خديجة قدوري-صحافية متدربة
تعد السياحة ركيزة أساسية لتعزيز تدفق العملة الصعبة، وقد أفادت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن عائدات السياحة من العملة الصعبة وصلت 59.4 مليار درهم بين يناير ويوليوز 2024، بزيادة 3,5 بالمائة مقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2023 وذلك خلال الاجتماع الأسبوعي للمجلس.
52 في المائة من السياح مغاربة العالم
و في هذا الإطار، صرح الزوبير بوحوت، خبير في القطاع السياحي لـ"تيلكيل عربي" قائلا "يجب أن نسجل ملاحظة أساسية حول الأرقام الخاصة بالثمانية أشهر الأولى من عام 2024، حيث بلغ عدد الوافدين 11 مليونا و800 ألف، منهم 5 ملايين و 700 ألف سائح دولي. أما مغاربة العالم فقد شكلوا 6 ملايين و100 وافد، مما يعني أنهم يمثلون 52 بالمائة من إجمالي الوافدين خلال هذه الفترة".
وأكد بوحوث أنه "وعلى الرغم من هذا التطور، إلى أن هذه النسبة الكبيرة لمغاربة العالم تبقى نقطة سلبية، تعكس ضعف استقطاب السياح الدوليين مقارنة بعدد الوافدين من الجالية".
ارتفاع عدد السياح يقابله نمو محدود في مداخيل العملة الصعبة
وقال الخبير السياحي إن "ما ينبغي أن نركز عليه أكثر في الوقت الحالي هو مداخيل العملة الصعبة، فقد أظهرت الأرقام المتوفرة حتى نهاية يوليوز 2024 زيادة بنسبة 15 بالمائة، في عدد الوافدين خلال الأشر السبع الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2023".
وكشف المتحدث أن "ليالي المبيت شهدت ارتفاعا بنسبة 8 بالمائة فقط، بينما أظهرت مداخيل العملة الصعبة، وفقا للبيانات التي وفرها مكتب الصرف، زيادة بنسبة 3,5 بالمائة، وهنا نجد خللا واضحا؛ ففي الوقت الذي حققنا فيه زيادة بنسبة 15 بالمائة في عدد الوافدين، لا تزال مداخيل العملة الصعبة ترتفع بنسبة 3,3 بالمائة، فقط لذا يجب أن يكون المؤشر محور اهتمامنا لتطويره وتحسينه".
تراجع معدل إنفاق السياح
وأوضح بوحوث أنه "في التقرير الأخير حول الأنشطة الاقتصادية في المغرب الذي أعده البنك الدولي، لوحظ أن هناك تراجع في معدل الإنفاق حسب الزبائن، حيث انخفض ما كان ينفق من 7500 درهم بين عامي 2000 و2010 إلى حوالي 5600 درهم في سنة 2023. لذا فإن هذا المؤشر بالتحديد هو ما يجب أن نركز عليه أكثر، لضمان تحقيق أداء جيد على مستوى عدد الوافدين في جميع الأسواق، بالإضافة إلى ليالي المبيت ومداخيل العملة الصعبة".
وذكر بوحوث أن "الرهان الحقيقي والكبير، الذي نواجهه اليوم هو استقطاب الأسواق الكبرى مثل الصين والهند والبرازيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، واليابان، وكوريا الجنوبية، التي تتمتع بدخل مرتفع وسكانها يسافرون بكثرة. هذا الأمر يتطلب استراتيجية طويلة المدى للنقل الجوي، وهو ما لا يمكن تحقيقه فقط من خلال الشركة الوطنية. إذ إن النقل الجوي منخفض التكلفة مرتبط بشركات الطيران التي حققت تطورا كبيرا وتستقطب السياح من الأسواق القريبة. لكن بالنسبة للأسواق الأساسية والاستراتيجية البعيدة لايزال أمامنا الكثير من العمل في مجال النقل الجوي بعيد المدى، مما يستدعي تطوير مداخيل العملة الصعبة بشكل أكبر".
النقل الجوي.. العنصر الحاسم في انتعاش السياحة المغربية
وفي سياق متصل، أوضح الخبير السياحي أن "الربط الجوي يمثل العنصر الأساسي الذي ساهم بشكل كبير في هذه الانتعاشة السياحية التي يشهدها المغرب. فقد تضافرت عدة عوامل، منها الترويج السياحي الواسع الذي قام به المغرب، والمشاركة الفعالة في المعارض الدولية، كما أن الإشعاع الذي حققه المغرب بمناسبة مشاركة أسود الأطلس في كأس العالم بقطر، إلى جانب الحضور المتميز في لقاءات دولية أخرى، أسهم في تسليط الضوء على المغرب، مما دفع العديد من الأشخاص إلى البحث والاستكشاف أكثر عن هذا البلد".
كما أشار إلى "ضرورة تجاوز المرحلة الفاصلة بين السائح المحتمل، الذي شاهد أو سمع عن المغرب، والسائح الفعلي الذي نقدم له العروض والخدمات اللازمة داخل البلد. فالعروض السياحية متوفرة، والبنية التحتية والفنادق جاهزة، كما أن السياحة الشاطئية والثقافية والبيئية قائمة ومتاحة. ومن هنا تأتي أهمية الربط الجوي كعامل حاسم في تحويل السائح المحتمل إلى زائر حقيقي".
واختتم حديثه قائلا إن النجاح الكبير يرتبط بشكل وثيق بالنقل الجوي، حيث بدأت الاتفاقيات المتعلقة به منذ عام 2022، وذلك قبل دخول خارطة الطريق حيز التنفيذ. بعد إعادة فتح الحدود في فبراير وأبريل 2022، قام المهنيون، بالتعاون مع المكتب الوطني المغربي للسياحة والمجالس الجهوية، بجولات دولية لتسليط الضوء على أن المغرب وجهة آمنة. هذا الأمر ساهم في إعطاء دفعة قوية للقطاع السياحي، وعندما تم إطلاق خارطة الطريق، كانت نتاج عمل مشترك بين وزارة السياحة والمهنيين، الذين أكدوا على الدور المحوري للنقل الجوي في تعزيز السياحة. لذا، فإن النقل الجوي يظل عاملا أساسيا في هذا النجاح".