نصب الدوري الليبي لكرة القدم، نفسه ضمن الوجهات الكروية التي أصبحت تستقطب وبشكل متزايد لاعبين من البطولة الوطنية بقسميها الأول والثاني.
فبعد أن أوقفت الحرب في ليبيا المنافسات الكروية لفترة ليست بالقصيرة، واضطرت الأندية والمنتخبات، إلى طرق أبواب دول مجاورة لاستضافة مبارياتها، ضمَد الدوري الليبي جراحه، وفتح ورش إصلاح كرة القدم وتطويرها، لمُسايرة السرعة التي تسير بها القارة السمراء، من أجل الترويج لكرتها في العالم، عبر عدد من المشاريع.
وحسب الأرقام التي توصل بها موقع "تيلكيل عربي" فإن عدد اللاعبين المغاربة الذين انضموا في الفترة ما بين يونيو 2023 ويناير 2024 إلى أندية ليبيا قارب سقف الـثلاثين إسماً.
إلتزام مادي من طرف أندية ليبيا يُشجع اللاعبين على التجربة الاحترافية
طارق العافية، وكيل اللاعبين والمُدربين، فسر لـ"تيلكيل عربي"، بعض الأسباب التي ساهمت في تشجيع اللاعبين المغاربة لخوض تجربة جديدة بعيداً عن أجواء "البطولة برو"، بعد أن ساهم في إبرام عدد من عقودهم مع أندية ليبية.
وربط المتحدث ذاته، هذا الاختيار، بالأزمة التي تعيشها أندية البطولة المغربية ماديا، وفشلها في تأهيل اللاعبين بسبب النزاعات، ما دفع أسماء عديدة لاستكشاف الدوري الليبي.
وأوضح طارق العافية، بأن الدوري الليبي يضم محترفين من تونس والجزائر ومصر بتمثيلية مهمة، لكن حالياً أصبح الحضور المغربي للأسماء الكروية بدورها مهماً.
وتابع قائلا:" كل الفرق تعاني ماديا ما عد 5 أو ستة أندية، لديها الحق في الانتدابات، ليبقى فائض كبير من اللاعبين بجودة عالية بدون أندية، فلهذا اشتغلت على الدوري الليبي وتواصلت مع المسؤولين للترويج لعدد من البروفايلات والتي أقنعت كرويا، وسنة بعد أخرى الطلب على المحترف المغربي أصبح في ارتفاع".
أما عن الشق المادي، قال طارق العافية بأن العقود التي تقترحها الأندية الليبية على اللاعبين، تقارب ما يمكنهم تقاضيه بالبطولة الاحترافية، كما أن هاته الأندية تقدم مباشرة للاعب نصف منحة التوقيع مباشرة بعد توقيعه على وثائق انضمامه، وهو أمر مشجع.
وشدد وكيل أعمال اللاعبين والمدربين، بأنه ينصح لاعبيه بمواصلة الاشتغال والاجتهاد، لأن تحسين عقودهم مرتبط بالمردودية، معلقا:" الحمد لله جميع اللاعبين المغاربة، الذين وقعوا بالسنتين الأخيرتين في ليبيا جددوا عقودهم مع أنديتهم بامتيازات أفضل، وتمكنوا من فرض مكانتهم مع باقي المحترفين الأجانب".
كما كشف طارق العافية، بأنه يشتغل على خروج قرابة 10 لاعبين صوب أندية ليبيا، خلال الميركاتو الصيفي المُقبل.
ويرى المتحدث ذاته، بأن الأندية المغربية مطالبة بمراجعة أوراقها، وخلق توازن مالي من أجل الإبقاء على لاعبيها، ودخول فترات الانتقالات، بعد أن أصبحت ملفات النزاعات في ارتفاع كبير موسماً تلو الآخر.
وسلط المتحدث ذاته، الضوء على وضعية اللاعب المغربي، والتزاماته الأسرية، قائلا:" إضافة للجانب الكروي، بالتأكيد الجانب المادي مهم جداً، وما أصبحت تقترحه الأندية الليبية في هذا الصدد مشجع، كما أن الكرة الليبية في تطور كبير".
ونوه العافية، بالترويج الإعلامي الليبي للدوري، مشيرا إلى أن القنوات الليبية تنقل تفاصيل المباريات، بالإضافة للدور الذي أصبحت تلعبه الخلايا الإعلامية للأندية على مستوى منصات التواصل الإجتماعي.
