأموال العمومية لكون الميزانيات والاختصاصات المخولة للأحزاب السياسية والمنتخبين تبقى ضعيفة جدا بالنظر للميزانيات الضخمة والاختصاصات الكبيرة المخصصة للمسؤولين المعينين مركزيا وترابيا، فإنها تعطي الانطباع بأن الفساد مرتبط فقط بالأحزاب السياسية وبالمنتخبين، وأن باقي المسؤولين يتمتعون بحصانة، وهي منهجية وبقدر ما تكثر مخاطر الفساد وهدر الأموال العمومية، فإنها تساهم في تبخيس العمل السياسي والحزبي وصرف المواطنين عن الانخراط في تدبير الشأن العام".