كشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن "فرعها الجهوي مراكش الجنوب توصل بإشعار من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يخبر فيه بحفظ شكاية سبق للجمعية أن تقدمت بها لها صلة بشبهات فساد، وذلك بسبب عدم إدلائها بوصل الإيداع النهائي، والذي ترفض وزارة الداخلية، لحدود الساعة، تسليمه لها"، واصفا ما يحدث بـ"الخرق السافر للدستور والقانون".
وأضاف الغلوسي، في تدوينة نشرها، مساء يوم أمس الأربعاء، عبر صفحته الرسمية بـ"فيسبوك"، أن "كل الوكلاء العامين للملك السابقين بمراكش وفي مختلف المحاكم يتسلمون شكاية الجمعية، بناء على الوصل المؤقت ولائحة أعضاء المكتب ومحضر الجمع العام، ويصدرون تعليماتهم إلى الشرطة القضائية، قصد الاستماع لممثل الجمعية، كخطوة أولى في مسار البحث القضائي".
واعتبر أن "قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، القاضي بحفظ الشكاية، لعدم إدلاء الجمعية بوصل الإيداع النهائي، هو قرار يترجم، عمليا، ما سبق لوزير العدل أن قاله في حق جمعيات حماية المال العام؛ حيث سبق له أن كرر، في مناسبات متعددة، أن جمعيات حماية المال العام لا يحق لها أن تتقدم بشكايات ضد المنتخبين والمسؤولين!".
وتابع الغلوسي أن "الحفظ الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش للعلة المذكورة، هو قرار مخالف للقانون؛ ذلك أن الجمعية المغربية لحماية المال العام ليست جهة مشتكية، بل هي جهة مبلغة بالفساد، ولم يلحقها أي ضرر خاص"، موضحا أن "الأمر يتعلق بضرر عام لحق بالمجتمع، من خلال أفعال تمس بالثقة العامة والمال العمومي".
وأضاف المحامي: "فعندما نتقدم بطلبات بفتح بحث قضائي بخصوص أفعال يمكن أن تكيف قانونيا كجرائم فساد ورشوة واختلاس وتبديد المال العام، إنما نقوم بذلك انطلاقا من دورنا كمجتمع مدني مخول له دستوريا وقانونيا، وبمقتضى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، المساهمة في مكافحة كل أشكال الفساد والرشوة ونهب المال العام".
وسجل الغلوسي، في نفس التدوينة: "والغريب في قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بحفظ شكايتنا، لعدم إدلائنا بوصل الإيداع النهائي، هو أنه يتغاضى عن البحث في وقائع خطيرة وصلت إلى علمه يمكن أن تشكل جرائم معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي، هو قرار يحصن جناة مفترضين من العقاب، ويجعل الوكيل العام للملك محل مساءلة قانونية؛ لأنه يرفض البحث في وقائع لم يكلف نفسه عناء تقييمها تقييما قانونيا، عن طريق نتائج الأبحاث القضائية؛ وهو ما يمكن أن يشكل إنكارا للعدالة؛ ذلك أن الوكيل العام للملك ملزم قانونا في البحث في الوقائع التي تصل إلى علمه، ولو كانت عن طريق وشاية مجهولة أو مجرد قصاصة إخبارية منشورة على دعامة ورقية أو إلكترونية".
ووصف قرار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بـ"القرار الشارد عن توجهات النيابة العامة في مجال السياسة الجنائية المتعلقة بمكافحة الفساد، والتي تجعل من تخليق الحياة العامة والتفاعل مع المجتمع المدني ركيزتها الأساسية"، مضيفا: "شخصيا، لا أدري ما إذا كان قرار الحفظ الذي اتخذه الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بعلة عدم إدلاء الجمعية بوصل الإيداع النهائي، وتأكيده المتكرر على ضرورة إدلائنا به في جميع شكايتنا، يعد قرارا محليا واجتهاده الخاص، أم أن ذلك يندرج في إطار توجه جديد وطنيا يؤسس لتعامل جديد معنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام؟".
وأكد الغلوسي: "أصدقكم القول أنني ومعي مناضلي الجمعية نشعر بحيرة اتجاه هكذا تعامل مع منظمات مدنية حقوقية تشتغل في إطار واضح، وبأهداف واضحة ومحددة، وبكل موضوعية واستقلالية، وناقشنا كثيرا هذه الوضعية الشاذة، وكنا نعتقد أن حرماننا من وصل الإيداع النهائي للجمعية ومن القاعات العمومية مسألة وقت فقط ومزاج سلطة قد يتغير في أي وقت، لكن يبدو أن بعض المسؤولين لا يريدون لا مجتمعا مدنيا منظما ولا أحزابا ولا نقابات ولا إعلاما مسؤولا، وفي نفس الوقت يشتكون ليل نهار من صفحات التشهير والابتزاز المجهولة الهوية! مؤسف فعلا ما يحدث (كيضر فالخاطر هادشي والله)".
وختم تدوينته بالقول: "للأسف الشديد، هناك من يدفع نحو تعزيز الفراغ في المجتمع وتعميق الفساد والريع في الحياة العامة، وقدرنا في الجمعية المغربية لحماية المال العام هو أن نتسلح بالأمل، وأن نستمر على خطنا في النضال، بكل إصرار، ضد الفساد والرشوة ونهب المال العام، والمطالبة بالقطع مع الإفلات من العقاب، ومحاكمة لصوص المال العام، واسترجاع الأموال المنهوبة، بوعي ومسؤولية".