قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، اليوم الأربعاء، بالرباط، في كلمة ألقاها بمناسبة ورشة عمل حول موضوع: "آليات التكفل بالأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية، في ضوء العمل القضائي الوطني ومبادئ اتفاقية لانزاروت"، تم تنظيمها بشراكة مع مجلس أوروبا، وبحضور كريستيل دكريم، رئيسة لجنة "اتفاقية لانزاروت"، إن "حرص المغرب على تكريس حقوق الأطفال وحمايتها، كيفما كانت وضعيتهم، يتأكد من خلال مصادقته على العديد من الاتفاقيات والصكوك الدولية، سواء تلك التي تعنى، بشكل مباشر، بحقوق الأطفال، وعلى رأسها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وكذا البروتوكولين الإضافيين المحلقين بها، أو غيرها من الاتفاقيات التي لها صلة وثيقة بهذه الحقوق؛ كالاتفاقية الأوروبية لبودابيست، المتعلقة بمكافحة الجرائم الإلكترونية وبروتوكولها الإضافي الأول؛ والتي دعت الدول الأطراف إلى اعتماد ما يلزم من تدابير تشريعية وغيرها لحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي في المواد الإباحية".
وتابع الداكي أنه "من نفس المنطلق، وتكريسا للانخراط الفعال في الدينامية الدولية الرامية إلى التصدي لكل أشكال الاعتداءات على الأطفال، بادرت المملكة المغربية، سنة 2013، إلى التوقيع على اتفاقية مجلس أوروبا بشأن حماية الأطفال من الاستغلال والاعتداء الجنسي، في انتظار استكمال إجراءات المصادقة عليها، باعتبارها لبنة أساسية في بناء الحماية والوقاية لحقوق الطفل".
وأضاف رئيس النيابة العامة أنه "وفاء بهذه الالتزامات الدولية، عمل المشرع المغربي على ملاءمة الترسانة القانونية الوطنية لتتماشى والقيم والمبادئ الكونية المتعارف عليها؛ حيث تضمنت العديد من المقتضيات الزجرية التي رصدت جميع أشكال الاستغلال والاعتداءات ضد الأطفال، بما فيها الاعتداءات الجنسية، بمختلف صورها، وخصتها بعقوبات صارمة ومشددة تعكس إرادة المشرع القوية في التصدي، بكل حزم، لهذا النوع الخطير من الجرائم، الذي يهدد سلامة النشأ، كما سنت تدابير حمائية لمواكبة الأطفال الضحايا ومساعدتهم على تجاوز ما لحقهم من ضرر، وإعادة إدماجهم داخل المجتمع".
كما سجل الداكي أن "رئاسة النيابة العامة بادرت إلى توجيه العديد من الدوريات إلى النيابات العامة، بمختلف محاكم المملكة، تضمنت توجيهات تحثهم فيها على تعزيز الحماية القانونية للأطفال من كل أنواع العنف والاستغلال وإساءة المعاملة، مع الحرص على التطبيق الصارم للقانون في مواجهة مرتكبي هذه الجرائم، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب؛ حيث سجلت مختلف النيابات العامة ما مجموعه 3295 قضية اعتداء جنسي ضد الأطفال، برسم سنة 2022، بما يناهز أكثر من 41 في المائة من مجموع جرائم العنف المرتكبة في حق الأطفال".
وتابع أنها "انخرطت، أيضا، في برامج تعاون دولية تروم تعزيز الآليات الحديثة في مجال البحث والتحري، التي تمكن هيئات إنفاذ القانون من رصد هذه الجرائم وتجميع الأدلة حولها وتقديم مرتكبيها للعدالة، فضلا عن حرصها الدائم على تعزيز قدرات أعضائها المكلفين بقضايا الطفولة وتجويد أدائهم، عبر التكوين المستمر والتكوين التخصصي، من خلال الانفتاح على الخبرات والتجارب المقارنة في المجالات ذات الصلة بحقوق الطفل؛ وهو ما يجسده لقاؤنا اليوم، الذي يسعى إلى تمكين القضاة من الاطلاع على مبادئ "اتفاقية لانزروت"، ومختلف الممارسات الفضلى، على المستوى الدولي، والاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في سياق حماية الأطفال".
كما أعلن الداكي أن "رئاسة النيابة العامة بصدد إعداد دليل للاستماع للأطفال، في تماس مع القانون، بمن فيهم الأطفال ضحايا الاعتداءات، يوضح التقنيات الضرورية للاستماع للأطفال، حفاظا على مصلحتهم الفضلى، ومراعاة لهشاشة نفسيتهم وتكوينهم، وعدم الإمعان في الإضرار بهم، عبر مواجهتهم بالمعتدين، أو عبر المساطر القضائية الرسمية التي لا تلائم صغر سنهم. كما يضع الدليل إطارا مرشدا لكيفية استثمار آليات التواصل عن بعد، وغيرها من الآليات الرقمية، لتحقيق هذه الغايات".