دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إلى توفير التمويل العام على المستوى الدولي للطاقة الذرية، قائلا في مقابلة مع "فرانس برس"، إنه سيكون من الخطأ التخلي عنها بسبب مشكلات واجهتها بعض المنشآت النووية.
وفي الواقع، وجهت أكثر من 20 دولة السبت خلال مؤتمر المناخ الثامن والعشرين (كوب28) المنعقد في دبي نداء لزيادة مصادر الطاقة النووية في العالم ثلاثة أضعاف بحلول 2050 مقارنة بالعام 2020، ما يظهر عودة الاهتمام بالطاقة الذرية التي تسمح بتوليد كهرباء خالية من الكربون تقريبا، لكنها تعيد إلى الأذهان كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011.
ومن ثم حظيت الطاقة النووية بحضور قوي في الاجتماع السنوي الرئيسي حول المناخ تحت رعاية الأمم المتحدة. ولكن كيف يمكن ضمان تمويل هذه المشروعات الضخمة التي لا تخلو من مخاطر، خاصة في الوقت الذي تنخفض فيه تكاليف إنتاج الطاقة المتجددة.
يقر غروسي بذلك قائلا إن "هناك جهدا يتعين علينا أن نبذله"، مستشهدا بالاحتياجات التمويلية للبلدان النامية التي ترغب في الاستمرار في قطاع الذرة مثل البرازيل والأرجنتين وجنوب إفريقيا، أو البلدان المهتمة به، من المغرب إلى السنغال ومن كينيا إلى الفيليبين.
ويقول: "هناك ترتيبات قانونية، في بعض الأحيان في بعض مؤسسات الائتمان الدولية، يتم استبعاد الطاقة النووية. أعتقد أن هذا الأمر عفا عليه الزمن تماما. وهو لا يتوافق مع أي معايير علمية أو تكنولوجية. بل أعتقد أنه ينتمي إلى الماضي".
ويضيف: "في الواقع، لم يمو ل البنك الدولي، على سبيل المثال، أي مشروع نووي منذ عام 1959. لذلك أعتقد وآمل أن تشهد الأمور تطور ا" لجهة التمويل العام".
ولكن تبقى القدرة على بناء المفاعلات، في حين أن بعض المشاريع تتأخر أحيانا لأكثر من عشر سنوات بسبب مشكلات صناعية. مثل هذا التأخير يعني أنها قد تجهز بعد فوات الأوان ولن تمثل استجابة للتحديات المناخية، كما يقول بعض المدافعين عن البيئة.
لكن غروسي يقول إن مثل هذه المشكلات لا ينبغي أن تجعلنا نستبعد الطاقة النووية بالمجمل.
المشكلة هي الحرب
ويتاع غروسي: "أنظر، نحن نتحدث الآن في الإمارات. ماذا حدث هنا؟ لم تكن هناك أي طاقة نووية قبل عقد من الزمن، واليوم هناك أربعة مفاعلات تنتج ربع الكهرباء المستهلكة في البلد".
ويضيف إنه سيكون من "الخطأ" التذرع ببعض المشكلات التي حدثت في بعض المنشآت للقول بأن علينا التخلي عن الذرة.
يراهن القطاع كثيرا على المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMR) التي تنتج قدر ا أقل من الطاقة ولكن بناءها أسهل، لضمان تطوير القدرات الإنتاجية في بلدان جديدة.
ولكن هل تمتلك بعض البلدان الأقل نموا الوسائل اللازمة لحماية هذه المنشآت من حيث ضمان السلامة ومنع الانتشار النووي؟
يجيب رافايل غروسي، مشيرا إلى علم وكالته الذي طبعت عليه ذرات على خلفية اللون الأزرق للأمم المتحدة، في مكتب أبيض في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، "إنه سؤال مشروع، ولكن لهذا وجدنا".
ويوضح أن "الدولة التي ترغب في تطوير برنامج نووي يجب عليها. أن تمر بعملية كاملة، وأن تتوصل إلى اتفاق ضمانات شاملة مع الوكالة. وهذا يعني من حيث المبدأ أن مخاطر الانتشار لا ينبغي أن تكون موجودة".
وتعد الإمارات مثالا على ذلك إذ تعين عليها أن تتبع برنامجا من 19 خطوة لتنظيم برنامجها النووي المدني. وينطوي هذا التطور، على سبيل المثال، على إنشاء هيئة إشرافية مستقلة في البلاد.
أما بشأن التوترات المحيطة بمحطات الطاقة الأوكرانية، منذ الغزو الروسي، وإمكانية اعتبارها ذريعة لرفض الطاقة النووية، يجيب غروسي من دون تردد "المشكلة هي الحرب، وليست الطاقة النووية".
لكنه لا يخفي قلقه مع اقتراب فصل الشتاء بقوله "الأرض ستتصلب والمدرعات يمكنها أن تتحرك والنهر يتجمد، لذلك نرى الكثير من المعدات (العسكرية) على الجانبين. نعم، من الواضح أن هذا يقلقنا".