اللاعب المغربي لديه مقومات الانسجام السريع بالدوري
هشام حقية، الصحفي والناقد الرياضي الليبي، ربط عودة المحترفين المغاربة إلى الدوري الليبي بعدة جوانب قائلاً:"بالنسبة لعودة اللاعبين المغاربة ليبيا فقد أكبر مما كان عليه في السابق، وأرى أن السبب مرتبط بعدة جوانب منها مادية ومنها فنية".
وتابع الصحفي الرياضي في تصريح لـ"تيلكيل عربي":" ففي الجانب المادي الاندية الليبية أصبحت تدفع ما يطلبه المحترف المغربي وما ساعد على ذلك هو اعتبار اللاعب المغربي لاعباً محليا بعد قرار اتحاد شمال أفريقيا لكرة القدم وتطبيقه في ليبيا، إضافة إلى ذلك فإن المحترف المغربي تكتيكيا ومهاريا له مقومات النجاح في أي دوري خارج بلده، وقدرة على الانسجام سريعة، لهذا بدأت الأندية الليبية تلجأ للاعبين المغاربة لتأقلمهم السريع في الدوري والمجتمع الليبي".
وشدد حقية، على أن التمثيلية المهة للاعبين الأجانب من باقي الجنسيات، لعب دورا أيضا في تشجيع اللاعب المغربي على خوض تجربة جديدة خارج بلده، إضافة إلى النتائج الجيدة للفرق الليبية في البطولات الافريقية وفي المواجهات المباشرة مع الأندية الافريقية.
وأضاف:" كل هاته التفاصيل أعطت انطباعاً للاعبين من المغرب، علي أن الدوري الليبي دوري قوي وبه استفادة فنية بالاضافة للاستفادة المالية، دون إغفال تسويق الدوري الليبي من قبل وكلاء اللاعبين بشكل مميز، وهو ما ساعد علي إقناع عديد اللاعبين المغاربة على الالتحاق به خلال السنوات الأخيرة".
الصحفي الليبي وفي حديثه، نوه بالتطور الكبير الذي يعرفه الدوري خصوصا خلال الموسم الكروي الجاري، الذي يعتبره امتدادا للمواسم السابقة، حيث قدمت الدولة دعما ماليا للأندية للعودة بنفس أقوى:" ليبيا عانت في السنوات الماضية من عدم الاستقرار، مما أثر علي كل المجالات ومنها الرياضي، ولكن رغم ذلك كانت المسابقات الرياضية تلعب باستمرار مما جعل المستوى الفني غير ثابت وغير مستقر ولكن مع مرور الوقت والاستمرارية في اللعب والاستقرار النسبي للدولة ودعم الاندية جعل من الدوري الليبي دوري مستقر من الناحية الفنية فأزدادت المنافسة بين الاندية وزادت قيمة الدورى التسويقية والفنية مما أثر بالإيجاب على المشاركات الخارجية للاندية التي في جني ثمار النتائج الجيدة".
ويتوقع الناقد الرياضي، أن الاستقرار بالأندية الليبية سيُعيدها إلى منصات التتويج خلال السنوات الأربعة المقبلة، على مستوى المسابقات القارية.
الدوري الليبي أنقذ لاعبين مغاربة من كابوس"عدم التأهيل"
قال سيف الدين الكحلاوي، اللاعب السابق في صفوف نادي أولمبيك آسفي، إن الأجواء بالدوري الليبي جيدة، وذلك بعد مرور 4 أشهر على تجربته الجديدة خارج البطولة وتحديدا رفقة نادي البروق الليبي.
وتابع اللاعب في تصريح ل"تيلكيل عربي":الأجواء جيدة عموما بالدوري الليبي، هنالك بالتأكيد فوارق بين البطولة الوطنية والدوري الليبي، فيما يهم الجانب اللوجيستيكي والشق الذي يهم الملاعب، لكن المسابقة تضم لاعبين بجودة كبيرة ولأندية الدوري الممتاز تمثيلية على مستوى مسابقات الكاف".
وبخصوص قرار اختياره تغيير الوجهة صوب ليبيا رغم توفره على عروض محلية، شدد الكحلاوي بأنه كان يبحث عن تجربة تفيده بمشواره الكروي، كما أن مشاورات طويلة كانت مع وكيل أعماله قبل حسم وجهته.
