محمد زيتوني يكتب: إيران والتساؤلات المشروعة

تيل كيل عربي

لأول مرة في التاريخ البشري، تهدد دولة (دولة) أخرى أو كيان آخر، منذ سنة 1979، أي منذ الإعلان عن ميلاد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتكتفي بالتهديد وبعد خمسة وأربعين سنة، ترسل مائة طائرة مسيرة وعشرات الصواريخ الباليستية، بعد إخبار الداعم الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار، الأردن والعراق، ولا تصيب ولو عصفور.

فهل علينا أن نصدق نية الدولة الفارسية في القضاء على إسرائيل؟ أو على الأقل مواجهتها؟

لا شك في أن القضية الفلسطينية العادلة والتي اكتسحت عدالتها أرجاء العالم، يحتفظ قادة مقاومتها بالحق في في التحالف التكتيكي والاستراتيجي مع أي قوة تتقاطع مع مصالحها العامة، أكانت قطر أو مصر ولما لا إيران؟

إلا أن إيران بتصرفاتها، تجاه إسرائيل أو دول الخليج أو الشرق الأوسط بشكل عام، تطرح أكثر من سؤال حول طبيعة وحقيقة نواياها. إيران تمثل كيانا قوميا فارسيا معاديا للمنطقة العربية التي تربطها معها حدودا برية وبحرية.

فهي الدولة التي تحالفت مع الولايات المتحدة وشاركتها في الاطاحة بالنظام الوطني والقومي العربي في العراق. وهي الدولة التي تحتل منطقة الأحواز العربية وجزر تابعة للإمارات العربية المتحدة.

تعرف منطقة الشرق الأوسط صراعات تاريخية بين قوميات تبحث عن مكانة متقدمة لها في الجيوسياسة العالمية، وهي القومية العربية المتمثلة في شعوب المنطقة والقومية العثمانية المتمثلة في الجمهورية التركية والقومية الفارسية المتمثلة في إيران والقومية العبرية اليهودية المتمثلة في دولة الكيان الصهيوني الاسرائيلي.

وتتعامل كل هذه القوميات حسب مصالحها وأهدافها وعلى إيقاع موازين القوى التي تتحكم في توجيهها.

دينيا تمثل إيران ما بين 15 و20 في المائة من مسلمي العالم (الشيعة)، والباقي فهم سنة، وفلسطين غالبيتها سنة بما فيها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، فما هي مصلحة إيران في تحرير أرض لحساب أهل السنة الذي تعتبرهم الدولة الفارسية الشيعية من ألذ أعدائها؟

إيران تعلن جيدا أن أي نهضة عربية وأي تحرير عربي شامل لا يمكن أن يكون إلا على حساب نفوذها.

وإلا كيف لدولة من حجم إيران والتي لها حلفاء اقليميين في سوريا ولبنان والعراق، وليست قادرة على دحر احتلال غاشم، منبوذ عالميا لم يستطع حتى الخروج من أوحال وويلات مقاومة تنظيمات في قطاع غزة؟

كل المؤشرات تؤكد أن الصراع الذي تريد إيران أن تديره بمنطق وعملية نقطة/نقطة، يخبئ في الحقيقة، نيتها في التواجد داخل لعبة الشطرنج .

بل أكثر من ذلك تعمل إيران، كل ما في وسعها على إضعاف المنطقة العربية (السنية) بيمينها ويسارها، حتى لا تقوم لها قائمة في المستقبل، وتهدد مصالحها وتقوض مشاريعها.

فتحقيق الأهداف الفلسطينية، في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، والعودة والحرية للأسرى لن تتحقق إلا بالمقاومة الفلسطينية وتضامن الرأي العام العربي والدولي والشرعية الدولية.

ومن يُراهن على خصمه في الدفاع عنه، فهو واهم بلا أدنى شك.