أكدت النقابة الوطنية للتعليم العالي التزامها الراسخ بقضايا الوطن، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية، مجددة دعمها الكامل للسيادة الوطنية والحفاظ على سلامة أراضي المملكة، وتأكيدها أن قضية الصحراء المغربية ستظل قضية مركزية لكل مكونات المجتمع.
ودعت النقابة، في مخرجات مؤتمرها الوطني الثاني عشر، المنعقد بمدينة بوزنيقة، أيام 18 و19 و20 أكتوبر2024، إلى استغلال كل الوسائل الدبلوماسية الموازية، من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في السنوات الأخيرة في تدبير هذا الملف، والسعي إلى تحقيق مزيد من النجاحات في هذا النزاع المفتعل، والعمل على أن يكون الحل في إطار سلمي متفاوض حوله، بما يضمن تحقيق الحكم الذاتي في ظل السيادة الوطنية الكاملة للمملكة المغربية، كخيار استراتيجي لإنهاء النزاع وتثبيت الاستقرار في المنطقة.
الجائحة والبحث العلمي
أشار المؤتمر إلى تأثير جائحة "كوفيد-19" على النظام الصحي والاقتصادي في البلاد، مشددا على أهمية استخلاص الدروس من هذه الأزمة، من خلال تحسين جودة الخدمات الصحية، وضمان توفير الموارد الضرورية، لمواجهة أي طوارئ صحية مستقبلية، والاستثمار في البحث العلمي، وتقوية الإنفاق العمومي عليه، من خلال رفع نسبته في الناتج الداخلي الخام، باعتباره دعامة أساسية للتنمية الحقيقية.
التحديات الاقتصادية
وأعرب المؤتمر عن قلقه من التداعيات السلبية للنظام الاقتصادي العالمي النيوليبرالي على الاقتصاد الوطني، والذي يعمق الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ويفاقم الأزمات الداخلية، من خلال تدني مستوى الخدمات العمومية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع الأسعار، وانتشار اقتصاد الريع والاحتكار المستشري في بلادنا، بالإضافة إلى الزواج غير الشرعي بين السلطة والثروة، والمفضي إلى تضارب المصالح في انتهاك واضح لمبادئ الليبرالية الاقتصادية المعلنة رسميا.
واعتبر المؤتمر أن تحقيق الإقلاع التنموي لبلادنا يمر، حتما، عبر القطع مع هذه السمات المميزة للاقتصاد الوطني، ويستلزم وضع سياسات عمومية تضمن العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وتوفر العيش الكريم لكل المواطنين.
البطالة وتراجع الخدمات العمومية
واعتبر المؤتمر أن استفحال ظاهرة البطالة، خصوصا لدى الوافدين السنويين الجدد من الشباب على سوق الشغل والمجازين منهم على وجه التحديد، نتيجة حتمية للسياسة المتبعة في المجال الاقتصادي، كما سبق التطرق لها أعلاه، والمجال الاجتماعي عبر تراجع الدولة عن دعم القطاعات العمومية، وخاصة التعليم والصحة.
وتابع المؤتمر أن التمادي في الامتثال للإملاءات المالية الدولية، والتي تزيد في تعميق الهوة والشرخ الاجتماعي، والإمعان في اتباع السياسات التي تستهدف الطبقة الوسطى، من خلال الإجهاز على قدرتها الشرائية، وتملص الدولة من مسؤولياتها في رعاية المرافق العمومية الإستراتيجية، بما فيها التعليم والصحة والسكن والتشغيل، وتفضيلها خيارات الخصخصة التي تتنافى مع خدمة المصلحة العامة، هي سياسات فاشلة تهدد استقرار وتماسك المجتمع.
الاحتجاجات المشروعة
من جهة أخرى، أعرب المؤتمر عن تضامنه مع النضالات التي تخوضها مختلف شرائح المجتمع من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، مدينا التراجع عن المكتسبات الحقوقية الجزئية التي تحققت بفضل نضالات الحركة الديمقراطية والحقوقية ببلادنا؛ حيث أوضح أن هذا التراجع يتجلى في الاستهداف الممنهج للحريات العامة، وتفعيل المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات السلمية والمطالب المشروعة.
وضم المؤتمر صوت النقابة الوطنية إلى المركزيات النقابية الرافضة لمشروع القانون المتعلق بالإضراب، والذي يعكس، في واقع الأمر، الإرادة التحكمية لأرباب العمل وللحكومة في الإجهاز على ما تبقى من حقوق الشغيلة، وخاصة حقها في النضال من أجل العيش الكريم.
وأدان المصدر نفسه التضييق على الحريات العامة عبر التماطل، بل والحرمان من الحصول على وصول الإيداع لفائدة عدة جمعيات وتنظيمات.
كما أعرب عن قلقه الشديد من الأوضاع التي تعيشها كليات الطب والصيدلة، داعيا الحكومة إلى الإسراع بإيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة، حفاظا على التكوين الطبي العمومي.
زلزال الحوز
وأشاد المؤتمر بروح التضامن الوطني والمجهودات التي بذلت في أعقاب زلزال الحوز، والفيضانات الأخيرة بالمملكة، مؤكدا ضرورة تحسين الاستعداد لمواجهة الكوارث الطبيعية، من خلال الاستثمار في البنية التحتية البيئية، وتعزيز وسائل الإغاثة والتدخل السريع.
كما دعا إلى الإسراع بإعادة إسكان الضحايا، وخاصة ونحن على أبواب فصل الشتاء، وإلى إدراج القضايا البيئية في السياسات العمومية، والتركيز على التصدي لآثار التغير المناخي، والتخفيف من انعكاساته السلبية على الفئات الهشة.
صعود التيارات اليمينية
وأعرب المؤتمر عن قلقه من تصاعد قوة التيارات اليمينية المتطرفة في الدول الغربية، التي تروج لسياسات التمييز والكراهية ضد المهاجرين والأقليات، مؤكدا أن هذه التيارات تتناقض مع مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية؛ مما يستدعي التصدي لها بكل الوسائل الممكنة.
كما حمل المؤتمر المسؤولية لحكومات دول الجنوب المتخاذلة في الدفاع عن مواطنيها في دول المهجر، وعدم اعتماد الندية في التعامل مع دول العالم الغربي في صون كرامة المواطنين.