وشدد المتحدث ذاته، بأن نزاعات الأندية المالية مع اللاعبين والمدربين، أصبحت تُعيق تأهيل اللاعبين بالبطولة الاحترافية، مشددا على أن عاش التجربة بعد فشل تأهيله بداية الموسم لعدم توصل الفريق بترخيص لذلك بسبب النزاعات.
وبخصوص قيمة العقود بليبيا ومدى تساويها مع منح التوقيع التي تقترحها الأندية بالبطولة، تابع قائلا:"ماديا أعتقد بأن هنالك تشابها كبير فيما يهم قيمة منح التوقيع مع المغرب والأهم هو أن الدوري الليبي فرصة لخوض تجربة كروية جديدة بالنسبة لي".
كما نوه المتحدث ذاته، باحترافية الأندية الليبية مع اللاعبين، إذ يتم صرف نصف منحة التوقيع مباشرة بعد توقيع العقود، وهي خطوة أصبحت شبه منعدمة في البطولةد بسبب مشاكل اللأندية ونزاعاتها.
وسلط اللاعب الضوء على الوضع الذي يعيشه عدد كبير من لاعبي البطولة الوطنية بقسميها الأول والثاني، الذين وجدوا أنفسهم بدون أندية، بسبب عدم تأهيلهم لمشاكل الفرق ونزاعاتها أمام الغرفة المحلية وأيضا أمام "فيفا".
وأوضح الكحلاوي، ابن مدرسة أولمبيك آسفي، بأن الدوري الليبي انفتح خلال السنتين الآخيرتين بشكل كبير على اللاعبين المغاربة، بعد أن كانت تمثيلية المحترفين من تونس، والجزائر، وموريتانيا كبيرة.
ومن ناحية الأمن واستقرار ليبيا، ختم المتحدث ذاته حديثه، بالتأكيد على أن الوضع السياسي والأمني مستقر، وأندية الدوري الليبي تعطي قيمة كبير للاعبين المغاربة، والجميع أصبح يبحث عن أسماء كروية من المغرب بالميركاتو الشتوي الأخير، الذي عرف انضمام عدد من لاعبي البطولة الاحترافية.
مشروع الاتحاد الليبي لتطوير اللعبة
"تيلكيل عربي" كان له تواصل مع عادل الأوجلي، عضو مجلس إدارة الاتحاد الليبي لكرة القدم، والذي استهل حديثه بالتطور الكبير للكرة المغربية والتكوين السليم الذي تمنحه للاعبيها.
وقال المسؤول الكروي :" توجه الأندية صوب اللاعب المغربي، جاء بعد التطور الكبير الملحوظ بالمنظومة ككل بالمغرب، كما أن المدرسة المغربية تمنح تكوينا سليما، يفوق بكثير لاعبين من دول عربية وأفريقية بل وأوربية كثيرة".
ولم يغفل الأوجلي على الجانب المتعلق بالانسجام السريع والانصهار للاعب المغربي في بيئته الجديدة، مشددا على أنها ميزة مهمة، وذلك بالنظر لتشابه الأجواء والعادة بين الشعبين، ما يسهل عمل الأندية بوصول المحترف المغربي.
وتابع في هذا الصدد قائلاً:" بكلّ تأكيد، اللاعب المغربي لديه حظوظ وفيرة للتأقلم والنجاح في الدوري الليبي الذي يشهد تطوّرًا كبيرًا من جوانب عديدة، منها الأطر الفنية، وجودة اللاعبين، وحضور الجماهير، وتطوير وقرب تجديد عدة ملاعب في ليبيا".
ويحظى المحترف المغربي بتقدير كبير في ليبيا حسب الأوجلي، سواء من طرف المسؤولين أو الجماهير، مشددا بأن العلاقات التاريخية بين البلدين، تجعل من المحترف المغربي مرحباً به، وتأقلمه يكون سريعاً.
وكشف المتحدث ذاته، عن الدور الذي يلعبه اتحاد كرة القدم الليبي لتطوير اللعبة:" نسعى حاليا رفقة رئيس وأعضاء اتحاد الكرة، وبمساندة من الحكومة ومسؤولي الرياضة في ليبيا ، لتطوير كرة القدم، وهذا ما شاهدناه من تطور لمنتخبنا الأول، وللأندية الرياضيّة في المسابقات الأفريقية، وكذلك العمل على تطوير البنية التحتية شرقًا وغربًا وجنوبًا ، واستضافتنا للمحافل الرياضيّة قريبًا بإذن الله، وهذا كلّه لتطوير كرة القدم التي بدأت تظهر معالمها في الوقت القريب".