تتسم الصورة النمطية الشائعة عن علاقة الأدب والفن بالطب بغياب الترابط الوثيق بين هذين المجالين، ففي كثير من الأحيان، ينظر إلى الطب كعلم دقيق بينما يرى الأدب والفن كمجالات إبداعية ذاتية.
هذه الصورة النمطية تتجسد في العديد من التصورات الخاطئة، مثل اعتقاد البعض بأن الأطباء لا يملكون مهارات إبداعية كافية لتقدير الفن والأدب.
كما أن "التعامل" الجاف للأطباء مع المرضى يساهم في نظر البعض في ترسيخ الصورة النمطية السائدة عن علاقة الطب بالفن، وهذه الصورة النمطية تغفل الجانب الإنساني للطب.
ولكن تجارب واقعية تخالف هذه الصورة النمطية، حيث أن هناك خيوطا متشابكة تربط بين هذين المجالين، منها تجربة الطبيبة انتصار حدية.
في هذا الصدد، أبرزت الدكتورة انتصار حدية، طبيبة اختصاصية في الكلى وأستاذة بكلية الطب بوجدة، في تصريح لـ"تيلكيل عربي"، أن "علاقة الإبداع الأدبي بالطب ليست جديدة، بل قديمة".
وأضافت الروائية أن "مجموعة من الأدباء لهم تكوين طبي، ما يفسر هذه العلاقة لأن مهنة الطب نافذة على المجتمع، وعندما نعايش يوميا معاناة الأشخاص والموت والظروف الصعبة، فهي تعد مصدر إلهام للكتابة".
وأشارت رئيسة جمعية دعم القصور الكلوي في الجهة الشرقية إلى أن "الأدب في حد ذاته هو طريقة مختلفة لفهم التجارب الإنسانية".
وتابعت: "هناك مقاربة علمية تنبني على الملاحظة والفرضية والتجربة لاستنباط الخلاصات، وأيضا مقاربة فلسفية تنبني على التحليل والتساؤل، وهناك المقاربة الأدبية التي تتيح مجالا للحرية يمكن للشخص من خلالها الحكي لوصف قضايا يصعب وضعها في خانات أخرى، والتطرق إليها".
ولفتت صاحبة رواية "الغريبة" إلى أن "الجانب الأدبي له مجموعة من المزايا التي تمنحها للكاتب المبدع، سواء كان طبيبا أو مهندسا".
وأوضحت أن "السؤال الذي يطرح نفسه هو من له الشرعية ليكون كاتبا؟ يمكن لأي شخص أن يكون كاتبا إذا أراد ذلك. في نهاية الأمر، القارئ هو من يفرض الكاتب والنقاد يقيمون العمل الأدبي".
ونبهت إلى أن "ممارسة الكتابة تدخل ضمن الحرية ولا يمكن حرمان فئة معينة منها بسبب تخصصهم أو جعلها حكرا على فئة أخرى".
جوابا على سؤال "تيلكيل عربي" حول الصورة النمطية عن الطبيب بأنه لا علاقة له بالفن، ذكرت أن "الصورة النمطية التي ترى الطبيب ليس له علاقة بالفن أراها نابعة من جهل وظيفة الطبيب".
وأوضحت صاحبة رواية "إذا وهبنا الله الحياة" أن "جفاف الطبيب في التعامل اليومي نابع من براغماتية ضرورية في ممارسة مهنة الطب، يراه البعض جفافا ولكنه ممارسة بطريقة عقلانية وعلمية".
للإشارة، عقد بجناح الإيسيسكو، في المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته التاسعة والعشرين بالرباط، ندوة للطبيبة انتصار حدية عن العلاقة بين الطب والإبداع الأدبي، أطرها الدكتور عمر حلي.