خديجة قدوري
في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والتساقطات المطرية غير المألوفة، أصبحت إدارة الموارد المائية وبناء السدود مسألة حيوية. وتشير الأمطار الاستثنائية التي شهدتها عدد من المناطق إلى الحاجة الملحة لمراجعة استراتيجيات البناء والإدارة المائية.
التساقطات الاستثنائية وبناء السدود.. ضرورة التحليل الطويل الأمد
صرح محمد بازة، الخبير الدولي في الموارد المائية ل"تيلكيل عربي" أنه "في إقليم طاطا، الذي شهد كمية من التساقطات المطرية، يوجد خمسة سدود صغيرة بحجم ‘جمالي للحقينة التخزينية يزيد عن 6 ملايين متر مكعب، بالإضافة إلى سد سادس قيد الإنشاء وهو سد فم زكيد. أما في زاكورة، فيوجد سد كبير يعرف بسد أكدز، وفي مناطق الواحات، يتم أيضا استخدام السدود التحويلية لتحويل ونقل المياه من الأودية إلى الواحات لاستغلالها فيما يعرف بطريقة الري عبر نشر مياه الفيضانات".
وأضاف الخبير الدولي أنه " فيما يتعلق بالنقطة الثانية، فإن التساقطات المطرية الكبيرة التي شهدتها المنطقة هذا العام جاءت بواردات مائية استثنائية، لكن لا يمكن اتخاذ قرار بناء سد استنادا إلى أمطار غزيرة حدثت في سنة واحدة فقط. فعند مراجعة معطيات الأمطار والموارد المائية على مدى الخمسين سنة الماضية في تلك المنطقة أو أكثر، يتضح أن ما حدث هذا العام هو حالة استثنائية. لا يمكن بناء سد وانتظار مئة سنة أو أكثر حتى تتكرر حالة مشابهة".
كما أشار إلى أن "السدود تبنى بناء على واردات مائية عير سنوات طويلة، وليس على أساس أمطار سنة واحدة أو حتى سنتين أو ثلاث. يجب أن تستند الدراسات إلى بيانات طويلة الأمد لضمان فعالية السد. يجب أن يمتلئ السد على الأقل بمتوسط سبع أو ثمان سنوات في كل عشر سنوات ليكون مجديا من حيث المردودية".
استراتيجيات إدارة الفيضانات.. من السدود إلى أحواض التخزين
أفاد الخبير الدولي في الموارد المائية أنه " بالإضافة إلى حجم الواردات المائية وتكرارها الزمني، فإن السدود لا تبنى بشكل عشوائي؛ بل يجب تحديد مواقعها وفقا لمعايير دقيقة وقوانين محددة لضمان فعاليتها وكفاءتها. وعند النظر إلى بعض الوديان التي شهدت فيضانات كبيرة نلاحظ أنها وديان صغيرة تنحدر من الجبال وجد ضيقة لا توجد بها مواقع مناسبة لبناء السدود سواء الصغيرة منها أو الكبيرة".
وتابع بازة، قائلا إن "المناطق تستفيد من مياه الفيضانات بطرق متعددة، حيث لا تقتصر الاستفادة على بناء السدود فقط. في الواحات، تستخدم تقنيات تقليدية لتخزين مياه الفيضانات، حيث يتم إنشاء أحواض في الأراضي لملئها بالمياه أثناء الفيضانات، ثم يسمح للماء بالتسرب داخل التربة إلى الأسفل. هذه الطريقة تتيح تخزين المياه في الأرض على عمق يتراوح بين ثلاث إلى عشرة أمتار، مما يساعد على تشبع التربة بالماء وتوفير مخزون مائي يعتمد عليه لاحقا. هذه التقنية تستعمل في الواحات المتواجدة على طول الوديان، كما يتم أيضا تحويل الفيضانات أو جزء منها إلى الواحات البعيدة على الوديان، مثلما يقع في سبيل المثال، لوادي غريس بتحويل جزء من مياهه الزائدة إلى واحات أخرى في إقليم الراشدية".
ضرورة تجنب البناء في مجاري المياه.. تحليل للأمطار الاستثنائية بطاطا
وذكر محمد بازة، أن " الأمطار التي هطلت مؤخرا كانت هائلة واستثنائية، حيث جاءت بكميات كبيرة جدا خلال فترة زمنية قصيرة. لو قمنا بتحليل هذه الأمطار مقارنة مع تساقطات السنوات الماضية، فقط نجد أن هذه الحالة الاستثنائية تحدث مرة كل 200 أو 300 سنة أو أكثر في منطقة طاطا، بينما المعدل السنوي للأمطار يبلغ 60 ملمتر، تم تسجيل 170 ملمتر في غضون 24 ساعة، حسب بعض المصادر غير الرسمية، مما يشير إلى تجاوز المعدل السنوي بشكل كبير".
وأوضح أن "هذا يبرز الحالة الاستثنائية للأمطار، مما يستدعي اتخاذ تدابير تأهب فعالة. إذ من الضروري تجنب البناء في مجاري الوديان سواء الصغيرة أو الكبيرة وكل المواقع المهددة بالفيضانات. كما يجب تصميم المباني لتكون مقاومة للأمطار الغزيرة والعواصف لضمان السلامة والاستدامة، بالإضافة إلى البنية التحتية الأخرى من طرق وقناطر وغيرها التي يجب أيضا أن تكون مقاومة للفيضانات".