بدأ وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، جس النبض لخوض الانتخابات الرئاسية، في العام 2027 لخلافة إيمانويل ماكرون، بتحذيره من أن زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبن، قادرة على بلوغ الإليزيه، في حال واجهت خصما غير مناسب.
وحين يعود السياسيون الفرنسيون من إجازتهم الصيفية، في وقت لاحق من غشت، يتوقع أن تهيمن على النقاشات، المناورات التمهيدية للانتخابات التي ستطوي معها عهد ماكرون، الذي بدأ في العام 2017.
وهزم الرئيس الوسطي مارين لوبن، في الدورة الثانية لانتخابات 2017 و2027. ونظرا لأن الدستور يمنعه من الترشح لولاية ثالثة متتالية، بدأ السؤال يطرح في باريس عن المرشح المثالي لمواجهة اليمين المتطرف في الانتخابات المقبلة، وخصوصا أن أداء لوبن كان تصاعديا في دورتي الاقتراع الماضيتين.
وعلى رغم أنه لم يتجاوز الأربعين، بنى دارمانان حيثية وازنة في فرنسا، معولا على مواقف مثيرة للجدل وحيوية لا تعرف الكلل، في أسلوب يذكر بمرشده السياسي، نيكولا ساركوزي، اليميني الذي حكم الإليزيه، بين عامي 2007 و2012، بعدما شغل منصب وزير الداخلية.
والأحد، أعطى دارمانان الإشارة الأوضح حتى الآن إلى أنه قد يكون جزءا من معادلة الانتخابات الرئاسية، في العام 2027.
وقال في تصريحات لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية: "لم يعد النظر إلى ما جرى في 2017 و2022 يثير اهتمامي. ما يقلقني الآن هو ما سيحصل في 2027"، محذرا من "وضع مستقبلنا" بين يدي التكنوقراط، و"استخدام مفردات لا يفهمها الفرنسيون على الدوام".
وأضاف: "علينا التحدث من القلب إلى القلب لا عبر الإحصاءات"، محذرا من أنه بحال تقدم مرشح غير مناسب، "سيتم انتخاب مارين لوبن" رئيسة للجمهورية.
وكان دارمانان المحسوب على يمين التكتل الحاكم بزعامة ماكرون، في واجهة الأزمات والتحديات الرئيسية التي واجهتها فرنسا منذ تعيينه وزيرا للداخلية، في العام 2020.
وتحدى مرارا لندن على خلفية سياستها للهجرة، ووضع جانبا الانتقادات التي وجهت إليه على خلفية الفوضى، خلال نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم 2022، في باريس.
ودافع الوزير الذي بات يلقب بـ"الشرطي الأول" في فرنسا، بلا هوادة، عن الشرطة، في مواجهة اتهامها بالعنصرية الممنهجة والعنف، خصوصا في مطلع صيف 2023، مع اندلاع احتجاجات واسعة النطاق وأعمال شغب، على خلفية مقتل شاب برصاص شرطي، خلال تدقيق مروري.
ويتوقع أن يعرض دارمانان رؤيته خلال تجمع يقيمه، في 27 غشت، في معقله السياسي توركوان، بشمال شرق فرنسا.
وقال بشأن هذا اللقاء: "بعد ستة أعوام في الحكومة، يسعدني تلبية نداء أصدقائي الذين يحضونني على توضيح البوصلة الشعبية التي أقترحها".
وعلى رغم تبقي ثلاثة أعوام ونصف عام على الانتخابات الرئاسية، يكتسب هذا الموعد من الآن أهمية كبيرة، ويتوقع أن يدفع الى إطلاق مناورات سياسية، بشكل مبكر؛ لأن العديد من المحللين يرون في اقتراع 2027 الفرصة الأمثل لليمين المتطرف للفوز بالسلطة.
وإضافة إلى دارمانان، لا يخفي وزير الاقتصاد، برونو لومير، أقدم أعضاء حكومة ماكرون، طموحه لخلافاته. كما يتوقع أن يدرس رئيس حكومته السابق، إدوار فيليب، خيار الترشح.
ولم يعط ماكرون أي تلميح علني إلى المرشح الذي يفضله، لكنه شدد، في يوليوز، على ضرورة "استكمال ما قمنا به"، مقرا بأن فيليب هو من القادرين على تولي المهمة من بعده.
وولد دارمانان لأب كان يملك حانة وأم عملت في مجال التنظيف في المصرف المركزي الفرنسي.
وفي عام 2020، أصبح أصغر وزير للداخلية في فرنسا، وتولى المنصب الذي ساهم في تعزيز حظوظ ساركوزي لدخول الإليزيه.
وشاب الصعود السريع لنجمه شكوى ضده، في عام 2017، من امرأة اتهمته باغتصابها، في عام 2009؛ وهي التهمة التي نفاها دارمانان، وأسقطت محكمة في باريس القضية، في عام 2022، لكن الشاكية استأنفت هذا القرار.
ويعتمد دارمانان أسلوبا واضحا وسلسا عزز أداءه أمام الإعلام، على رغم أن أسلوبه في إسكات منتقديه أحيانا يثير الامتعاض، حتى في أوساط حلفائه.
ولا تزال تربطه بساركوزي علاقة وثيقة؛ حيث أكد مصدر مقرب منه أن وزير الداخلية زار الرئيس السابق وزوجته، كارلا بروني، في مقر إجازتهما الصيفية المطل على البحر المتوسط، في يوليوز الماضي.