دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، خلال افتتاح المؤتمر الإنساني حول غزة، في باريس، إلى "العمل من أجل وقف إطلاق النار" بين إسرائيل وحركة "حماس".
وقال ماكرون، في المؤتمر الذي عقد في الإليزيه: "في المدى القريب، علينا أن نعمل على حماية المدنيين. لهذا السبب، هناك حاجة إلى هدنة إنسانية سريعة، ويجب أن نعمل من أجل وقف إطلاق النار".
وتستضيف فرنسا "مؤتمرا إنسانيا" لمحاولة توصيل المساعدات إلى غزة، وهو أمر أصبح شبه مستحيل بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.
وشدد الرئيس الفرنسي على أنه "من الضروري" حماية المدنيين في قطاع غزة، وعلى أنه لا يمكن أن تكون هناك معايير مزدوجة في ما يتعلق بحماية الأرواح البشرية، مضيفا: "هذا أمر غير قابل للتفاوض".
وكرر ماكرون أن لإسرائيل "الحق في الدفاع عن نفسها وواجب حماية مواطنيها"، لكنه لفت، أيضا، إلى أن الحكومة الإسرائيلية لديها "مسؤولية كبيرة (...) تتمثل في احترام القانون وحماية المدنيين. الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تستمر من دون قواعد".
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الوضع الإنساني يتدهور "أكثر، كل يوم"، في غزة، داعيا إلى تنسيق المساعدات وتنظيمها، بطريقة ملموسة، حتى يكون من الممكن نقلها.
كما أعلن ماكرون أن "بلاده ستزيد مساعداتها لقطاع غزة إلى 100 مليون يورو"، مضيفا أن السلطة الفلسطينية هي "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وقضيته"؛ حيث دعاها إلى تحمل "مسؤولية" العمل لمكافحة الإرهاب، إلى جانب المجتمع الدولي.
وأجرى الرئيس الفرنسي، أول أمس الثلاثاء، محادثات هاتفية مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اللذين يعد دورهما رئيسيا في أي محاولة لتحسين ظروف توصيل المساعدات إلى قطاع غزة، حين يعيش 2,4 مليون فلسطيني.
ولن تمثل الدول العربية في المؤتمر، على مستوى رفيع؛ حيث أوفدت السلطة الوطنية الفلسطينية رئيس الوزراء، محمد اشتية، فيما تشارك مصر التي تدير معبر رفح الحدودي الوحيد المؤدي إلى قطاع غزة، ولا تشرف عليه إسرائيل، بوفد وزاري.
وأبلغت الحكومة الإسرائيلية بالمبادرة، لكنها لم تمثل في الإليزيه؛ حيث أكد رئيس هيئة تنسيق الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الدفاع (كوغات)، موشيه تيترو: "نعلم أن هناك الكثير من الصعوبات، ولكن يمكنني القول إنه لا أزمة إنسانية في قطاع غزة".
وستتابع المؤتمر عن كثب، المنظمات الإنسانية التي تستنكر عدم قدرتها على الوصول إلى غزة، واستحالة تقديم المساعدات، طالما أن القصف مستمر على القطاع.
ودعت 13 منظمة غير حكومية، يوم أمس الأربعاء، إلى "وقف فوري لإطلاق النار"، مطالبة "بضمان دخول مساعدات إلى غزة واحترام القانون الإنساني الدولي".
وتقدر الأمم المتحدة أن سكان القطاع والضفة الغربية المحتلة يحتاجون إلى مساعدة بحوالى 1,2 مليار دولار، حتى نهاية العام 2023.
ويهدف مؤتمر باريس إلى التوصل إلى تقييم مشترك للوضع، و"تعبئة كل الشركاء والممولين للاستجابة للحاجات"، وفق ما أفاد مستشار لماكرون.
وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن المناقشات ستتضمن شقا حول المساعدات الغذائية والمعدات الطبية والمحروقات، و"هي مسألة معقدة؛ لأن إسرائيل لا تريد أن يدخل الوقود إلى قطاع غزة، وشقا ثانيا يتعلق بتعهدات بتبرعات وطرق "توصيل المساعدات الإنسانية" إلى المنطقة، وهو أمر معقد، أيضا.
وقال مارتن غريفيث، مفو ض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: "نحن في حاجة إلى وقف إطلاق نار إنساني. الأمر يتعلق بإسكات الأسلحة لغرض إنساني".
من جهته، استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مجددا، يوم أمس الأربعاء، أي وقف لإطلاق النار من دون إطلاق سراح الرهائن، مؤكدا إرادته "تبديد كل أنواع الشائعات الباطلة".
وأكد مصدر مقرب من حركة "حماس" في غزة لوكالة "فرانس برس" وجود مفاوضات حول "وقف إنساني لثلاثة أيام"، مقابل إطلاق سراح 12 رهينة، "نصفهم أمريكيون".
بدورها، استنكرت مصر، خلال المؤتمر، "الصمت الدولي عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي ترتكبها إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية؛ حيث قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري: "ما تفعله الحكومة الإسرائيلية يتجاوز الحق في الدفاع عن النفس"، منددا بـ"اهتزاز" في "الضمير العالمي".
من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية: "معاناة الفلسطينيين مستمرة منذ 75 عاما. الوقت ثمين. ستة أطفال يقتلون في الساعة" في غزة، مطالبا بـ"وضع حد للمعايير المزدوجة".
وبحسب الإليزيه، لن يصدر عن المؤتمر إعلان ختامي مشترك، لتفادي أي "نقاش لا ينتهي حول كلمة أو أخرى".