خديجة قدوري
يواصل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في المغرب إلقاء ظلاله على القدرة الشرائية للمواطنين، حتى أصبحت الأسر تجد نفسها مضطرة للتعامل مع قطاع اقتصادي صعب في ظل استمرار تسجيل الأسعار لمستويات قياسية، وعلى الرغم من الجهود الحكومية لدعم علف الماشية وتحفيز الاستيراد، فإن هذا الارتفاع المستمر يثير تساؤلات حول فعالية هذه التدابير وقدرتها على تحقيق الاستقرار في سوق اللحم.
وفي هذا السياق، قال عبد الحق البوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي، إنه " مع كل موجة ارتفاع جديدة في أسعار اللحوم، يعقد السيد وزير الفلاحة اجتماعات مع مهنيين من أجل الوصول إلى بعض الحلول، ومع ذلك، تظل المخرجات متكررة دون تحقيق النتائج المرجوة، حيث تركز هذه الحلول على دعم الشعير وأعلاف الأبقار الحلوب، ورفع الرسوم على الأبقار المستوردة إلى آخره، لكن للأسف لم يتم حتى الآن التوصل إلى حلول فعالة توقف هذا الارتفاع المستمر في الأسعار، مما يزيد من معاناة المواطنين والمربين على حد سواء".
وأوضح البوتشيشي ل"تيلكيل عربي" أن "هذا الوضع يعكس عجز الحكومة عن تقديم حلول جذرية، حيث تبقى التدابير المتخذة مجرد تدبير لأزمات مؤقتة دون نتائج ملموسة، وهذه الحلول التي تبنتها وزارة الفلاحة أدت إلى ظهور فئة جديدة من المستوردين الذين يستغلون موجة استيراد الأغنام والأبقار للاستفادة من الدعم المخصص، مما يفاقم المشكلة بدل حلها".
وتساءل الكاتب رئيس الجمعية الوطنية عن "جدوى مخطط المغرب الأخضر، مشيرا إلى أن أسعار اللحوم كانت قبل هذا المخطط لا تتجاوز 50 درهما، أما الآن، ورغم الميزانيات الضخمة المخصصة لهذا القطاع، فقد ارتفعن الأسعار إلى مستويات خيالية تصل 130 درهما وأكثر، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذا المخطط في تحسين واقع القطاع".
وتابع البوتشيشي، قائلا "وجب علينا أن نتساءل حول من يمثلون المهنيون الذين يجتمعون مع السيد الوزير، فإذا كانت الاقتراحات التي يخرج بها الوزير تستند إلى اقتراحاتهم، فمع كامل الأسف، فهؤلاء المهنيين بعيدون كل البعد عن واقع القطاع ومشكلاته الفعلية".
وذكر المتحدث أنه "لا يمكن أن نجد الحل بدون تشخيص دقيق وعميق ونابع من المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع، فمخطط المغرب الأخضر، أسفر عن خلق تنظيمات مهنية فيدرالية بيمهنية، فبالنسبة لقطاع اللحوم نجد الفيدرالية البيمهنية لإنتاج اللحوم الحمراء، الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، الفدرالية البيمهنية لإنتاج الحليب (MAROC LAIT)، الفدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن، الفدرالية البيمهنية لقطاع النحل، ومع كامل الأسف فنحن لا ننتج حتى 20 بالمائة من إنتاج العسل".
وكشف البوتشيشي أن " 50 بالمائة من الجزارة قاموا بإغلاق محلاتهم، وعند التحدث عن هذا العدد من الجزارة، فنحن نتحدث عن العديد من العائلات التي تأثرت، بشكل مباشر، كما وجب إحصاء الضيعات التي كانت تعمل في الماضي، وأصبحت اليوم مغلقة. أغلب الضيعات التي كانت مخصصة لإنتاج الحليب فقد أغلقت أبوابها اليوم، وهناك كذلك بعض الضيعات التي كانت مخصصة لتسمين العجول أغلقت كذلك أبوابه، إلى جانب تشرد عدد كبير من اليد العاملة في المجال القروي".
وأشار إلى أن " التوجيهات الملكية السامية حول ضرورة خلق طبقة وسطى في العالم القروي لم تؤت ثمارها بشكل ملحوظ، إذ إن التدابير والميزانيات الكبرى التي خصصت لمخطط المغرب الأخضر، لم تترك تأثرا إيجابيا يذكر على مستولا "الكسابة" أو المستهلك، حيث يشهد القطيع الوطني تراجعا ملموسا، والمخزون الاستراتيجي للقطيع في وضع حرج ومهدد".
وأفاد أنه "لا يمكن أن نغذي الأبقار فقط بالأعلاف المستوردة، حيث أننا نستورد حتى التبن، والفصة، والصوجا، والذرة، والشعير، وفرينا كذلك نقوم باستيرادها. فمع هذا الكم الهائل من الاستيراد، كيف يمكن أن نتصور مستقبلا واعدا لقطاع الإنتاج الحيواني؟".