قراءات ودلالات برنامج زيارة ماكرون وخطابه أمام البرلمان ومحادثاته مع الملك

بشرى الردادي

اعتبر محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بدعوة من الملك محمد السادس، والتي ستمتد لثلاثة أيام، ستمنح زخما جديدا للعلاقات المغربية الفرنسية، وتعكس توالي اللحظات القوية والدالة في مرحلتها الجديدة، وستمكن من إبراز المظاهر المتنوعة للصداقة الفريدة بين البلدين.

التاريخ والشرعية

وأوضح بودن أن الزيارة، من حيث أهميتها كزيارة دولة، وقيمتها من حيث النتائج المرتقبة، وتوقيتها بعد أقل من ثلاثة أشهر من تعبير فرنسا عن موقفها التاريخي بخصوص سيادة المغرب على صحرائه، وفي سياق الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية والذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، ومناقشة مجلس الأمن لقرار أممي جديد بشأن ملف الصحراء المغربية، تضع العلاقات على نقطة تحول تاريخية في أفق ثلاثين عاما القادمة. ومن دون شك، ستترجم الدعم المتبادل بين الرباط وباريس بشأن القضايا المتعلقة بمصالحهما واهتماماتهما الأساسية. كما ستحمل هذه الزيارة تأكيد فرنسا وقوفها على الجانب الصحيح من التاريخ والشرعية في ملف سيادة المغرب على صحرائه.

خطاب ماكرون

وبخصوص الرمزية السياسية لإلقاء ماكرون خطابا خلال جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان، يوم غد الثلاثاء، سجل المحلل السياسي أن هذا تقليد متعارف عليها دوليا، حينما يتعلق الأمر بضيف كبير لبلد ما، وقد سبق لرؤساء دول أن قاموا بتوجيه خطاب في البرلمان المغربي. وفي المقابل، سبق لملوك المغرب أن قاموا بتوجيه خطب في برلمانات دول أجنبية صديقة وشقيقة.

وتابع أنه بالنسبة للمغرب، فالمسألة مؤطرة دستوريا بمقتضى الفصل 68، ومن المؤكد أن إلقاء ماكرون لخطاب خلال جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان يعكس عمق وخصوصية العلاقات بين البلدين، مضيفا أن فرنسا تمثل، اليوم، أكبر الداعمين لسيادة المغرب على صحرائه، وتشهد بالقيادة الاستثنائية للملك محمد السادس وبأجندته الإصلاحية.

التخطيط والبناء معا

وبخصوص ما يمكن توقعه من هاته الزيارة، بالنظر إلى ما يتضمنه برنامجها، اعتبر بودن أن الزيارة سترمز إلى نجاح البلدين في فتح فصل جديد من تاريخ العلاقات الثنائية، وستعزز نموذجا للعلاقات، في أفق السنوات القادمة. كما أن الزيارة، من خلال الاتفاقيات التي سيتم توقيعها، والبيان المشترك الذي سيصدر عقب اختتام الزيارة، ستعزز الجسور الثلاثة للعلاقات المغربية الفرنسية؛ وهي جسر التاريخ والقيم المشتركة، وجسر العلاقات الاقتصادية، وجسر المستقبل.

وأضاف المتحدث نفسه: "وبالتالي، فالمغرب وفرنسا عازمان على للتخطيط والبناء معا، وتحقيق المنفعة المتبادلة معا في القطاعات الواعدة وفي مختلف الاستحقاقات القادمة، لاسيما تنظيم المغرب لمونديال 2030".

الإعلام الفرنسي

وحول تعليقه على طريقة مواكبة الإعلام الفرنسي للزيارة، أكد المحلل السياسي أن هذه الزيارة تحظى باهتمام فرنسي مكثف على جميع المستويات، من وسائل الإعلام، إلى مجتمع الأعمال، إلى الطبقة السياسية، إلى الرأي العام، مرورا بالجاليتين المغربية والفرنسية. كما تتضح أهمية الزيارة بالنسبة لفرنسا من خلال الوفد الكبير الذي سيرافق ماكرون إلى المغرب. وبالتالي، فإن هذه الزيارة سيكون لها صدى في البلدين والعديد من العواصم والمنتديات في العالم.

غزة

وحول ما إذا كان يتوقع أن يتباحث الملك مع الرئيس الفرنسي حول الوضع المتأزم في غزة، رد بودن في تصريحه لـ"تيلكيل عربي": "أتصور أنه سيتم، بالإضافة إلى القضايا الثنائية، التطرق إلى قضايا دولية وإقليمية، لاسيما الوضع في الشرق الأوسط، وخصوصا الوضع في غزة وفي لبنان".

وتابع المحلل السياسي أنه بإمكان البلدين، بما يملكانه من مكانة دولية ودور تاريخي، أن ينبها إلى خطورة استمرار انزلاق الوضع في المنطقة، وكذلك، الدعوة إلى تخفيض التصعيد، مشيرا إلى أن المغرب لا يفوت مثل هاته المناسبات البارزة، للتأكيد على مواقفه الثابتة والمتأصلة، من منطلق رئاسة الملك للجنة القدس، ومن منطلق الوشائج التي تجمع المملكة المغربية بدول المنطقة.

وأضاف المتحدث نفسه أن فرنسا مهتمة، بدورها، بالوضع في الشرق الأوسط، وساهمت، بجهود واضحة، في التحركات الدولية على هذا المستوى.

وختم بودن تصريحه بالقول: "لذلك، أعتقد أن الموضوع يحظى بمتابعة واهتمام البلدين. وبلا شك، ستكون هناك آراء ومواقف متقاربة، إن لم أقل، متطابقة، بشأن الدعوة إلى وقف إطلاق النار والتصعيد، وتجنب انزلاق الأمور إلى مساحة أوسع".