مع تزايد الضغط الناتج عن النمو السكاني وتغير المناخ، يصبح من الضروري إدارة هذه الموارد بشكل مستدام لضمان تلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية لذلك فحماية مصادر المياه وضمان وصول الجميع إليها يمثلان تحديا حاسما لضمان الأمن الغذائي والمائي في المستقبل.
في هذا السياق، قال محمد بازة، الخبير الدولي في الموارد المائية، إن "قلعة كبيرة تنشئها الطبيعة لتخزين مياه الأمطار والجداول الصغيرة التي تصل إلى مستواها على تل كبير يشكل الجزء السفلي من سفح جبل، و في أسفل الخزان، على سفح التل، توجد ينابيع مياه طبيعية يَستخدم سكان المنطقة جزءا من مياهها لتلبية احتياجاتهم المنزلية والفلاحية، والمتبقي يتدفق نحو جدول صغير ينحدر من الجبل ويتابع سيره نحو سهل".
وأضاف الخبير الدولي في مقال له تحت عنوان "إفساد قلعة المياه" توصلت "تيلكيل عربي" بنسخة منه، أن "أسفل الجبل توجد ينابيع طبيعية أخرى يتم تصريف جزء من مياهها بواسطة الجدول الذي يتحول إلى مجرى مائي مهم (وادي) ويعبر السهل، والجزء الآخر يُستخدم لتزويد القرى بمياه الشرب وري بعض حقول الفاكهة والخضروات في السهل. كما تنبع مصادر أخرى من داخل السهل ويستخدم السكان مياهها أيضًا. كما أن السكان المجاورون للواد يستخدمون جزءًا من مياهه لتلبية احتياجاتهم أيضا، بينما يتدفق الباقي إلى سد تم بناؤه في جزئه الأسفل من أجل دعم تزويد مدينة كبيرة في المنطقة بمياه الشرب ".
وأوضح أنه " في أعماق السهل، توجد طبقة مائية كانت تحتوي على كمية وفيرة من المياه الجوفية بدأ استغلالهما لتوفير مياه الشرب والري منذ عدة سنوات، وأصبحت مهددة بالانقراض ".
وهنا لفت بازة الانتباه إلى الدورة المائية والارتباط الوطيد بين مكوناتها المشار إليها أعلاه، قائلا: "في الواقع، الخزان الكبير هو الذي يغذي الينابيع الواقعة على سفح التل وهو أيضا المصدر الرئيسي لإعادة شحن طبقة المياه الجوفية المتواجدة في أعماق السهل. كما أن طبقة المياه الجوفية هي التي تغذي بدورها الينابيع الواقعة أسفل الجبل وداخل السهل وتساهم بمعظم التدفق الأساسي للنهر. وبالتالي فإن أي ضرر يلحق بالخزان سوف تكون عواقبه وخيمة على كافة المكونات المائية وعلى خدماتها وفوائدها".
وتابع بازة: "لكن، وللأسف الشديد، ذلك هو ما حدث بالضبط. في عدة مناطق، حيث تم مثلا حفر أعداد كبيرة من الآبار في الخزان لتلبية طلب مساحات شاسعة من الأشجار المثمرة تتم زراعتها على سطح الخزان. وفي الوقت نفسه، يتم توسيع المساحة المروية في السهل إلى الضعف أو أكثر ويتم حفر آبار إضافية لاستغلال طبقة المياه الجوفية للري. هذه التغييرات الكبرى، بما في ذلك تكاثر الآبار وتوسيع المساحات المروية وزيادة مساحات البستنة وزراعة الأشجار، كانت في إطار سياسات رسمية للدولة ودعمتها من أجل الزيادة في إنتاج المنتجات الزراعية. المشكلة هي أن تلك السياسات لم تأخذ في الاعتبار بشكل صحيح توفر المياه في ذلك الوقت وبعده".
وأشار إلى أن "التغيرات المناخية لا تزال في أطوارها الأولى في بعض المناطق التي عرفت هذه النتائج، لكن من المنتظر أن تشتد تأثيراتها، وفقا للتوقعات. لكن وكما رأينا للتو، فإن ما حدث فيها جعلها للأسف شديدة الهشاشة بكل المخاطر المحتملة".
واختتم مقاله متحدثا عن النتائج التي أدت إليها تلك الأخطاء، قائلا: "الأنشطة البشرية المشار إليها أعلاه كانت لها عواقب وخيمة بما فيها تجفيف كل من الينابيع الطبيعية والجريان الأساسي للوادي وطلقة المياه الجوفية، بالإضافة إلى تجفيف أما الأشجار فقد جفت أيضا عدة مناطق".